وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
قبل سنوات وتحديدا في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2017، شكل سيباستيان كورتس زعيم حزب الشعب النمساوي آنذاك الحكومة الائتلافية التي كانت خليطا من يمين الوسط واليمين المتطرف.

krone

وأصبح كورتس الذي كان يبلغ من العمر حينها 31 عاما، أصغر رئيس حكومة في العالم، وتنبأ الجميع بأن يجدد هذا الشاب الطموح الدماء في السياسة النمساوية، ويكون من زعماء أوروبا الذين يشكلون مستقبل القارة العجوز.

وتحالف كورتس مع اليمين المتطرف وتبنى سياسة شرسة ضد المتطرفين والمهاجرين، حتى اشتهرت النمسا في عهده بموقفها المناهض لجماعات الإسلامي "الوهمي"، وأنها من أخطر دول أوروبا عليهم.

لا سيما أن حكومة كورتس شنت عمليات أمنية موسعة يعتقد أنها شكلية ضد هذه الجماعات، ومرت السنوات سريعا وتهاوى الشخص المذكور وترك منصبه وأصبح يواجه القضاء بموجب تهم تتعلق بالفساد.

يواجه السجن
وفي 18 أغسطس/ آب 2023، أعلنت النيابة العامة فرع الجرائم الاقتصادية وجرائم الفساد بالنمسا، أن المستشار الأسبق سيباستيان كورتس سيحاكم بتهمة الإدلاء بـ"شهادة زور"، في ظل فضيحة فساد واسعة النطاق فى الدولة الأوروبية الواقعة في جبال الألب.

وهذا أول اتهام قضائي صريح يوجه لكورتس البالغ حاليا 36 عاما، وبحسب موقع "دويتشه فيله" الألماني قد يواجه رئيس الوزراء السابق عقوبة تصل إلى السجن 3 سنوات.

وقال مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد بالنمسا في بيان، إن كورتس متهم بالإدلاء بشهادة زور عام 2020 أمام لجنة برلمانية كانت تسعى لمعرفة ما إذا كان قد توسط لتعيين أحد أقاربه، وهو توماس شميت، كرئيس لشركة "أوباج" القابضة، وهي من الشركات العامة في البلاد.

ونفى كورتس بشكل متكرر هذه التهمة حتى إنه أصدر بيانا عبر منصة "إكس" (تويتر سابقا)، قال فيه: "إن النيابة العامة أصرت على توجيه هذا الاتهام رغم 30 شهادة نفي، وهذه اتهامات باطلة ونتطلع إلى إظهار الحقيقة في المحكمة".

لكن في في ربيع 2021، تسربت إلى الصحافة رسائل نصية تبادلها الرجلان وتشير إلى أنهما ناقشا هذا التعيين بالفعل، وأن كورتس متورط بشكل فعال.

وقد أعلنت محكمة منطقة فيينا في 22 أغسطس 2023 أن محاكمة المستشار الأسبق بهذه التهمة ستبدأ في 18 أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام، مع متهمين اثنين آخرين، وأضافت أن جلسة النطق بالحكم ستجري في الثالث والعشرين من نفس الشهر.

سقوط مدو
وبدأ الفصل الأخير في حياة كورتس السياسية في 9 أكتوبر 2021، عندما قدم استقالته من منصبه كرئيس للوزراء عقب حملة مداهمة لمكتبه من قبل المدعين النمساويين الذين بدأوا التحقيق معه، ومع أعضاء فريقه المقربين بتهمة "الرشوة وخيانة الأمانة".

وتعرض كورتس لضغط قوي من قبل الصحافة والإعلام والرأي العام للتنحي من المسؤولية، ووجهت له اتهامات باستخدام المال العام في تمويل استطلاعات للرأي تخدم شعبيته.

والفضيحة التي أسقطته، قامت على أساس أنه جرى استخدام مخصصات لوزارة المالية بين العامين 2016 و2018؛ لتمويل "استطلاعات للرأي تم التلاعب بها جزئيا لخدمة مصالح حزب الشعب"، بحسب المدعين.

ويرتبط ذلك بالفترة التي تولى فيها كورتس، "الوزارة في الحكومة" (2010-2017) بزعامة "حزب الشعب"، ولاحقا مستشارية النمسا.

وأشار المدعون إلى أن الدفعات تمت إلى شركة إعلامية لم يجر الإفصاح عن اسمها، لكن يعتقد على نطاق واسع بأنها صحيفة "أوستر رايخ" الصفراء، وذلك مقابل نشرها تلك الاستطلاعات.

وتولى ائتلاف "حزب الشعب" و"الخضر" السلطة في يناير/كانون الثاني 2020، وسبق أن تعرض لضغوط عدة إثر تداعيات فضائح فساد وخلافات بشأن قضايا، بينها سياسة اللجوء.

وأعلن عن فتح التحقيقات بحق كورتس، و9 أشخاص آخرين و3 منظمات، عقب عمليات تفتيش شملت وزارة المالية والمستشارية (رئاسة الوزراء)، ومكاتب لحزب الشعب اليميني، كما جرى دهم منازل 3 من كبار مساعدي المستشار النمساوي.

وإلى الآن تستمر التحقيقات في هذه القضية ولم تنته بعد، وهو ما دفع كورتس للإعلان في مطلع العام 2022 عن تقاعده من الحياة السياسية تماما.

تنفسوا الصعداء
وهنا تنفس مجدداً جماعات الاسلام السياسي، الصعداء بسقوط كورتس وكانوا المستفيد الأكبر من إزاحته، لأنهم هم ينظرون لأنفسهم على أنهم خلفاء الله على الأرض وهم بعيدون عن أية شبهة أو مسائلة.

إضافة إلى تشديد بعض القوانين على اللاجئين والمهاجرين عموما، حيث اتخذ الحزب الحاكم وحلفاؤه من اليمين المتطرف "سياسة تعسفية" تجاه قضاياهم ووجودهم بشكل عام.

وعرف كورتس بهجومه المستمر على الإسلام السياسي شكلاً وليس مضموناً، وصرح أنه "خطر على نموذج العيش الأوروبي، وأن تياراته تهدد الحرية والديمقراطية" وهذا بدوره رفع من اسمهم وأسهمهم في المجتمع بدعاية أن جميع المسلمين متهمين.

كما أعلن أنه "ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يتولى مكافحة الإرهاب الإسلاموي، ولا سيما محاربة القاعدة السياسية التي يستند إليها، بكل العزم والوحدة الضروريين".

لم يكتف كورتس بالتنظير فقط ففي 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، شنت أجهزة الأمن النمساوية، حملة مداهمة بمناطق مختلفة من البلاد، شملت أكثر من 60 موقعا ومؤسسة على ارتباط بجماعة "الإخوان المسلمين" وحركة حماس الإرهابية، وألقت القبض على 30 شخصا، وهي العملية المعروفة إعلاميا باسم "الأقصر".

وفي مايو/أيار 2021، نشرت الحكومة النمساوية عناوين أكثر من 620 مسجدا وجمعية إسلامية، وبحسب قرار وزارة الاندماج، فيما عدته في سياق "محاربة الإسلام السياسي المتطرف"، وفق زعمها.

لكن أخطر ما فعله المستشار "المتهم" تدشينه "مرصد الإسلام السياسي"، في 16 يوليو/ تموز 2020، والذي يعد أكبر دلالة على استهداف تلك الفئة دون غيرها من فئات مجتمع النمسا العريض، والذي لغاية اليوم لا يقدم سوى تقارير مدفوعة الثمن ملقاة في خزانات الوزارة.

المرصد عُد بمثابة رأس الحربة التي اعتمدها حزب الشعب اليمين وسط، لمحاربة الإسلامويين الممتدة في أنحاء البلاد، ويعد وحدة علمية معنية بدراسة مفهوم الإسلام السياسي وما أطلقوا عليه "أبعاده الخطيرة على المجتمعات الأوروبية والمجتمعات الإسلامية وغير الإسلامية" فيما أن الواقع غير ذلك.

وبهذا بقي قرابة مليون مسلم (عدد السكان نحو 9 ملايين) على الأراضي النمساوية، يواجهون خطر الإسلام السياسي بسبب تراخي، أحزاب اليمين المتطرف، لا سيما حزب "الشعب" الحاكم بقيادة كورتس، الذي جعل اعادة انتاج الإسلام السياسي والهوية الدينية للمسلمين على رأس أولوياته، حسب مراقبن. 

خاص

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button