وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
قبل سنوات كتبت أن حمولات الحرب والقهر والقمع والكبت من شأنها أن تحطم أي مجتمع مهما تخندّق وراء العادات، وتحصّن بأردية الأديان والعقائد.

هل السوريون ضحايا الأمراض والعقد النفسية؟

تلك الأمراض باتت مكتسبة في الحالة السورية، فثمة اكتساب عائلي وآخر مجتمعي، فالبعض يعتقد أن المرض النفسي بحد ذاته خلل يصيب العقل وحده دون أن يطال النفس، لكن أحداً قد يعلم حقاً، وربما لا يعلم أن السادية التي تمارس على الأولاد أو الأصدقاء والطلاب والرفاق .. إلخ.

أ. ثائر الناشف
كاتب وروائي مقيم في فيينا
هي ذروة ذلك المرض، كما لا يعلم أن التناقض الحاد في التصورات والمعتقدات والرغبات، وتقلبات المزاج، والتجاهل غير المبرر، والنرجسية، وانعدام الاستجابة الإيجابية للتفاعلات الاجتماعية لصالح شيوع نقيضتها السلبية، فضلا عن الانفصال عن الواقع، والخلط العشوائي بين الجانب المادي والخيالي للحياة، كلها أعراض مباشرة للأمراض النفسية التي يعاني منها الملايين إن لم تكن جوهر المرض عينه.

وعلى الرغم من ذلك كله، فإن هذا لا يعني بالضرورة تعميم تلك الحالات المتفاقمة وإسقاطها على الجميع، فثمة سوريون بعيدون كل البعد عن آثار تلك الأمراض رغم أنهم يعيشون بين ظهراني أولئك المرضى، لكنهم يعزلون أنفسهم عنهم بشتى السبل والوسائل، ويحتفظون بمسافة أمان كافية، والمشكلة الكبرى هنا أن المرضى عادة ما يتهمون المنعزلين بالتقوقع والجبن والنفاق والشذوذ، بل ويتنمرون عليهم في كل مناسبة.

أولئك المرضى تجدهم مثل الأسراب المتشابكة التي تحوم في سماوات الآخرين، إذ يجمعهم حب التفاهة، والاستخفاف بحيوات الآخرين، وتدمير أساساتها القويمة من خلال بث ما في نفوسهم من طاقات سلبية فتاكة، والتواطؤ المتعمد بغية الإيقاع بغيرهم.

العلاج من تلك الأمراض قد لا يحتاج إلى أدوية أو جلسات علاج متتابعة، إن حدث فعلياً، فذلك على المستوى الفردي، أما على المستوى الجمعي، فإننا قد نكون بحاجة إلى إعادة صياغة المجتمع برمته بقوانين وعقد اجتماعي جديد، على الأقل مثلما فعلت العديد من البلدان الأوروبية بعيد الحرب العالمية الثانية بسنوات - تلك البلدان التي نعيش فيها اليوم كلاجئين، ومع ذلك، لا يوفر البعض رميها بالطوب الثقيل، وبما يحمله من عقد وأمراض- لكننا لن نفعل، لأن بعضنا شديد الحرص على توريث تلك العقد والأمراض للجيل القادم، وهو لا يزال يعتقد أنه يورّث قيم الرجولة والفضائل والعفة والشرف والطهارة.










ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button