وصف المدون

اليوم



ما يحدث داخل البلدان المتنوعة الأعراق والإثنيات من بروز لفكرة الإستقلال وتحقيق حالة من الرضى لدى غالبية الأفراد .

يمثل الجمر تحت رماد الإستبداد والتهميش ومحاولة الدمج مع الأغلبية ، بوصفها صاحبة الريادة والسيادة بين القوى المجتمعية المختلفة .

فطمس هوية المكونات ، ودمجها ضمن مفهوم الهوية الأغلبية ، غالبا ما يخالف رغبة المكون ، ويدعوه للبحث عن صيغة إستقلالية عن المجموع ، بصفته عامل استبداد وتسلط ، رغم أن الأنظمة الرسمية المستبدة هى من يتلطى وراء الأغلبية ، بهدف قمع عموم المكونات ، بما فيها الأغلبية العددية .

وهو ممايدفعني للحديث عن الهوية الوطنية المفتقدة في الحالة السورية ، حيث برزت الهويات ما تحت الوطنية بشكل غير مسبوق ، ساهت في تفكك المجتمع السوري المتنوع والمتعددة الثقافات ، وبناء العداوات وتعميق الفرقة ، بوصفها حالة مرافقة للحراك الثوري الكاشف للعيوب ، والفاضح لسلطة البعث العفن .

لم تكن الثورة السورية ، السبب المباشر وراء كشف المسكوت عنه ، بدافع الخوف من السلطة المخابراتية المستبدة .

بل كانت سببا وجيها ، في ابراز التراكم الهوياتي والمتعدد بأبعاده الطائفية ، والمناطقية ، والقومية ، والمذهبية والإثنية ، والعشائرية .

حيث أخذ كل مكون يبحث عن خلاصه !! حتى وإن كان على حساب الهوية السورية ووحدة الأرض .

حيث برزت مجموعة كبيرة من الرايات التي تشير لهوية هذا المكون بأبعاده القومية ، أو الدينية ، او المذهبية ، وهناك من استدعى الرايات ، والأسماء التاريخية المشهود لها في مرحلة نشر الدعوة الإسلامية ، رغم أن هذه الرايات كانت تمثل النقيض للثورة .

فالثورة السورية رفعت راية الحرية والكرامة والديمقراطية ، ولم تكن ثورة مؤدلجة ، تحمل مضامين عقيدية ، اوحزبية ، او سياسية ، تتبناها جماعة بعينها.

فهى ثورة شعبية شارك فيها المثقف ، والعامل ، والفلاح وإبن المدينة ، والعسكري المنشق ، والطبيب ، والمهندس ، والصيدلي ، والطالب ، والرجال كبار العمر ، والأمهات ، والشابات من كل الأعمار ، وكانت خليطا من كافة مكونات الشعب السوري المنتفض ضد الإستبداد والطائفية والفساد .

ولكن اللعبة المخابراتية القذرة ، والمؤامرة الإقليمية والدولية المتضررة من الثورة ، وجدت في إعطائها صبغة التطرف ، من خلال الدعم المتعمد لبعض القوى الإسلامية المتشددة ، التي اخرج النظام قادتها من السجون ، ودفع بهم داخل الجيش الحر ، وكان لرئيس الوزراء العراقي المالكي ، دور في هذه اللعبة القذرة ، حيث ترك السلاح في ثكنات الجيش العراقي ، لكي تستولي عليها القوى الإرهابية ( داعش )

حيث فتحت أبواب جهنم من العراق بإتجاه سورية ، وكانت مهمتهم ، شيطنة السنة العرب ، ووصمهم بالإرهاب ، وقتل ابنائهم ، وإغتصاب النساء ، والقضاء على الثورة والإساءة إليها، بما يكفل نفور المجتمع الدولي وترك الشعب السوري يواجه مصيره البائس .

كما لعبت إيران ذات الدور من خلال دعمها النصرة ( تنظيم القاعدة الإرهابي ) للقضاء على فكرة الحرية التي دفع الشعب السوري الثائر ثمنا باهظا لتحقيقها .

ناهيك عن الميلشيات الشيعية العراقية ، والباكستانية والأفغانية ، والتي ارتكبت العديد من المجازر ، بدعم إيراني مباشر وصمت دولي فاضح .

كما ساهمت إسرائيل في إعطاء الضوء الأخضر لحزب الله اللبناني للدخول لسورية ، والقتال إلى جانب النظام السوري ، خوفا من سقوطه ، وهو بمثابة رد الجميل لنظام تعهد بحماية حدود إسرائيل .

رغم ذلك فمازالت بوصلة حملة فكر الثورة ، تنادي بالحرية والديمقراطية والدولة المدنية التعددية ، والتي تحفظ حقوق كافة المكونات السورية .

لاخوف على عودة اللحمة للمجتمع السوري ، شريطة التفاهم الجماعي على شكل النظام السياسي ، بعيدا عن المركزية ، والتأكيد على التنوع الإجتماعي السوري ، وإحترام الهوية الثقافية ، واللغة ، والدين ، وحرية الفكر والتأكيد على حقوق الإنسان.

ولكن في ظل بقاء نظام الإستبداد الطائفي والمخابراتي ومجموعة من جيوش الإحتلال والميلشيات ، فمن المستبعد الدخول في حل سياسي ، مالم يكن متوافق ومصلحة تلك الدول ، وفي مقدمتها تركيا ، وأمريكا ، وروسيا ، وإيران ، وبعض الدول العربية الداعمة لنظام الأسد .

ومالم نتخلص من قوى الأحتلال ، فسوف تستمر حالة عدم الإستقرار ، والنزف اليومي ، والتي يدفع ثمنها الأطفال والنساء والشيوخ في كافة المناطق .

فالجوع والمرض والفقر والجريمة ، تسير بشكل متوازي مع الفساد والإستبداد ، في وطن يبحث عن الخلاص والهوية الوطنية الجامعة ، بعد أن مزقته الحرب ، والمؤامرات الخارجية التي استهدفت أعظم ثورة في تاريخنا الحديث ...

إن المقال المكتوب هنا يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة INFOGRAT الإعلامية وإنما ننشر الأخبار والمقالات الشخصية من منطق حرية الرأي والتعبير ولمزيد من المعلومات أو الإنتهاكات بإمكانكم الإتصال بنا من خلال الموقع
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button