وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
أصبح يعيش اليوم، على هامش المجتمع المقيم في العاصمة النمساوية ـ فيينا - العديد من المشردين وهم بعيدون عن أي ضمان اجتماعي يحميهم من عثرات الحياة، ويفتقد أمثال هؤلاء لأي دعم اجتماعي وطبّي، وتتعرض هذه الفئة من المشردين للملاحقة من الجهات الرسمية، ويقضي هؤلاء حياتهم المشردة في الممرات أو في الحدائق العامة، أو تحت الجسور وعلى مدار السنة.

أ. عبد الكريم البليخ

وتعتبر مساعدة المشردين في فيينا نموذجية.. ومنهم من يعملون في إطار قانوني محدد للغاية، وبوثائق يحق لهم الحصول على مزايا اجتماعية في العاصمة الفيدرالية. وإن "نظام المساعدة الحالي غير كاف"، تقول إليزابيث هامر، المدير الإداري لـ Neunerhaus ، وهم "مجموعة من الأشخاص الذين لا يحق لهم المطالبة بشيء يُحسّن من هيئتهم أو وضعهم الحالي، بل يتم نسيانهم في كثير من النواحي".

بالإضافة إلى Neunerhaus ، تنتمي تسع منظمات أخرى في الإطار ذاته بشكل وثيق مع صندوق فيينا الاجتماعي لمنح الأشخاص الذين يعيشون في الشوارع وجهات نظر مرّة أخرى.

وفقاً لهامر، فإنّ الأشخاص الذين "تتراوح أعمارهم بين 30 و 50 عاماً" لا يحق لهم الحصول على مساعدة اجتماعية أو رعاية طبية، فقد هاجر معظمهم من دول الاتحاد الأوروبي إلى النمسا للبحث عن عمل.

السيد (...)، 45 عاماً جاء إلى فيينا قادماً من سلوفاكيا ليتمكن من إعالة زوجته وأطفاله السبعة.. وسبق أن تم مساعدته مع عدد من المشردين، وهم جماعة من الغجر.

لغة الفشل
يقول: "كنت أعمل لحسابي الخاص لبضعة أشهر في صناعة البناء، وبدأت أنا وابني الأكبر في بناء شركة صغيرة، لكننا لا نملك المال الكافي لشراء المواد للقيام بهذا المشروع، وما زلنا نتحمل ديوناً".

إنَّ العمّال في سلوفاكيا غير مؤهلين، وأغلبهم عمّال موسميين ومن الشباب صغار السن، وبالكاد يجدون فرص عمل تناسبهم. وإن المساعدة الطارئة التي تمنح لهم شهرياً هي بحدود أقصى 68.80 يورو شهرياً، وفقاً لجمعية مساعدة المشردين، ويمكن تخفيضها إلى 15.10 يورو شهرياً ودمجها مع ما يصل إلى 32 ساعة من خدمة المجتمع.

في سلوفاكيا، لا يعتقد الناس أن أمثال هذه الشريحة تبحث عن عمل وفي معظم الأوقات يتم رفضهم قبل أن يتمكنوا من مباشرة العمل. ببساطة لأنهم من غير ذوي البشرة البيضاء، ويعتقد الجميع أنّ المساعدة الاجتماعية الممنوحة لهم تكون كافية لكي يتمكنوا من العيش مثال غيرهم من اللاجئين الآخرين.

قرر الشاب البالغ من العمر 45 عاماً البحث عن عمل في فيينا القريبة. تحاول إليزابيث هامر تصحيح صورة أمثال هؤلاء المتطفلين أو اللاجئين الاقتصاديين الذين غالباً ما يتم نقلهم من الأماكن العامة ومحاربتهم.. والكل يعلم أنّ الرغبة تتطلب مزيد من الشجاعة لترك العائلة والوطن لجهة البحث عن وظيفة، أو لبدء حياة جديدة في بلد أجنبي لا تتحدث لغته.

طريق طويل
ويضيف الشاب السلوفاكي: "ذهبت إلى فيينا. خلال النهار كنت أقوم بالبحث عن عمل في مواقع البناء وآمل أن أقابل شخصاً يتحدث اللغة السلوفاكية أو المجرية ". يتذكر السلوفاكي البالغ من العمر 45 عاماً عندما جاء إلى النمسا لأول مرة. "نمت في الحدائق، حيث وجدني الأخصائيون الاجتماعيون ذات يوم وأرسلوني إلى ملجأ للطوارئ. كنت سعيداً فعلاً. سرعان ما نفدت قوتي". وهناك التقى برجل ساعده أخيراً في وظيفته الأولى. كما عمل أيضاً في صناعة البناء. وقال: "لا يهم ما إذا كنت من روما، أو عدد الأطفال الذين أنجبتهم. كل ما يهم هو ما إذا كان بإمكاني العمل بشكل جيد".

تريد جمعية فيينا لمساعدة المشردين تبديد تفشي هذه الظاهرة المتمثلة في أن سهولة الوصول إلى أماكن النوم تؤدي تلقائياً إلى زيادة الهجرة. فأماكن الاقامة في فيينا كانت متاحة للكثيرين من المشردين، فقد ارتفع عدد أماكن الإقامة في عام 2011 – 2012 إلى 200 مكان للمبيت.. وارتفع الرقم بسرعة إلى 1200، إلّا أنّه استقر عند 900 مكان.

يقول أوليفر لوهلين، المدير الإداري لجمعية فيينا: "30 إلى 40 بالمائة من الأشخاص الذين يستخدمون أماكننا الشتوية يستخدمونها لمدة عشرة أيام فقط". "وإن ربع هذه الأماكن، أي حوالي 230 إلى 240 شخصاً يقيمون فيها لمدة تصل إلى 90 يوماً. هؤلاء معرضون للخطر بشكل خاص ويعيشون في الغالب في فيينا منذ عدّة سنوات".

فيينا، هي النقطة المحورية في النمسا. هناك الكثير ممن يأتون إلى هنا ويأملون في مستقبل أفضل. يقول تقرير الحالة الصادر عن جمعية فيينا لمساعدة المشردين: "إنّ63 في المائة من الذاهبين إلى فيينا هدفهم الأساس البحث عن عمل، ومع ذلك، تقطعت السبل بالعديد منهم في فيينا مفلسين تماماً لأن لديهم أفكاراً خاطئة تماماً عمّا يمكن توقعه هنا."

تصريح إقامة
حتى إذا وجد شخص عملاً ما، فهو ليس محصناً من دوامة الانحدار، كما يظهر مثال السيدة (...)، التي قدمت من كرواتيا وعاشت في فيينا منذ عام 2008، وعملت في شركة تنظيف حتى عام 2013. اكتشفت بعد وقوع حادث في العمل أن صاحب عملها لم يسجلها بشكل صحيح، ومنذ تلك اللحظة، أصبحت حياتها صراعاً لا ينتهي من أجل الوجود.

لم تعترف الدولة بسنوات التأمين الكافية على الرغم من الدعوى القضائية الناجحة ضد صاحب العمل بسبب قوانين التقادم الجزئية. كما تم إضعاف العقوبات الإدارية على رواد الأعمال الذين يوظفون العاملين بالأسود.. وهذا مخالف للقوانين المعمول بها، وبسبب كبر سنها والمشاكل الناتجة عن حادث العمل الذي تعرضت له جعلت السيدة (...) حياتها في اكمال مشوارها مستحيلاً في سوق العمل. ساعدها المعارف من الأصدقاء والمنظمات الاجتماعية على إبقاء رأسها فوق الماء، وبسبب جائحة كورونا خسرت الفرصة لكسب القليل من المال الإضافي كعامل رعاية أطفال، كما فقدت شقتها، وألغى AMS تسجيلها لأنها كانت في سن التقاعد رسمياً.

في النمسا المطلوب هو تصريح إقامة ساري المفعول مع إمكانية الوصول إلى سوق العمل وإذا لم يكن هناك وصول إلى سوق العمل، ولا استحقاق للأمن الأساسي، "تُجبر النساء على القيام بأعمال غير موثقة، مما يجعلهن يعتمدن على صاحب العمل ولا يوفر لهن أي حماية

قانونية". "أو يظل قسم منهن في علاقات مليئة بالصراعات لأنهن لا يجدن الطريقة الصحيحة للخروج من اعتمادهم الاقتصادي على التهديد، وهذا ما يؤدي هذا التقييد الهيكلي، في أسوأ الأحوال، إلى العبودية الحديثة".

تأمين صحي
شهادة التسجيل من مواطني الاتحاد الأوروبي مرتبطة بحساب بنكي نمساوي، فضلاً عن التأمين الصحي. توضح مساعدة المشرّدين: "بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم عمل، غالباً ما يكون هذا عقبة لا يمكن التغلب عليها". فهناك عشرات الآلاف من الأشخاص في النمسا يعيشون، وهم مستبعدون من العلاج الطبّي المجاني أو المخفّض للتكلفة المتضمن في نظام الضمان الاجتماعي بسبب الافتقار إلى الوضع القانوني.

تضيف رئيسة الجمعية: "هناك مدير العائلة، على سبيل المثال، الذي يقرر تكوين أسرة، وهو مؤمّن عليه أيضاً مع زوجها". "في مرحلة ما ينهار الزواج ولا تدرك المرأة في غرفة الطوارئ إلّا أنها غير مؤمنة. فجوة تأمين يمكن أن تمر دون أن يلاحظها أحد لسنوات وينتج عنها تكاليف باهظة للغاية في حالة الإقامة في المستشفى".

إنّ صحة الكثير من الناس طالما تتأثر بشكل سلبي لأنه ليس لديهم مكان دائم للإقامة، ويتعين على الناس مغادرة مرافق الإقامة في الصباح، وهذا ما يؤدي إلى الضغط النفسي وإلى تكرار الأمراض مراراً وتكراراً، وإن الأشخاص الذين يتحسنون صحياً بعد إقامتهم في الشتاء يعودون إلى أماكن الاقامة في فيينا في الشتاء القادم بصحة أسوأ، وهذا ما يضع موظفي المرافق الخدمية ـ مبيت المشردين ـ إلى تعرّضهم إلى ضغوطات نفسية وصحية تتفاقم باستمرار، ما يدفع بالمشردين البحث عن أماكن للإقامة لهم في المشافي علهم يفوزون بسرير يأوي تشردهم!

إن المقال المكتوب هنا يعبر عن وجهة نظر كاتبه، ولا يعبر بالضرورة عن وجهة نظر مؤسسة INFOGRAT الإعلامية وإنما ننشر الأخبار والمقالات الشخصية من منطق حرية الرأي والتعبير ولمزيد من المعلومات أو الإنتهاكات بإمكانكم الإتصال بنا من خلال الموقع.
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button