وصف المدون

اليوم

”موجة العدوى في اوروبا تقود زعماءها لان يتخذوا قرارات دراماتيكية، دول اخرى ستتبنى القرار الذي اتخذ في فيينا بالزام المواطنين بالتطعم، ولا تظنوا أن هذا سيتجاوزنا“.
Bild: DPA
يديعوت – بقلم سيفر بلوتسكر
بيان المستشار النمساوي عن التطعيم الالزامي لمواطني الدولة ابتداء من شباط القريب القادم هو اشارة اولى تبشر بحلول الربيع او الموجة الاولى التي تبشر بحلول الطوفان، في أعقاب النمسا ستسير دول ديمقراطية وليبرالية أخرى، ولا تظنوا ان هذا سيتجاوزنا، تعريف “مطعم كامل ضد الكورونا” تغير في أثناء السنة، ففقط من تلقى ثلاث حقن التطعيم، أو شفي من الفيروس وتلقى تطعيمين، كما يقرر الآن الأطباء والعلماء يستحق أن يسمى “مطعم كامل”، وبالتالي فان الشرط الضروري لصد الوباء مع معدل عملي من 70 حتى 80 في المئة من المطعمين الكاملين من أبناء 16 فما فوق.

لقد وجدت الفكرة الجديدة تعبيراً صحيحاً في شارة خضراء جديدة، لا تصدر عندنا الا لمن تطعم بحقنة التحفيز بعد نصف سنة من الحقنة الثانية، غير أن عدم الحرص على الشارة والانفاذ المهمل لها يدفع الكثير من الاسرائيليين الى الاستخفاف والامتناع عن الحقنة الثالثة مثابة “ماذا يهمني” فعلى اي حال احد لا يفحص هذا”. والنتيجة هي أن نحو 43 في المئة فقط من سكان اسرائيل ونحو 60 في المئة من عمر 16 فما فوق تلقوا حتى الان حقنة التحفيز. بتعبير آخر، أقل نقاء، فان اكثر من 2.5 مليون اسرائيلي راشد معرضون مرة اخرى للعدوى بالكورونا، للنزول في المستشفيات والموت. وبالنسبة للاعمار الادنى من ذلك، فان حقنتي تطعيم لا تزالان كافيتين، اذا ما اخذنا بالحسبان الفترة الزمنية القصيرة نسبيا من اقرار التطعيمات الاولى لابناء 12 حتى 16 وبالطبع ابناء 5 حتى 11. ولكن هنا ايضا رأي العلم هو انه اذا ما تبين حقا بان المناعة عندهم تخبو، فحقنة ثالثة ستكون محتمة للاطفال ايضا.

في ضوء معطيات العدوى المرتفعة في الاسبوعين الاخيرين يثور التخوف من أن يكون كابينت الكورونا في القدس غفى على اكاليل الغار التي نالها (وعن حق) عندما انخفض معدل المرضى الجدد بين المصابين الى درك اسفل نسبي من 0.6 في المئة ومنحنى العدوى – عدد الاشخاص الذين نقل مريض واحد العدوى لهم في ايام مرضه – انخفض الى 0.7 . ولكن بدلا من التشديد للضغط على المترددين للتطعم للمرة الثالثة (ان لم نقل الثانية) تم عندنا تبني نهج “الاعلام”: الحديث الرقيق وغير الضاغط لاقناعهم. افضل الاطباء صعدوا الى البث، وصفوا بالتفصيل مزايا التطعيم، دحضوا الاكاذيب عن المخاطر، وانهوا حديثهم بالقول ان لكل مواطن الحق في ان يفكر بذاته اذا كان سيتطعم أم لا، ويطعم اولاده أم لا.

هل حقا؟ مثلما انه لاي سائق ان يفكر بذاته اذا كان سيضع حزام الامان في السيارة وان يجلس اطفاله فيها بشكل محمي هكذا لا ينبغي أن يعطى اي مواطن الخيار في أن يتعرض للعدوى وان يعرض ابناءه للعدوى وان ينقل العدوى للاخرين في وباء وحشي يؤدي الى اصابة شديدة جدا بالحياة الاقتصادية، الاجتماعية، وبالحياة بالعموم.

في اسرائيل، كما أسلفنا، تطعم بثلاث حقن 40 في المئة من عموم السكان، وهذا اقل مما ينبغي – ولا يزال، ذروة الذرى في المقارنة الدولية. في تشيلي فقط يقترب عدد المتطعمين مما هو في اسرائيل. في اتحاد الامارات طعم بثلاث حقن 29 في المئة من السكان، في بريطانيا 20 في المئة، في الولايات المتحدة 10 في المئة، في النمسا 10 في المئة، في فرنسا 7.2 في المئة، في اسبانيا 7 في المئة، في ايطاليا 6 في المئة، في المانيا 5.7 في المئة، في الاتحاد الاوروبي 5.3 في المئة وفي روسيا 2 في المئة.

بمعدلات متدنية بهذا القدر من التطعيم الكامل ليس مفاجئا ان يتفجر الوباء هناك بقوة متجددة، وبغضب. واضح اليوم للسلطات الطبية في هذه الدول بانها اخطأت خطأ اليما: كان ينبغي لها أن تقر التطعيم الثالث للجميع، وبالتأكيد ان توصي عليه بلا تردد على الاقل قبل نحو شهر عندما اشارت المعطيات بوضوح الى النجاح الجارف في اسرائيل وفي دول اخرى. ولكنها تلعثمت.

في ظل عدم وجود حل سحري آخر، فان دولة إثر دولة ستتبنى النموذج النمساوي. واجب التطعيم الكامل – الكامل للراشدين وللاطفال. لقد ملت الديمقراطيات دفع ثمن اقتصادي، اجتماعي وصحي باهظ بسبب نكران اقلية غير عقلانية لحقيقة علمية وواجب اخلاقي تجاه العموم. الديمقراطية تقوم على اساس عقد اجتماعي، والعقد الاجتماعي يتفكك عندما يكون للناس، ممن اختاروا لاعتبارات انانية ان يكونا ناشرين للوباء، الحق الذي لا جدال فيه في أن ينشروه. هذا اعطاء رخصة للفوضى، بعدها من شأنه ان تأتي فاشية “المخلص”.

وكالات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button