وصف المدون

اليوم



5 سنوات وما يزال أثر القصة لم ينته، كيف لا وهي من أبشع الحوادث التي وثقت في عصر الهجرة الحديث، سيارة أغذية مركونة على الطريق السريع في قرية بارندورف في بورغنلاند شرق النمسا، في أواخر آب 2015، تفتح الشرطة الأبواب، فتجد 71 جثة، بينها 59 رجلاً، و8 نساء، و4 أطفال من جنسيات سورية وأفغانية وعراقية، حاولوا الفرار من بلدانهم، تجاوز حدود المجر بغرض الدخول إلى النمسا، لكن رحلتهم انتهت بمأساة لم تكن الأخيرة للأسف فيما يخص اللاجئين.

بحسب التقرير الطبي لخبير نمساوي، لم تظهر على الضحايا أي إصابات داخلية أو خارجية، ووفقًا للدراسات فمن الواضح أن نقص الأكسجين هو سبب الوفاة، كما عثر على عدة جثث عارية صدورها دون جوارب وأحذية.

بعد هذا الحادث المأساوي الذي أسفر عن مقتل 71 شخصاً خنقاً، لوحق المهربون وتم إلقاء القبض على أغلبهم، واستمرت محاكمتهم لسنوات ووجهت اتهامات إلى 14 رجلاً، اثنان يحملان الجنسية الأفغانية، و11 رجلاً بلغارياً، وواحد بلغاري لبناني. وبحسب لائحة الاتهام ، فإن سامسوريمل لهو ، 30 عاماً، كان هو زعيم عصابة المهربين.

وحكمت المحكمة على المهربين الأربعة الأساسيين في تنظيم رحلة الموت بالسجن المؤبد، كما حكم على الباقين بتهم تهريب البشر بمددٍ تتراوح مابين الأربع والثماني سنوات، كما أنه حكم على رجلين لم يتم القبض عليهما حتى الآن، من الأربعة عشر رجلاً، بحكم غيابي بثماني سنوات سجن.

أما عن الدليل الأهم الذي استخدمه الادعاء ضد المجرمين فقد كان سجلات التنصت الخاصة بالشرطة المجرية، لما جرى من مكالمات صوتية فيما بينهم ليلة وقوع الجريمة، ويتضح من التسجيلات أن جميع أفراد العصابة كانوا على دراية بالعذاب الذي حدث في عنبر البضائع في الشاحنة المبردة، عندما طرق الرجال والنساء والأطفال جدران الحاوية، وحاولوا يائسين فتح الأبواب المقفلة أو شق الثقوب في الجدران.

ونقلاً لما أجاب به رئيس العصابة للسائق الذي نقل إليه شكوى المحصورين داخل الخزان وحاجتهم للتنفس وشرب الماء، رد عليه رئيس العصابة قائلاً :"لا تفتح الأبواب مهما حصل، حتى لو ماتوا جميعاً، فهم حثالة! عندما يموت الجميع اتركوهم في غابة ما في ألمانيا".

الصادم في ما بعد الحدث هو استمرار عمل العصابة حيث أن معلومات أمنية تقول إنهم نفذوا عدة عمليات تهريب أخرى شملت حوالي 1200 لاجئ.

ووفقاً للخبراء فإن استخدام هذه النوع من الحاويات للتهريب مفضل لدى العصابات لما تكون عليه القشرة الخارجية من صلابة وسماكة تمنع الأصوات وحتى إشارات الهاتف وتتبع الموقع عبر الأقمار الاصطناعية.

وفي هذا الشأن كان أخصائي علم الأمراض بالمحكمة قد أفاد المحكمة بأن الحالة العقلية للمتهمين الأول والثاني والثالث والرابع ليس حولها أي مشكلة، بل كانوا يمتلكون كامل قواهم العقلية وقت ارتكاب الجريمة، وكان بإمكانهم تقييم عواقب أفعالهم بدقة.

وتم العثور في الـ 27 من آب عام 2015 على الشاحنة متروكة على جانب الطريق السريع في ولاية بورغنلاند قرب الحدود النمساوية الهنغارية، وبعد انتشار الصور في العالم حركت القضية الرأي العام، وقال الباحث الألماني، ميشائيل هالر، عن الصور إنها كانت قمة الصور المرعبة عن مأساة اللاجئين ومعاناتهم، من العطش والجوع خلال رحلة اللجوء عبر دول البلقان.

وفي حزيران العام الفائت أنقذت الشرطة المجرية 16 مهاجراً غير شرعي، كانوا على وشك الموت اختناقاً خلال اختبائهم في صندوق سيارة مغلقة، كانت تقلهم من المجر إلى النمسا، وقالت وكالة الأنباء المجرية، نقلاً عن مكتب المدعي العام، إنه تم توقيف شخصاً رومانياً
بتهمة تهريب البشر في صندوق سيارة مغلقة، مشيرة إلى أن المهاجرين حاولوا تحذير السائق أنهم على وشك الموت اختناقاً دون جدوى، خلال رحلة استمرت لساعات طويلة من رومانيا باتجاه الحدود الغربية للمجر.

وفي أيلول عام 2015 وضعت النمسا نقاط مراقبة على الحدود مع جميع الدول التي تحدها، لأسباب أمنية كما وصفها وزير الداخلية النمساوي السابق، هربرت كيكل. وأعلنت وزارة الداخلية النمساوية في تشرين الأول عام 2018 انخفاض أعداد طالبي اللجوء إلى 46 في المئة مقارنة مع الأعوام السابقة، وأشارت إلى ارتفاع عدد من تم سحب حق اللجوء منهم إلى 200 في المئة في الأعوام السابقة، إما بسبب زيارتهم لوطنهم الأصلي، أو بسبب إدانتهم بارتكاب جرائم.



وكالات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button