وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
يبدو لي أن القائمين على أمر هذه الفعالية (التي لايمكن وصفها بأنها فعالية) لا يعرفون معنى (الثقافة) وما هيتها، لم يطلعوا على سبيل الاجتهاد حتى على تعريف من قوقل قبل أن يبدأوا استعدادهم لما أسموه مهرجاناً للثقافة.

لقطة من "المهرجان" - خاص

مقال لـ محمد صالح
ناشط سوداني
أعتقد بأن السبب واحد من إثنين: إما أن الهدف لم يكن الثقافة بحد ذاتها إنما أمر آخر لم يتم الإفصاح عنه، (كأنهم أرادوا تمرير أشياء أخرى من تحت هذا العنوان)، أو استسهال إطلاق المسميات التي لايعرفون معناها، استهتاراً بالمُتلقي وبالثقافة نفسها.

كمُتلقي يتحدث العربية ويعيش في النمسا يعتقد أن المهرجان موجه إليه، ومعني بالثقافة عموماً والعربية على وجه الخصوص، أرى أن تجاوز هكذا فعاليات من غير توجيه النقد لها يجعلنا مشاركين أو متواطئين بجرم الاستسهال وتمرير الأجندة!

حضرت اليومين الثاني والثالث من فعاليات (السيرك) الذي انتصب بإسم الثقافة وبإسم العرب (لا أعرف حقيقة بماذا يمكن أن أسميه!)، بغض النظر عن سوء التنظيم الذي تجلى بعدم الالتزام بالوقت، وهرجلة المنظمين، والخطابات الجوفاء التي أُلقيت، والمجاملات من هنا وهناك، إلا أن أكثر ما يُحزن هو غياب أي مظهر ثقافي حقيقي يمكن أن نشيد به.

الفقرات في اليوم الثاني كانت بين مسرح أطفال وغناء ومسرحٍ للكبار، وعلى الرغم من إجتهاد الطفلات الجميلات والأطفال الرائعين إلا أنه لم يكن مسرحاً، كانت أُغنيات يصحابها حركة بسيطة جداً باليد، من غير أي أداءٍ مسرحي، وأكثر ما آلمني تلك الفقرة التي سُميت بالمنافسة بين البنات والبنين، كانت ضد أبسط علوم التربية، كيف مرت من تحت أعين القائمين على الأمر؟
كيف سُمح بهكذا عرض؟
كل ذلك يدل على أنهم لم يشاهدوا العروض قبل الموافقة على عرضها، استسهالاً أو استهتاراً، أو لتمرير أجندة!
أما ما سُمي بالغناء كان أسوأ من قدرتي على التعليق، هو عازفٌ ممتاز على آلة العود، لا أعرف من أقنعهُ بفكرة الغناء؟

لكل ذلك ولأجهزة الصوت الغير مضبوطة أصابني صداعٌ حاد جعل من المستحيل أن أكمل الأمسية، فغادرت دون حضور مسرح الكبار.

اليوم الثالث والأخير كان مهرجاناً للخطابة لرموز يُعتقد انها من الأخوان المسلمين في النمسا، فانبرى كلٌ منهم في إلقاء كلماتٍ مطولة لا علاقة لها بالثقافة أو الأدب من قريب أو بعيد، في مشهدٍ عبثي من المجاملات التي تُصيبُ المشاهد بالدوار، ومن بعد الخطابات عادوا مرة ثالثة للغناء والهز وكأن الفنون اُختزلت بفن الغناء وحتي هذا لم يكن فيه تنوع عربي إنما اغنيات من منطقتين او ثلاث وكأنهم ارادوا ان يقولوا للاخرين لستم عربا لتكونو حضورا في ( مهرجان الثقافة العربية ).

مع غيابٍ تام للتنوع العربي الموجود داخل النمسا، فطوال اليومين الذين حظيت بمتابعتهما انحصرت المشاركات في جنسيتين أو ثلاث جنسيات عربية، مع العلم بأن مدينة فيينا زاخرة بتنوع الأدباء والمثقفين العرب من المحيط إلى الخليج.

هذا وأنا لم أُشر بعد إلى معرض الكتاب المصاحب، والذي مع فقرهِ للأغلفة الثقافية الحديثة وقلةِ المعروض من الكتب امتاز بغلاءِ أسعاره، هنا لايفوتني أن أشكر الأستاذ/ أكرم فقد شارك بقسمٍ ممتاز لكتب الأطفال.

أخيراً
حسن النوايا وحدها ليس كافياً لتجاوز هكذا أخطاء.
هل يمكن أن يكون أسمه (مهرجان الثقافة العربية الأول) من غير ثقافة؟
هل كان لهم أهداف محددة؟
هل تحققت هذه الأهداف؟
هل كان الغرض هو نصب سيرك للإلهاء؟ في ماذا كانوا يفكرون؟
كيف لأشخاص أثق بهم وتربطني معهم صداقات قوية أن يتورطوا بهكذا مشاريع؟ ماهي الدوافع؟ وغيرها من الأسئلة التي تدور بخلدي لعلي أجد لها إجابة.
حتى لا يخرج أحد ويقول نحن عملنا ما باستطاعتنا (ورينا شطارتك)، أقول أنا وغيري كثيرون اخترنا أن نكون متلقين لا فاعلين، وأنتم اخترتم أن تكونوا فاعلين لا متلقين والفرق واضح.
أرجو أن أكون قد ساهمت بإلقاء الضوء على بعض أوجه القصور لتفاديها في المرات القادمة أن وجُدت، وأولها تسمية الأشياء بمسمياتها!!


إن المقال المكتوب هنا يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة INFOGRAT الإعلامية وإنما ننشر الأخبار والمقالات الشخصية من منطق حرية الرأي والتعبير ولمزيد من المعلومات أو الإنتهاكات بإمكانكم الإتصال بنا من خلال الموقع.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button