وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
في سابقة هي الأولى من نوعها، تشهد هولندا محاكمة عنصر في صفوف ما بات يعرف باسم "لواء القدس" الفلسطيني التابع لقوات النظام السوري، والذي أشيع عنه المشاركة في ارتكاب "جرائم حرب وممارسة انتهاكات لحقوق الإنسان".

alhurra

وأوضح مسؤول الإعلام في منظمة "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سورية"، فايز أبو عيد، في حديث إلى موقع "الحرة"، أن محاكمة الفلسطيني السوري، مصطفى الداهودي ، ستبدأ الخميس المقبل، الموافق 30 نوفمبر.

وتابع: "تندرج محاكمة اللاجئ الفلسطيني الداهودي أمام محكمة لاهاي الدولية، بتهمة ارتكابه جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وانتمائه ومشاركته في أنشطة لـ( لواء القدس)، ضمن سياق ملاحقتها لمرتكبي جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب".

وبحسب "مجموعة العمل"، فإن تلك الميليشيات تأسست في 6 أكتوبر عام 2013، لكن لم يعلن عنها في ذلك الوقت.

وأوضحت أن "لواء القدس جرى تشكيله من قبل المهندس الفلسطيني محمد سعيد، ابن مخيم النيرب في محافظة حلب، شمالي سوريا"، مشيرة إلى أن "النظام السوري استغل اتهام المعارضة السورية بقتل 14 عنصرا من جيش التحرير الفلسطيني (جزء من الجيش السوري مخصص للخدمة الإلزامية للفلسطينيين المقيمين في سوريا) في يوليو 2012، لتشيكل ذلك اللواء".

ووفق المصدر، فإن الميليشيات "تتلقى دعمها من روسيا بعد توقف الدعم الإيراني"، موضحا أنها تتألف من "3 كتائب مسلحة بكافة الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، ويقدر عدد مسلحيها، حسب تقارير غير رسمية، بأكثر من 7 آلاف مسلح، من بينهم 600 فلسطيني فقط".

وسبق أن وجهت منظمات حقوقية اتهامات للواء القدس، بارتكاب "انتهاكات بحق المدنيين، ومن بينها اختطاف الشباب وطلب أموال من ذويهم مقابل إطلاق سراحهم، وسرقة أثاث منازل المدنيين في الأحياء الحلبية الخاضعة لسيطرة النظام، التي هجرها سكانها بعدما تحولت إلى خط جبهة، مثل حيي (جمعية الزهراء) و(الراشيدين الشمالي)".

وفي مخيم النيرب، قام عناصر هذا اللواء بنصب الحواجز، وتم اعتقال بعض الشباب الفلسطينيين بحجة تأييدهم للمعارضة في سوريا، ومساعدة فصائلها.

وبحسب أبو عيد، فقد "خسر اللواء بعد مشاركاته في المعارك المستعرة في حلب، نحو 500 مسلح، من بينهم 90 فلسطينيا من أبناء مخيمات النيرب وحندرات في حلب والرمل في اللاذقية".

"محاكمة الجميع"
من جانبه، أوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، في حديثه إلى موقع "الحرة"، أن "التركيز يتم إعلاميا أكثر على المسحلين الذين يقاتلون مع النظام"، مستشهدا بأن هولندا سبقت أن حاكمت أشخاصا قاتلوا في منظمات إرهابية بسوريا، مثل جبهة النصرة وداعش.

وكانت تقارير إعلامية قد ذكرت أن 10 أشخاص من طالبي اللجوء السوريين قد اعتُقلوا في هولندا خلال السنوات الأخيرة.

وفي عام 2021، حُكم على طالب لجوء سوري في هولندا بالسجن لمدة 20 عاما، لأنه "شارك في إعدام عنصر محتجز من قوات النظام عام 2012 في دير الزور، بالقرب من نهر الفرات".

كما حُكم على سوريين في ذات العام، أحدهما يعرف باسم "بالي الجهادي"، بالسجن 15 و11 عامًا بتهمة لعبهما "دورًا رائدًا" في "جبهة النصرة"، بحسب مواقع سورية معارضة.

وقال عبد الرحمن: "هناك عشرات الآلاف من المتواجدين في أوروبا، والذين شاركوا في جرائم حرب، سواء كانوا مع النظام أو صفوف فصائل أخرى".

وفي المقابل، يرى "المركز السوري للإعلام وحرية التعبير" أن أهمية محاكمة الداهودي، البالغ من العمر 35 عاما، تكمن في أنها "المرة الأولى التي يواجه فيها عضو في منظمة/ ميليشيا مرتبطة بنظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، أمام محكمة هولندية".

وتابع المركز، وهو منظمة مدنية مستقلة: "كانت هناك منذ بعض الوقت مؤشرات ومخاوف من الجالية السورية في هولندا، تشير إلى أن طالبي اللجوء السوريين هناك قد يشملون أفراداً كانوا جزءاً من الميليشيات المؤيدة للحكومة السورية في سوريا، بما في ذلك أعضاء في لواء القدس وغيرهم ممن يسمون بالشبيحة".

ولفت إلى أن الاتهامات الموجهة إلى الداهودي، "لن تقتصر على ارتكابه جرائم حرب فردية، بل تشمل أيضًا تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية"، موضحا أنه "لإثبات هذه التهم، يتعين على النيابة العامة الهولندية تقديم أدلة تتعلق بالصورة العامة للجرائم الهيكلية وواسعة النطاق، التي يقترفها نظام الأسد"، والتي جرت في سياقها الاتهامات الفردية ضد الداهودي.

وبموجب القانون الهولندي، من الممكن محاكمة أي شخص على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على أرض أجنبية، بموجب سلطة قضائية عالمية شاملة، إن كان المشتبه به يمكث في هولندا، بحسب المركز السوري.
"أكثر من مجرد محاكمة"

من جانب آخر، يرى رئيس المركز السوري للدراسات والأبحاث القانونية، المحامي والمعارض البارز أنور البني، في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، أن محاكمة الداهودي "لا تكتسي أهميتها باعتبارها أول محاكمة لعنصر تابع لمليشيات النظام السوري فقط".

وتابع موضحا: "هذه المحكمة ستفتح الباب واسعا لإجراء محاكم في دول أخرى، مثل النمسا والسويد وبلجيكا وغيرها، على غرار ما حدث في ألمانيا التي كانت سابقة في هذا المجال".

من جانبه، أكد أبو عيد أن "العديد من الأشخاص من قوات النظام السوري والمعارضة ولواء القدس، مارسوا تجاوزات وانتهاكات بحقّ الفلسطينيين والسوريين، توصف بجرائم حرب ضد الإنسانية".

وزاد: "كشفت التقارير والتحقيقات وصول عدد من المتهمين بتلك الجرائم إلى الدول الأوروبية، واستطاعت مجموعة العمل توثيق محاكمة 3 لاجئين فلسطينيين، واتهام اثنين آخرين، بتهم ارتكابهم جرائم حرب منذ عام 2017".

وفيما إذا كان هناك دلالة لمثل هذه المحاكمات، أجاب البني: "ليس مهما نوع الحكم الذي سيصدر بحق هؤلاء المجرمين، بقدر ما يعني أن كل من أمر وشارك وأشرف على اقتراف تلك الجرائم لن يكون جزءا من منظومة الحكم الجديدة في سوريا".

وشرح: "إصدار القضاء الفرنسي مذكرة اعتقال بحق الأسد وبعض رؤوس النظام خير دليل على ذلك، لأنه يعني أنهم لن يكونوا جزءا مستقبلا من سوريا، وبالتالي لن يتكرر ما حدث في تجارب بعض الدول".

وكان قضاة فرنسيون قد أصدورا قبل بضعة أيام أوامر اعتقال بحق رئيس النظام السوري، بشار الأسد، وشقيقه ماهر، واثنين من كبار معاونيه، بتهمة تنفيذ هجمات بالأسلحة الكيماوية على مدينة دوما في الغوطة الشرقية، عام 2013.

وفي 21 أغسطس 2013، وقع هجوم بغاز السارين في الغوطة الشرقية ومعضمية الشام (الغوطة الغربية)، أبرز معاقل الفصائل المعارضة آنذاك قرب العاصمة السورية، واتهمت المعارضة النظام السوري بتنفيذه.

وفي نهاية الشهر المذكور من ذلك العام، أعلنت الولايات المتحدة أنها على "قناعة قوية" بأن النظام "مسؤول" عن الهجوم الذي أوقع 1429 قتيلا، بينهم 426 طفلا.

كما نشرت الأمم المتحدة في 16 سبتمبر تقريرا لخبرائها الذين حققوا في الهجوم، تضمن حينها "أدلة واضحة" على استخدام غاز السارين.

تجدر الإشارة إلى أنه عام 2021، ألقت الشرطة الألمانية، القبض على اللاجئ الفلسطيني موفق دواه، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في مخيم اليرموك، ومن ثم حكم عليه بالسجن مدى الحياة لارتكابه جرائم حرب في سوريا.

وكان قد جرى اتهام دواه بـ7 تهم بالقتل، من بينها إطلاق قنبلة يدوية على حشد من المدنيين المتجمعين في عام 2014، أسفر عن مقتل 7 أشخاص على الأقل وإصابة 3 آخرين، خلال مشاركته القتال في حركة "فلسطين حرة" الموالية للنظام.

كما أدرج الاتحاد الأوروبي على قائمته السوداء كلاً من الفلسطينيين أكرم محمد السلطي، القائد العام لـ "جيش التحرير الفلسطيني"، وأبو هاني شموط، قيادي حالي في "لواء العهدة العمرية" العامل في مناطق جنوبي دمشق، بتهمة "تجنيدهما مرتزقة فلسطينيين وإرسالهم إلى ليبيا وأوكرانيا لقتال روسيا"، بحسب أبو عيد.

الحرة

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button