وصف المدون

اليوم


ازدياد عدد اللاجئين وذوي الأصول المهاجرة خلال السنوات الأخيرة في ألمانيا، أعاد الحيوية والحدة أيضا للجدل حول الاندماج في المجتمع سواء بين الألمان أو المهاجرين. وفي هذا السياق أصبح هناك اختلاط أيضا بين المهاجرين الجدد والفئات الأخرى في المجتمع سواء من المهاجرين الآخرين أو الألمان. وطبعا الاختلاط لا يقتصر على الرجال فقط وإنما يشمل النساء أيضا ومن الطرفين، وتقارب في المشاعر والميل إلى الطرف الآخر والانجذاب إليه والتفكير في الارتباط به.

وبالنسبة للمهاجرين من بلدان إسلامية وعربية، لا تجد فكرة ارتباط الرجل بألمانية أو امرأة مهاجرة من بلد آخر معارضة، ولكن أن ترتبط فتاة عربية مثلا برجل ألماني، فقد تواجه مصاعب متعددة تحد كثيرا من فرص تتويج الارتباط بنهاية سعيدة وبدء حياة جديدة. وللوقوف على ذلك ومناقشته، التقى مهاجر نيوز مع عدة فتيات عربيات كانت وسألهن عن تجاربهن ونتائجها التي كانت مختلفة.

ارتباط مسلمة برجل مسيحي؟

عبر شاب ألماني عن إعجابه بالمصرية نرمين ورغبته في التعرف عليها بهدف الارتباط، واعترفت نرمين لمهاجرنيوز أن ما دفعها للموافقة على لقائه وخوض التجربة معه بالرغم من إدراكها لصعوبة الأمر، هو مزيج من "الإعجاب بفكرة تقسيم المسؤوليات والأدوار بشكل عادل بين الزوج والزوجة، بالإضافة إلى الفضول والاحساس بالوحدة".

وتقول نرمين، أن التخوف الأكبر بالنسبة إليها قبل خوض التجربة متعلق بالدين الذي "لا يسمح لي بالارتباط برجل غير مسلم وأنا لن أستطيع الاكتفاء بالزواج مدنيا من رجل مسيحي. فهذا لن يحقق لي الراحة والسعادة، بل سأشعر وكأني أخدع نفسي".

وبالرغم من أن الشاب الألماني أخبرها باستعداده لاعتناق الدين الإسلامي في حالة اتفاقهما على الارتباط بشكل رسمي، أدركت نرمين لاحقا أن الأمر أكبر من مجرد عقد زواج، على حد تعبيرها، فبعد "بضعة لقاءات تأكدت من صعوبة أن يفهم ويتقبل ديني خاصة وأنه غير مؤمن بالأديان إطلاقا وهو ما سيتسبب في كثير من الحساسية بيننا".

اعتراض الأسرة!

الفلسطينية سماح ربما تكون أكثر حظا فيما يتعلق باختلاف الدين، لكنها تواجه مشكلة كبيرة مع أسرتها التي لم تنجح حتى الآن في إقناعها بفكرة الارتباط برجل أوروبي. وتقول سماح لمهاجر نيوز: "لم أكن أسعى للارتباط برجل ألماني أو أوروبي، فما حدث ببساطة أنني تعرفت على رجل ووجدته مناسبا لي، إذ أنني لم أجد الشخص المناسب بين من تعرفت عليهم من الشباب العرب".

المشكلة الأولى التي واجهت سماح كانت مع أفراد أسرته لأنهم محافظون جدا واستغرق الأمر فترة طويلة ليدركوا مدى "جدية" ارتباط ابنهم بفتاة فلسطينية، فضلا عن حاجز اللغة لعدم قدرتهم على الحديث بأية لغة سوى الألمانية.

أما بالنسبة لأسرة سماح، والتي تشعر بأن ارتباط ابنتهم برجل ألماني يعني ابتعادها عنهم، فقد عبرت صراحة عن تخوفها الكبير بشأن ما يمكن أن يحدث إن قررت سماح الانفصال بعد الزواج حيث تقول: "ربما سيكون الأمر أصعب لأني غريبة هنا بدون أهلي، ولكن القوانين هنا أفضل وأكثر ضمانا لحقوقي مقارنة بالقوانين المطبقة في بلدي".

كثيرا ما تقف العائلة والدين عائقا أمام ارتباط الفتاة العربية بشاب ألماني أو أوروبي آخر

عقبات قانونية

وفي حوار أجراه مهاجر نيوز مع الباحثة الاجتماعية ومؤسسة مركز "الدار" لرعاية الأسرة العربية في برلين، رينيه غماشي أبوالعلا، أشارت إلى أنه منذ بدء وصول اللاجئين العرب إلى ألمانيا قبل أكثر من أربعين عاما، من الملاحظ أن كثيرين من ذوي الأصول العربية "يتقبلون فكرة ارتباط بناتهم بشاب ألماني طالما وافق على اعتناق الإسلام وعقد القران لدى شيخ".

إلا أن أبو العلا تحدثت عن تعقيدات قانونية تترتب على هذا النوع من الزواج، إذ أن "عقد القران لدى الشيخ لا يعد رسميا كما هو الحال بالنسبة للزواج الكنسي، والذي لا يحق للقس عقده إلا بعد إتمام الزواج المدني أمام الدوائر المختصة، الأمر الذي لا يلتزم به الشيوخ حتى الآن، وهكذا يتم تسجيل الأولاد على أنهم لوالدين غير مرتبطين بعقد زواج".

كما لاحظت أبو العلا من خلال عملها في السنوات الأخيرة ازدياد حالات هذا النوع من الزواج بين الفتيات العربيات والشباب الأتراك، وتشير إلى أن ذات المشاكل تظهر من جديد عقب موجه النزوح الأخيرة من سوريا وغيرها من دول الشرق الأوسط.

ووفقا للقانون الألماني، ما يتم طلبه من أوراق عند زواج الأجانب هو ذاته ما يُطلب من الألمان ما عدا استمارة إضافية واحدة حيث يحتاج غير الألمان إلى ما يسمى بـ " Ehefähigkeitszeugnis" أي شهادة تؤكد على عدم وجود عوائق قانونية أو غيرها أمام الزواج. ويمكن الحصول على هذه الشهادة بتقديم طلب عبر الجهة المختصة في البلد الأصلي أو بسفارة البلد في ألمانيا، كما جاء على موقع Handbookgermany المُتخصص في تقديم نصائح ومعلومات بشأن الحياة في ألمانيا.

وإذا كان الحصول على تلك الوثيقة غير ممكن، كما هو الحال عندما يكون الشخص عديم جنسية أو غير قادر على زيارة بلده بسبب وضعه كلاجئ ، يمكن حينها تقديم طلب إعفاء من شرط التصريح ذلك للمحكمة من خلال مكتب السجل المدني المختص.

وهناك أيضا إمكانية لتسجيل الزواج في دولة خارج ألمانيا، كالدنمارك على سبيل المثال، وهو ما يراه بعض الأجانب المقيمين في ألمانيا أمرا أسهلا لعدم الحاجة إلى تقديم الكثير من الوثائق مقارنة بتلك المطلوبة في ألمانيا. ولكن عند تسجيل الزواج بالخارج، يجب إعادة تسجيله مرة أخرى في ألمانيا عبر تقديم طلب للحصول على شهادة زواج من مكتب السجل المدني المعني حتى يصبح رسميا في ألمانيا.

نهايات سعيدة؟

وعن فرص نجاح ارتباط الفتاة العربية برجل ألماني، إن تمكن الإثنان من تجاوز كل العقبات السابقة، ترى أبو العلا أنه لا توجد قاعدة ثابتة يمكن من خلالها توقع احتمالات نجاح أو فشل علاقة ما حيث يتوقف الأمر على "عمرهما والمستوي التعليمي الذي وصلا إليه والنضج الاجتماعي الذي يتمتعان به".

وتؤكد أبو العلا على أن رد فعل عائلات الفتيات العربيات هو الأهم، إذا تتراوح ردود الفعل ما بين "الرفض الشديد المطلق والقبول بالأمر الواقع والتعايش معه". وتشير أبو العلا إلى أن "العمل على إيجاد حلول وسط تتضمن بعض التنازلات من جميع الأطراف هو الوسيلة الوحيدة لتخطي هذه المرحلة سواء انتهت بالزواج أو الانفصال".




مهاجرنيوز


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button