وصف المدون

اليوم

syria.tv - فيينا:
الشعور بعدم الاستقرار والخوف من نتائج الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة، والقرارات التي تضيق على إقامة السوريين وإعادة 200 ألف “طوعيا” إلى ” المناطق الآمنة”، دفعت السوريين للعودة إلى سوريا أو الذهاب إلى أوروبا، والذهاب إلى أبعد من ذلك التخلي عن الجنسية التركية بعدما كانت حلما لأصحابها ولكثير من السوريين.

صورة تعبيرية، لأسرة من طالبي اللجوء (الإنترنت)

يزداد عدد السوريين ممن حصلوا على الجنسية التركية، الذين قرروا الهجرة إلى أوروبا، باستخدام جوازات سفرهم الجديدة للوصول إلى صربيا، ما يختصر عليهم مشاق طريق التهريب “المهلكة” من تركيا إلى اليونان ودول البلقان.

وتعد صربيا المحطة ما قبل الدخول إلى أوروبا الغربية، ملاذ الكثير من اللاجئين السوريين الباحثين عن وجهة لجوء أخرى بعد سنوات من خروجهم من سوريا.

الأسباب
يوسف، شاب سوري تخرج في كلية الاقتصاد في جامعة طرابزون شمالي تركيا، ولكنه أمضى سنة كاملة يبحث عن عمل من دون جدوى، قرر الهجرة إلى أوروبا باستخدام جواز سفر التركي، وهو اليوم طالب لجوء في النمسا.

يقول يوسف، في حديث لموقع “تلفزيون سوريا”، في ظل التضخم وارتفاع الأسعار “الجنوني” في تركيا، ومع تدني الأجور، إضافة للعنصرية تجاه السوريين في تركيا، كلها أسباب تقف وراء قراري بالهجرة.

وعن تفاصيل رحلة التهريب من إسطنبول إلى أوروبا، يقول يوسف إن المجنس يستطيع أن يحجز تذكرة طيران إلى صربيا من دون فيزا، ولا بد ان تكون ذهاباً وإياباً من أجل التأكد من عودتك إلى تركيا.

ولدى سؤال من قبل موظفي المطار في إسطنبول عن سبب سفره، أجاب يوسف أنه يريد أن يعمل بالتجارة وأن زيارته قصيرة وسيعود بعد أسبوع، ولكن بعد وصوله إلى مطار بلغراد في صربيا، توجه إلى شمال البلاد.

ويشير يوسف إلى أن السوريين المجنسين في تركيا بعد وصولهم إلى صريبا يخفون أوراقهم الثبوتية، من جواز سفر والبطاقة الشخصية وغيرها، في حقيبة خاصة تودع في الأمانات في صريبا، لأن الشرطة إذا عرفت أنه تركي من الممكن أن تسلمه للسلطات التركية، كما أن هناك تخوفاً من سحب الجنسية منه.

ويعمد العديد منهم إلى إرسال أوراقهم الثبوتية التركية إلى أقاربهم في تركيا ريثما يصلون إلى وجهتهم المنشودة.

لا يحمل طالبو اللجوء عادة سوى حقيبة ظهر صغيرة لتسهيل الحركة والتنقل
وبحسب يوسف، تعد الحدود ما بين صربيا والمجر من أصعب النقاط في الطريق، لأن عملية التهريب تمر من خلال هذه الأنهار وتستغرق من يومين إلى أسبوعين بحسب دوريات الحراسة المشددة التي تستخدم “الكلاب البوليسية” وكاميرات حرارية تجعل المهمة أصعب.

وفي حال إلقاء القبض على الشخص يقول يوسف: إذا استطاعت الشرطة أن تمسك الشخص يُرحل إلى صربيا من دون مشكلات. مشيراً إلى أنه التقى بشباب حاولوا عشرات المرات.

وعادة يبرر من تلقي الشرطة القبض عليه بأنه سائح وأن لديه تذكرة إياب للعودة إلى تركيا، تكون محفوظة في هاتفه المحمول إضافة إلى صورة عن ختم الدخول إلى الأراضي الصربية بطريقة نظامية، وكل ما تفعله الشرطة في هذه الحالة إعادته إلى صربيا.

استغرقت رحلة يوسف من تركيا إلى النمسا خمسة أيام
أما عن تكاليف رحلة التهريب من صربيا إلى النمسا يقول يوسف تبلغ نحو 3500 دولار أميركي، وتزيد وتنقص حسب البازار والمهرب، وتعد النمسا أسهل الدول تهريبا من صربيا.

في حين تزداد التكاليف على الأشخاص الذين يخططون للوصول إلى هولندا، لأنهم سيمرون بألمانيا.

ويشير يوسف إلى أنه في حال وضع أمام خيار التخلي عن إحدى الجنسيتين التي يحملها، السورية والتركية، سيتخلى عن الأخيرة، لأن “ممتلكاتنا وأرضنا في سوريا، أما تركيا لم يعد لنا فيها شيء على الإطلاق”.
انعدام الفرص في تركيا.

بدوره، حسين، شاب سوري، هو الآخر حاصل على الجنسية التركية، يتحدث عن تجربته في الوصول إلى بريطانيا، عن طريق التهريب من إسطنبول إلى البوسنة والهرسك، مستفيداً من جواز سفره التركي.

يقول حسين، في حديثه لموقع “تلفزيون سوريا”، تخرجت من الثانوية وكنت أحلم بدراسة فرع الطب البشري لكن ارتفاع أقساط الجامعات والصعوبة الشديدة للحصول على مقعد جامعي جعله يتخذ قرار السفر تهريباً إلى أوروبا رغم مخاطره.

ويضيف، سافرت جواً من إسطنبول إلى البوسنا والهرسك، بعد أن حجزت تذكرة طيران ذهاباً وعودة، وعند وصولي إلى مدينة فلديكا كلادوشا، في شمالي غربي البلاد، كانت ممتلئة باللاجئين الذين يحاولون الوصول إلى كرواتيا.

ويتابع حسين حديثه، هناك طرق مختلفة لعملية التهريب فمنهم يمشي سيرا على الأقدام من البوسنا والهرسك إلى كرواتيا رغم المخاطر الشديدة من جبال وصخور وعرة، ووجود الكاميرات الحرارية والطائرات من دون طيار لمراقبة الحدود فضلاً عن العنف الذي قد يتعرضون له من قبل الشرطة الكرواتية، والذي وثقته تقارير حقوقية عديدة.

في حين، يقدم مهربو البشر بدائل “أكثر أماناً” للنقل في السيارات إلى سلوفينيا ثم إلى إيطاليا، ومن هناك، يستمر الناس في رحلتهم إلى دول الاتحاد الأوروبي إيطاليا وفرنسا وألمانيا.

وتبلغ الكلفة المالية في هذا الطريق ما بين 4000 و6000 دولار، تزيد وتنقص بحسب كل طريق ومسافته ووسيلة النقل، وفقاً لتقدير حسين.

الجنسية التركية لم تحمني من العنصرية
تدفع الظروف الحالية في تركيا، من غلاء المعيشة وحالات العنصرية والتضييق على السوريين، العديد منهم ممن يحملون الجنسية لسلك طرق التهريب أملاً بملاذٍ آمن ومستقر.

سمية العيد، امرأة سورية تقيم في تركيا منذ سبع سنوات، ترى بأنه لم يعد لديها خيار سوى التوجه إلى أوروبا.

وتقول سمية، أنا وأخي نحمل الجنسية التركية، ونعمل لكن مرتباتنا لا تكفي لسد احتياجات أسرتنا.

وتضيف في حديثها لموقع “تلفزيون سوريا”، أمضيت سبع سنوات بحلوها ومرها في هذا البلاد، وأصبح لدينا أصدقاء وجيران لكن الظروف المادية أجبرتنا على اتخاذ قرار ترك كل ما استطعنا تأسيسه والبحث عن بلد آخر.

وتقول سمية الجنسية التركية لم تحمني من العنصرية المتزايدة ضد السوريين في تركيا، وتقول، عندما أدخل إلى بعض الدوائر الحكومية أو الخاصة أتعرض لمواقف عنصرية من قبل الموظفين، الذين يبدؤون برشق أسئلتهم “كيف حصلت على الجنسية؟ ولماذا لا تعودون إلى بلدكم؟ ورغم حصولك على الجنسية تبقين أجنبية!”.

ولكن لا تستطيع سمية على تكاليف ومشاق التهريب، وهي الآن تعمل مع أخيها على التقديم للجوء من خلال المنظمات الدولية المعنية بشؤون اللاجئين، إلى جانب سعيها للاستدانة من الأقارب والمعارف لتغطية تكاليف الذهاب إلى أوروبا.

هل يسمح القانون التركي بالتخلي عن الجنسية التركية؟
وفقاً لـ “قانون المواطنة التركي” رقم 5901، يسمح التخلي عن الجنسية التركية من أجل الحصول على جنسية أخرى، بناء على طلب من صاحب العلاقة.

ويشترط أن يكون ناضجا ولديه القدرة على التمييز ووجود مؤشرات مقنعة للحصول على جنسية البلد الآخر، وألا يكون مطلوبا جنائياً بسبب جريمة أو خدمة عسكرية وعدم وجود أي قيود مالية أو جزائية.

وتُفقد الجنسية التركية بحكم بقرار من السلطة المختصة لمن ثبت أنهم ارتكبوا الأفعال المضرة بالدولة، وهي مدرجة في القانون التركي بموجب المادة 29 من قانون المواطنة التركي.

ويفقد الجنسية من تم إخطارهم من قبل الممثلين الأجانب في الخارج ومن قبل الرؤساء الإداريين المحليين في الدولة، أنهم أدوا أي خدمة لدولة أجنبية لا تتوافق مع مصالح تركيا، والذين يواصلون العمل التطوعي دون إذن من مجلس الوزراء في جميع أنواع خدمات دولة ما في حالة حرب مع تركيا. ومن يؤدون خدمتهم العسكرية طواعية في خدمة حكومية أجنبية دون الحصول على إذن.

يذكر أن عدد السوريين المجنسين في تركيا بحسب تصريحات وزير الداخلية سليمان صويلو، بلغ “210 آلاف سوري حصلوا على الجنسية التركية خلال السنوات الـ 11 الماضية، في حين أن عدد المجنسين من الأجانب وصل إلى مليون و250 ألفاً في ألمانيا”.

ويمكن لحامل جواز السفر التركي الدخول إلى 77 دولة حول العالم من دون الحاجة إلى استصدار “فيزا” (تأشيرة دخول). كما يمكن لحامله أن يسافر إلى 33 دولة والحصول تلقائياً على الفيزا عند الوصول إلى المطار.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button