وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
تابعت، وبشيء من الاستغراب، برنامج "قسمة ونصيب" الذي تديره وتشرف عليه الفنانة اللبنانية ريتا حرب.

ماذا يمكن أن نستخلص ـ نحن كمتابعين ـ من حلقاته التي تعرض على "يوتيوب" وتجاوزت الثلاثة والثمانين حلقة، والذي يصور علاقات فاضحة تثير المشاعر، وتخلُّ بالأدب في عزّ النهار. إنها تصوّر التّفاهة بكل قيمها وألوانها!

 برنامج "قسمة ونصيب"

ماذا تريد الفنانة حرب من هذا البرنامج الذي صار يحمل كثيراً من اللغط بين المتابعين، وهو أكثر ما أساء إلى عقل المشاهد العربي وتخريبه الذي يتابع حلقاته المصورة التي تُنْشر، وبصورة يومية، ما عدا يومي السبت والأحد؟.

البرنامج برّمته، يُشارك فيه نحو خمسة عشر شاباً وشابة منتقين بعناية من بلادنا العربية، ويقتصر على مشاركين من بلاد المغرب، على وجه التحقيق، إضافة إلى بعض الوجوه من سوريا والعراق ولبنان، وتشترط المشرفة على المشاركين عدم شدّ الشعر، واستبعاد الكلام البذيء، واحترام وجهات النظر بين الأطراف مهما بنيت على اختلاف في الرأي والرأي الآخر في الاختيار. والهدف من البرنامج هو اختيار شريك العمر لكلا الطرفين في حال تم الوصول إلى قناعات مرسومة بعناية على أن يحتفظ كل منهما بمبرراته دون الإفصاح عنها.. وفي هذا الاختيار هو الاجتهاد لجهة الدخول في القفص الذهبي، وهذا ما ينتظرهم، ولكن من يتابع يستبعد أي اختيار يصبّ في صالح الطرفين.

مشاركات في الواقع لا تهدف إلّا إلى الإساءة إلى عقل الشباب العربي الطامحين في اختيار شريكة الحياة ضمن اشتراطات باهتة، وتتوّج بقيم بالية وأفكار مبتذلة، ومن اشتراطات البرنامج هو استعمال بطاقة الطرد من ملعبه في حال لم يستحوذ المشارك على شريكة العمر، وفي حال صُوِّت عليه من قبل الزملاء المشاركين أنفسهم.

وبعد كل هذه المحصلة ينبري السؤال الوجيه، وهو ما يعني المشاهد هذا البرنامج "السخيف" الذي يتضمّن كثيراً من الصور التي تسيء إلى الشباب العربي، فضلاً عن إثارة المشاعر، وهو وحده أفقد البرنامج أي علاقة إيجابية يُراد لها أن تكتمل وتستمر، بل على العكس تماماً إنَّ العلاقات جميعها لم تخلص إلى نتيجة، بقيت علاقات غير صحية وفشلت تماماً، والأنكى من ذلك إطلاق العيارات البذيئة والاختلاف في وجهات النظر، واستبعاد عدد من المشاركين؛ لأنهم لم يحققوا أبسط شروطه.

إنَّ الاختيارات التي سبق أن شاهدناها نجدها فشلت فشلاً ذريعاً، وإن استمر بعضها تراها تعود، وخلال فترة قصيرة إلى نقطة الصفر. أي أنَّ العلاقات العاطفية المبنية على الحب، مجرد كلام عابر، وهو غير مفيد، وهذه العلاقات الهامشية، للأسف، مجرد ضياع وقت، وفي مجملها علاقات فاضحة بين الشباب المشاركين سواء لجهة الشباب أو الشابات المشاركين، وأفسدوا روح العلاقات التي كنا نأمل لها أن تستمر بين عمر وزيد من الناس بصدق، ناهيك بالصور الخلاعية التي تظهر به علينا المشاركات في البرنامج في اختيار عريس المستقبل، والتي يُثرن بلباسهن الفاضح مشاعر كل من تابع البرنامج.

وما يُؤخذ على البرنامج، الذي خرج تماماً عن قواعد اللعبة، أنه لا يمثل، من بعيد أو قريب، أدنى ما يمكن أن يذكّرنا بالعادات والتقاليد العربية، التي تحمل الكثير من القيم الأصيلة، إضافة إلى الثقافة المعروفة عنها، وإلى أدنى أدبيات الوعي واللباقة والاحترام والتقدير، ووصلت إلى حد لم يَعُد معها تُطاق كثير من المناظر المقزّزة، فضلاً عن تفاهة المشاهد التي لمسناها، وتكرّر بعضها ولم نصل بعد من خلال البرنامج إلى علاقة حب صادقة، تتوّج بالزواج، كما تحاول أن تعلن عنها المشرفة على البرنامج، ومنها ما وصل إلى مرحلة متقدمة من العلاقة، ولكن سرعان ما فشلت ورجعت إلى ما دون الصفر، ناهيك بخلق صراعات، وأحدثت فوضى عارمة لم يسبق أن رأيناها في برامج أخرى، ووصلت في بعضها إلى الاختلاف في وجهات النظر، وتعدي البعض من المشاركات بالضرب على محبوبها التي كان من المؤمّل الارتباط بها، وأن تصبح فارسة أحلامه، إلّا أنّ فضل الابتعاد عنها، بسبب سلاطة لسانها، واستهتارها به وتوبيخه، وتركها في حال سبيلها تتلظى ببعده عنها!.

إنّ هذا البرنامج الماسخ، وعلى الرغم من الإمكانات المادية المدفوعة لقاء إنجاحه، يظل "تافهاً" بلا قيمة، ولا يُلبي رغبة أو طموح الشباب العرب المُقبلين على الزواج، حسب الخطة المرسومة له.

فأيّ قسمة، وأي نصيب هذه التي يمكنها أن تقرّب من وجهات النظر والرغبة في اختيار الشريك بين الشباب المشاركين؟. إنها مجرد علاقات مشبوهة ولدت ميتة، وستبقى مع الأسف، وما رأيناه ما هو إلّا ضحك على الذقون، والاستهانة بالمشاهد العربي!.

البرنامج يعني ألوان من السخط والبذاءة، وهو أكثر ما هو إهانة لكل من يحاول الارتباط بكل شابة أو شاب من خلاله، بصورة فاضحة وغير مقنعة، ولا يمكن له أن يؤدي الغرض، بل أنّه مضيعة للوقت، ويتجلى ذلك في صور مهينة للمشاهد العربي الذي يتابعه بشغف كبير مساء كل يوم، ولعريس وعروس المستقبل اللذين يحلمان بمستقبل ميت لا نفع منه، ولا يمكن له أن يُنبئ عن مستقبل مضيء، بل أنّ الصورة تجلت وبشكل واضح، ولا يوجد أي أمل في الاختيار الصحيح لجهة تتويج العلاقة بزواج ناجح، كما يظن القائمون على البرنامج أن يحققه، بل إنه زاد تعاسة المشاركين، ولعنوا الساعة التي شاركوا فيها، ومنهم من يحاولون جادّين في اختلاق المشاكل لجهة الخروج من المشاركة فيه حفاظاً ـ أقلها ـ على ماء الوجه، أضف إلى أن القائمين على البرنامج أكثر ما يعنيهم المشاهدات والترندات على حساب استخلاص علاقة صادقة، تتوج وتؤسس للزواج المنشود ولمستقبل ناجح!

عبد الكريم البليخ
كاتب وصحافي سوري


ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button