وصف المدون

اليوم

INFOGRAT - فيينا:
مع اقتراب موعد الانتخابات الأوروبية التي تجري بين 4 و9 يونيو/حزيران 2024، تتنافس الأحزاب الكبرى في بلدان الاتحاد عبر الحملات الانتخابية على استقطاب أكبر عدد ممكن من الناخبين للحفاظ على عدد مقاعدها في البرلمان أو للحصول على مكاسب جديدة. بيد أن هذه الأحزاب أمام تحد كبير حيث تشير استطلاعات الرأي إلى صعود مدوٍّ للأحزاب اليمينية المتطرفة. فهل سيحقق اليمين المتطرف اختراقا تاريخيا هذه المرة؟

AFP

قبل شهر واحد من موعد استحقاق الانتخابات الأوروبية، المقرر إجراؤها بين الرابع والتاسع من يونيو/حزيران 2024، تواصل أحزاب اليمين المتطرف صعودها المدوي في عدد كبير من بلدان الاتحاد عبر حصولها على نسب كبيرة في استطلاعات الرأي.

على سبيل المثال، حزب "فلامس بيلانغ"، ومعناه "المصلحة الفلمنكية"، في بلجيكا يسير من قوة إلى قوة بعد أن كان قد تراجع إلى الهامش. هذا الصعود الملموس ليس حالة فردية تخص هذا الحزب أو بلجيكا وحدها، ولكنه يعكس المشهد السياسي في أوروبا بأسرها في بلدان مثل هولندا وإيطاليا والمجر وفنلندا وبلغاريا واليونان والسويد... إلخ.

وتعطي استطلاعات الرأي احتمالات كبيرة لفوز اليمين المتطرف بالمركز الأول في الانتخابات في تسع دول على الأقل، وبالمركز الثاني أو الثالث في تسع دول أخرى. وهو ما يعني أن هذا التيار المتطرف سيحظى بنصيب كبير من المقاعد في ثمانية عشر بلدا من أصل 27 هي مجموع دول الاتحاد الأوروبي.

بالتوازي مع الحالة البلجيكية، وإن كانت أكثر تعقيدا، نجد الشيء نفسه في النمسا. "فالحزب النمساوي للحرية" الشعبوي حصل على 28 بالمئة من نوايا التصويت في الانتخابات الأوروبية، وهي نسبة تزيد بعشر نقاط عما حصل عليه هذا الحزب في انتخابات 2019 التشريعية، كما تمهد له الطريق لفوز كبير في انتخابات سبتمبر/أيلول المقبل التشريعية أيضا.

في اليونان أيضا، باتت الأحزاب اليمينية المتطرفة تحتل المركز الرابع في استطلاعات الرأي بنسبة 11 بالمئة بعد حزب "الديمقراطية الجديدة" الحاكم (31 بالمئة) وحزب سيريزا اليساري (14 بالمئة) وحزب باسوك من يسار الوسط (13 بالمئة). لكن العديد من المراقبين، مثل جورجيوس سامراس الأستاذ المساعد في كينغز كوليدج بلندن، يشككون في هذه النسبة ويتوقعون حصول الأحزاب المتطرفة بقيادة حزب "الحل اليوناني" على نسبة أكبر تؤهله للحلول ثانيا بعد الحزب الحاكم. هذه التوقعات تستند إلى حقائق على أرض الواقع بعد الصحوة اليمينية التي تلت سقوط الحزب النازي الجديد "الفجر الذهبي" منذ خمس سنوات وتوجه العديد من الناخبين اليمينيين التقليديين إلى المعسكر المتطرف بعد الإحباط الذي أصابتهم به سياسة رئيس الوزراء الحالي اليميني كيرياكوس ميتسوتاكيس.

الإسلاموفوبيا والعودة للجذور المسيحية لأوروبا
العقد الناظم لمعظم الأحزاب اليمينية المتطرفة هو ملف الهجرة لأسباب دينية. فعلى الرغم من أن هذه الأحزاب لا ترحب بالمهاجرين بصورة عامة لكنها لا ترحب على الأخص بالمهاجرين المسلمين. وترى أن المسلمين هم سبب مشاكل أوروبا وعليه فيجب إخراجهم من القارة.

تتبنى معظم هذه الأحزاب خطابا يحض على كراهية الإسلام (الإسلاموفوبيا) ولكنها تضع في مقابله العودة إلى الدين المسيحي كسبيل لإنقاذ أوروبا. في الحالة اليونانية مثلا، نجد أن كيرياكوس فيلوبولوس زعيم حزب "الحل اليوناني" مقرب للغاية من الكنيسة الأرثوذوكسية وينشر خطابا معاديا للهجرة والمثلية الجنسية. كما أنه يستوحي شعاراته في هذا الصدد من الرئيس الأمريكي السابق الشعبوي دونالد ترامب، ليصك شعاره الخاص "لنعيد أوروبا للمسيحية مرة أخرى".

ويعد مثلا الهولندي خيرت فيلدرز، واحدا من زعماء اليمين السياسي المتطرف في أوروبا، الذين يناصبون الإسلام والمهاجرين المسلمين العداء، وكان حزبه اليميني المتطرف، قد تعهد ضمن برنامجه الانتخابي، للفترة ما بين عامي 2021 و2025 بإنشاء وزارة للهجرة وإعادة اللاجئين إلى بلادهم و"التطهير من الإسلام".

لكن فيلدرز لا يمثل حالة مفردة في أوروبا، إذ إن عدة أحزاب يمينية متطرفة، في دول أوروبية أخرى، تنهج نفس النهج فيما يتعلق بالموقف من الإسلام والمسلمين، مثل التجمع الوطني في فرنسا بزعامة مارين لوبان، وهو أول حزب استخدم الإسلاموفوبيا، في دعايته السياسية وحملته الانتخابية، للتخويف من المسلمين، والحزب النمساوي اليميني الشعبي، والحزب اليميني الشعبي الدانماركي وحزب البديل من أجل ألمانيا.

وتزامن صعود تلك الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوربا، مع تصاعد العداء للمسلمين، وهو ما بات يعرف "بالإسلاموفوبيا"، وهي ظاهرة فكرية تستند إلى تنميط للمسلمين المهاجرين، وتروج لفكرة أنهم غير مندمجين في مجتمعاتهم، وأنهم يشكلون بؤرا للإرهاب، ويثير صعود تلك الأحزاب اليمينية المتطرفة، على مدار الأعوام القليلة الماضية، مخاوف الجاليات المسلمة في أوروبا، في ظل ما يصدر عنها من دعوات ضد المهاجرين بشكل عام، وضد المهاجرين المسلمين على وجه الخصوص. فيما يردها كثير من المراقبين، إلى أنها تمثل انعكاسا لفشل الحكومات الأوربية، في إيجاد حلول للمشكلات المزمنة التي تعاني منها بلادها، وعلى رأسها المشكلات الاقتصادية، ما أدى لتفاقم ظاهرة كراهية المهاجرين وشيوع نظريات "الاستبدال الكبير".

إحباط الناخبين اليمينيين التقليديين
يرجع صعود اليمين المتطرف في جزء منه إلى الإحباط الذي يعاني منه ناخبو الأحزاب التقليدية. فبالنسبة لهم، لا تلتزم هذه الأحزاب بوعودها الانتخابية ما إن تصل إلى السلطة. كما أن سياساتها تزيد الأوضاع الاقتصادية تدهورا وهو ما يجعل الناخب اليميني يلجأ إلى الأحزاب المتطرفة كسياسة عقابية لحزبه التقليدي أو لإيمانه بأن الحل يكمن في تغيير الوجوه والسياسات.

في الحالة اليونانية، كان حزب "الحل اليوناني" الحزب الوحيد في البلاد الذي كسب أرضيات انتخابية جديدة في الفترة السابقة. فقد حصل على 4,45 بالمئة في الانتخابات التشريعية شهر يونيو/حزيران 2023، في حين تشير استطلاعات الرأي الجديدة إلى حصوله على 11 بالمئة من الأصوات، والفارق بين النسبتين كبير جديدا في 10 أشهر فقط.

ويعود هذا الصعود المفاجئ إلى الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها حكومة ميتسوتاكيس وأيضا إلى الفساد المستشري فيها وهو ما أدى لحدوث أكبر حادث قطارات في تاريخ البلاد وكذلك تزوير التسجيلات الصوتية المرتبطة بهذا الحادث.

المحاور الرئيسة لخطاب اليمين المتطرف الأوروبي
في النهاية نجد أن الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا تشترك بصورة أو بأخرى في عدد من نقاط التوافق بينها على أساسها تجتذب الجماهير ذات الخلفيات المختلفة والتي لا يربطها أي مشترك سياسي أو أيديولوجي. وهو ما يجعلها تتقدم بتؤدة وثبات وتجذب فئات تصويتية جديدة يوما تلو الآخر.

ومن أهم المحاور التي تجمع أحزاب أوروبا اليمينية المتطرفة نجد الآتي:
  1. معاداة الإسلام (الإسلاموفوبيا)
  2. معاداة المثلية
  3. العودة للدين المسيحي (النزعة الدينية المفرطة)
  4. معاداة اللقاحات
  5. رفض الإجهاض
  6. النزعة القومية المفرطة (لا سيما في المجتمعات متعددة العرقيات مثل بلجيكا)
  7. النزعة المحافظة المفرطة
  8. التشكيك في أوروبا
  9. العلاقات مع روسيا

AFP

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق

شكراً لك على مشاركة رأيك.. لنكتمل بالمعرفة

Back to top button