وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
ولادة متأخرة في سن الاربعين او الستين او العشرين ، حياة جديدة تبدأ بتعلم ابجدية اللغة ، تتحسس وجوه الناس وتضاربس المجتمع ، تتشبث بدائرة انتماء جديدة تقيك وجع التيه ، وتأخذك رويدا نحو الدائرة الاضيق والاقرب للاندماج.

أ. توفيق الحميدي كاتب وحقوقي يمني

الاندماج السياسي الذي يبدأ بحصولك على الجنسية وشعورك بالمشاركة في الاختبار والمحاسبة هو الاندماج الابرز والحقيقي ، تمنحك اللغة انتماء وظيفي او اجتماعي لكنها لا تنمحنك اندماج كامل ، طبيعة اختيارك كجزء من شعب دولة حق خاص للدول تحكمه معايير متعددة بما فيها السياسي والقانوني والحقوقي والسلوكي ، اجتياز اختبار الاندماج هو القرار الاخير الذي يظل معلقا وقابل للمزايدة السياسية لكونك طارئ ، حالة الطارئ تتحول احيانا الى مادة سائلة لاستثارة الامن الثقافي والاجتماعي ، ومناسبة لتصيد اخطاء منفردة للبناء السياسي والاقتصادي ، ينزلق الكثير نحو الاعلام ، والانحطاط السياسي فتتغير الثورة النمطية للاجئ الفار ، الباحث عن الأمان ، الى خطر يحمل جينات قابلة للاشتعال

الشعور بالغربة يلازمك تظل مرتبط بالجذور ، تتحسس الماضي في الوجوة المارة، في الذكريات ، في المشاركة في قضايا مجتمعك الأم كحزء من الانتماء والحنين ، تتغير الكثير من المفاهيم والقيم والاولويات ، في اعماقك وانت تراقب كل شيئ من حولك ، وعند عودتك الى بلدك تغرق في غربه جديدة ، تدرك عمق التحولات الزمانية والسلوكية في المجتمع ، تظل تفتش عن ذكريات ظلت تشدك اليها وسط كومة كبيرة من التغيرات الجديدة ، لم يعد رفقاء زمانك احياء او قادرين على احياءها ، فتصبح بين غربتين لا يملأ حياتك سوى انتظار الموت وقليل من الانجاز

لا احد ينكر جودة الامان في المجتمع الجديد ، لكن لكل مجتمع تحدياته ومجاهداته اليومية لتتكيف مع الوضع الجديد ، وهو وضع قد يفقدك مركزك الوظيفي وهدفك الحياتي ، تجبر احيانا لتغيير مسار قاربك نحو اتجاه اخر فقط لاجل لقمة العيش ، ومراقبة حياة صغارك الجدد الذين يولدون معك ، لكنهم اكثر تطويعا وتطورا ، وتمرد على قوالبك ، لنمط الحياة في بلد اللجوء وجه اخر لست ربان دفته ، الكثير والكثير من خطاب السلوك وممارسات الاسرة بحاجة لوعي جديد في عالم مليئ بالحواجز تحول بينك وبين ابنك ، تسمع منه الكثير من الكلمات المعبره ابرزها ، هذا ليس كما تفهمه.

توفيق الحميدي


إن المقال المكتوب هنا يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة INFOGRAT الإعلامية وإنما ننشر الأخبار والمقالات الشخصية من منطق حرية الرأي والتعبير ولمزيد من المعلومات أو الإنتهاكات بإمكانكم الإتصال بنا من خلال الموقع.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button