وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
يكاد لايمر يوم إلا ويكون فيه حالات كثيرة تتسم بالعنصرية والكراهية الشديدة ضد الأجانب بالنمسا؛ وخصوصاََ ضد المسلمين منهم وبالأخص ضد المحجبات، ولكنها عادةً توصف في الدوائر الرسمية بأنها حالات فردية وتصدر فقط من العوام، ولكن ما يثير القلق وماينفي عنها أنها حالات فردية؛

heute

وتشير إستطلاع الرأي، إلى تقدم حزب اليمين وازدياد شعبيته بين صفوف المواطنين وأن أكثر شخص سياسي حصل المركز الأول علي مواقع البحث الإلكتروني لكثرة الدخول الى صفحته العام الماضي 2023 هو رئيس هذا حزب الحرية، الذي "يناصب" "العداء" لكل ما هو أجنبي و"خصوصاََ" الوجود الإسلامي بالنمسا؛ فهي قضيته الدائمة والمتكررة وبرنامج الحزب قائم على هذا النهج مما يخرج هذه الأفعال من فرديتها إلى إتجاه عام أو التعاطف معها أو غض الطرف عنها بالنمسا.

ولكن هناك من يقف بقوة، ضد هذه التجاوزات أولها الدستور النمساوي ثم القوانين الرادعة التي تحد من زعزعة السلم الإجتماعي لكل فئات وأطياف المجتمع النمساوي.. وبالرغم من أن الكثيرون ممن يتعرضون لحالات العنصرية لا يعلنون عنها ويتخذون الخطوات الجريئة الرسمية لمعاقبة المتحرش أو المتهجم او المتهكم لأنهم في الغالب من الأجانب والذين لايجيدون حسن التصرف في هذه الأمور ويؤثرون السكوت ولكن - وعلى غير العادة - خرجت علينا فتاة نمساوية من أصول مصرية، في نهاية دراستها الجامعية بكلية الصيدلة، تعرضت لتنمر بغيض لأنها مسلمة محجبة، فقررت أن تستعمل كامل حقوقها في تعقب المتنمر حتى يكون رادعاََ لكل من تسول له نفسه أن يتباهى بعنصريته لأنه لا يلاحق ظناََ منه بأن الأجانب والمحجبات خصوصاََ لا حول لهم ولا قوة ولأنهم أغبياء وأن الحجاب لاغي وحاجب عن عقولهم الفهم والذكاء .

بداية الحكاية
صاحبة الموقف - الطالبة الصيدلانية - كان مطالب منها أن تبحث عن عدد من الساعات العملية في مجال تخصصها الصيدلي، وأن تطلب العمل في الصيدليات لكي يتسني لها التخرج، وبالطبع قدمت عبر بريدها الالكتروني طلبات كثيرة للعمل في أي صيدلية ولكن جميع طلباتها كانت تُرفض، أو لا يتم الرد عليها اصلاََ، ولأنها تعرف صعوبة الحصول على فرصة لأنها محجبة، حيث مرت جميع زميلاتها المحجبات بهذا الأمر سابقاً.

وبالرغم من علمها بصعوبة ذلك ولكن لا سبيل آخر لديها سوى مزيداََ من الطلب والبحث الشخصي بمقابلات لمديري هذه الصيدليات.. دون جدوى تذكر.

الى هنا والامور طبيعية.. إلى أن تلقت رسالة إلكترونية عبر بريدها الخاص يتهكم عليها ويتنمر عليها بصورة فجة لأنها محجبة قائلين لها: ماذا نريد من وجه البومة هذه؟؟ ألا يوجد لدينا نمساويين ؟؟

هنا وقعت تلك الكلمات على بطلة الحكاية على رأسها كالصاعقة وأخذت تعاود قراءة محتوى الرسالة وكادت لا تصدق تلك الكلمات البغيضة والتي تدل علي مدي شعور دفين لدى قطاعات كثيرة من النمساويين بالعنصرية لكل ما هو اجنبي.

وأنهم ينظرون الي الأجانب بصفة عامة والمسلمين منهم بصفة خاصة بأنهم أقل مرتبة وكفاءة من النمساويين!

حتى ولو وصلوا إلى كليات القمة واعتلوا مناصب هامة في الدولة، كل هذه الأمور دفعت بطلة تلك الواقعة إلى التحرك الإيجابي الفوري، وتواصلت مع الصحافة وتم نشر الموضوع فأحدث ضجة كبيرة لدى كل الأوساط لاحتواء الموقف.

ومن أجل وأد أي ردود أفعال غاضبة والجميع يعلم أن هناك ناراََ تحت الرماد وتتحين هذه النار الفرصة لكي يكون هناك انتقام ما لدي كثيرون يشعرون بالإهانة والعنصرية البغيضة بصورة متكررة، حتى وصل الأمر إلى الأحزاب وتواصل معها مندوب عن أكبر الأحزاب النمساوية SPÖ، وشدد عليها بأنها تلقي الدعم المعنوي من الحزب ويطالبها بعدم الرضوخ لأي مساومة لضمان حقها الأدبي والمعنوي فيما حدث.

ووصل أيضاََ الأمر إلى النقابة الفرعية بولاية شتايرمارك، والتي تقيم فيها هذه الصيدلانية بل وصلت الي النقابة العامة للصيادلة بالنمسا.. وقاموا بالتنديد بما حدث.

المفاجأة الصادمة
المفاجأة ظهرت حينما تم تغيير مفاجئ في موقف النقابة الفرعية وعرضوا علي الصيدلانية الصلح مع صاحبة الصيدلية وإبداء الإعتذار لها بصورة ودية وبلا ضجيج.. فلما سألت الصيدلانية عن سر هذا التحول من التنديد إلى قبول الإعتذار.. فعلمت أن صاحبة الصيدلية هي أستاذة دكتورة بكلية الصيدلة بجراتس وأنها من الشهيرات في هذا المجال بل هي من تضع الإمتحانات الخاصة بالتخرج، فلما علمت بكل هذا أصرت صاحبة الواقعة بأنها لن تقبل التصالح مهما كلفها الأمر؛

لأن الأمر أصبح لايخصها هي فقط بل يخص كل إنسان يشعر بالقهر والظلم جراء مواقف عنصرية عديدة، ولتكون رادعاََ فيما بعد لكل من تسول له نفسه أن يتنمر او يتهجم علي اجنبي والسخرية منه.

حكاية مماثلة قبل 7 أعوام
نفس الإسم ونفس الأصول المصرية و نفس الكلية ونفس المعاناة حدثت طالبة تحمل نفس اسم صاحبة هذه الواقعة.. وتعرضت لرفض جميع طلباتها من كل الصيدليات التي راسلتها للعمل بها في كل أنحاء النمسا ولكن دون جدوى لأنها محجبة.

وكل زميلاتها من جنسيات أخرى غير محجبات، بالطبع حصلن فوراََ على فرصة للعمل والساعات المطلوبة تجاوزوها للحصول على عضوية النقابة والاعتراف بها كصيدلانية تمارس عملها تحت مظلة رسمية.. ولم تحصل هذه الطالبة على بطاقة النقابة إلا منذ عامين فقط.. بعدما استمرت بالبحث طيلة خمس سنوات كاملة ولم يجدي نفعاََ الى ان جاءتها موافقة من إحدى الصيدليات وتبعد عن مقر إقامتها بحوالي 60 كم فاضطرت أن تتحمل عبء السفر اليومي ذهاباََ وإياباََ وهي في وضعية ربة منزل ومسؤلة عن طفلين صغيرين.!!

ويعتب هذا جانب واحد فقط وبسيط من كم التجاوزات التي يتلقاها الأجنبي من ممارسات عنصرية بالنمسا والتي يجب أن تحارب بصورة فعالة حفاظاََ على السلم الإجتماعي.

عبد العزيز الشرقاوي - غراتس

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button