وصف المدون

اليوم


تتبنى الدول الأوروبية في السنوات الأخيرة سياسة أكثر تشدداً لمواجهة جماعات الإسلام السياسي؛ وخاصة الإخوان المسلمين الذين يتمتعون بوجود واسع في معظم الدول الأوروبية، بالإضافة إلى التنظيمات السلفية وتلك التي صنفتها أوروبا رسمياً إرهابية، مثل تنظيم داعش وغيرها من الجمعيات المرتبطة بشكل أو بآخر بالإخوان إذ تشعر أوروبا بخطر الإخوان وتخشى بشكل رئيسي من “الأسلمة”، خاصة مع تزايد نفوذ هذه الجماعات وانخراطها في الحياة العامة.

اتخذت ألمانيا مؤخراً العديد من الإجراءات للحد من نفوذ الجماعات الدينية وخاصة المصنفة “إسلاماً سياسياً” إذ أصدرت قانوناً يحظر استخدام الرموز والشعارات الدينية التي تمثل عدداً من الجماعات والتنظيمات الدينية مثل الإخوان المسلمين وداعش وغيرهما. كما حظرت عدداً من الجمعيات من بينها جماعة “منظمة أنصار الدولية”، والعديد من المنظمات التابعة لجماعة الإخوان بتهمة انتهاك الدستور الألماني.

وأقر المجلس الوطني في النمسا كذلك قانوناً لمكافحة الإرهاب والتطرف يستهدف تعزيز جهود الدولة لحظر نشاطات التنظيمات الإرهابية وملاحقة مموليها. وأعلنت فيينا أيضا، من قبل، عن إنشاء مركز توثيق الإسلام السياسي، بهدف الكشف عن أيديولوجيات جماعات الإسلام السياسي وشبكاتها واستراتيجياتها وفي مقدمتها جماعة الإخوان.

وشرعت فرنسا هي الأخرى إلى جانب هذه الدول الأوروبية منذ شهور في اتخاذ بعض الإجراءات تحت ما يسمى قانون الانفصالية الذي صادق عليه البرلمان الفرنسي ويستهدف بشكل رئيسي أيضاً جماعة الإخوان، وجهودهم في المراكز الإسلامية في البلاد، وغيرها من الإجراءات التي تم اتخاذها سواء على المستوى الوطني أو مستوى الاتحاد الأوروبي.

ويلاحظ أن الإجراءات المتخذة غالبا ما تأخذ صفة العموم إذ لا تخص جماعة بعينها، باستثناء ما تم اتخاذه منذ سنوات وكان يستهدف بشكل خاصة تنظيم داعش، وذلك خلال الفترة التي كان يسيطر فيها التنظيم على مناطق واسعة في العرق وسوريا، وكان يقوم بعمليات إرهابية في أوروبا؛ غير أن هذه الإجراءات في الحقيقة في مجملها – وخاصة التي تم اتخاذها في النمسا وألمانيا وفرنسا – تستهدف بشكل رئيسي الإخوان المسلمين لأن الأوربيين بدأوا يستشعرون خطر هذه الجماعة، لأسباب أهمها:

أولاً، أنها متجذرة وتعد الأقدم ولها الدور الرئيسي في انتشار الإسلام السياسي داخل أوروبا حيث كان المركز الإسلامي الذي أسسه مجموعة من الإخوان المصريين منتصف الخمسينيات من القرن الماضي في ميونخ منطلقا للانتشار في مختلف المدن الألمانية والعديد من الدول الأوروبية.

ثانياً، تمتع الجماعة بوجود قانوني إذ تعمل عادة من خلال جمعيات ومراكز مرخصة من السلطات، وهناك مئات الجمعيات أو “المساجد” التي أسسها أو يملكها أو يديرها الإخوان في أوروبا؛ ورغم القيود التي تفرضها العديد من الحكومات في هذا السياق؛ فإن هذه المركز تنتشر!

ثالثاً، والأهم هو منهج الإخوان إذ يتبنون أساليب فعالة تساهم في استقطاب الشباب. كما يحملون شعار “الوسطية”، ويدعون المسلمين للاندماج في المجتمعات التي يتواجدون فيها، ولكن في الواقع هناك خشية حقيقية من أنهم يسعون لنشر الشريعة بأسلوب لا يساعد القوانين الحالية على الحد منه ما يعتبره الأوروبيون خطراً كبيراً لأنه يقوض الأسس التي تقوم عليها ديمقراطياتهم.

وتعمل الدول الأوروبية في هذا الإطار بهدف تعزيز نهجها للحد من نفوذ الإخوان. كما هناك تحذيرات مستمرة من أن الجماعة تستغل منظمات تحت مسميات مختلفة ثقافية أو خيرية لتوسيع هياكلها ونشر تصورها عن الإسلام السياسي آخرها كان تحذير قوي من هيئة حماية الدستور في ألمانيا من أن الإخوان يقومون بشراء مبان على نحو كبير لتأسيس مساجد أو ملتقيات بهدف نشر الشريعة في البلاد.

إذا يخشى الأوروبيين فعلاً من الإخوان، ربما أكثر من خشيتهم من تنظيمات صنفت عالمياً إرهابية، مثل داعش والقاعدة، لأنهم يرون في المنهج والأساليب التي تتبعها الجماعة، سواءً في العلن أو السر، خطراً على قيمهم ومستقبل أجيالهم.

وكالات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button