أزمة الموازنة تُهيمن على مفاوضات تشكيل الحكومة النمساوية بين الشعب والاشتراكي والنيُوس
فيينا – INFOGRAT:
استأنفت الأحزاب الثلاثة، حزب الشعب (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) وحزب النيُوس (NEOS)، يوم الثلاثاء المفاوضات حول تشكيل الحكومة الجديدة على مستوى اللجنة التوجيهية العليا، وذلك بعد الإعلان الرسمي عن أرقام الموازنة العامة. اجتمع زعماء الأحزاب الثلاثة كارل نيهامر (حزب الشعب)، أندرياس بابلر (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) وبيآته ماينل-رايزينغر (حزب النيُوس) في Palais Epstein في فيينا، لمناقشة أبرز القضايا وعلى رأسها قضية إعادة هيكلة الموازنة واحتواء أزمة العجز المالي.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، قبيل بدء الاجتماع، أكد قادة الأحزاب الثلاثة أن النمسا تواجه تحديات كبيرة نظرًا للوضع الصعب للموازنة، حيث أشار زعيم حزب الشعب، كارل نيهامر، إلى أن العمل في اللجان الموضوعية الفرعية الـ33 قد انتهى بنجاح، لكن المرحلة الحالية تركز على “التحدي الأكبر” المتمثل في التعامل مع أزمة الموازنة وتحديد سبل إعادة هيكلتها. وأضاف نيهامر أن المفاوضات في اللجان الفرعية “حققت تقدمًا كبيرًا بشكل مفاجئ”، وأن التحدي الآن يتمثل في اعتماد استراتيجية موحدة لمواجهة الأعباء المالية.
من جانبها، وصفت زعيمة حزب النيُوس، بيآته ماينل-رايزينغر، التحديات المالية التي تواجهها البلاد بـ”الضخمة”، مشيرة إلى أن قرارات الحكومات السابقة تركت “مشاريع مؤجلة” و”أزمات لم تُحل”. وشددت على ضرورة العمل المشترك لتحقيق تقدم يتجاوز “الحد الأدنى المشترك” من التفاهمات بين الأحزاب، مؤكدة أن البلاد بحاجة إلى “برنامج شامل يعيد النمسا إلى المسار الصحيح”.
بدوره، أقر زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أندرياس بابلر، بوجود “تحديات هائلة” في مجال الموازنة العامة، داعيًا إلى وضع برنامج طموح يحقق العدالة المالية ويعالج فجوة العجز المالي. كما أكد بابلر أن الهدف الرئيسي هو تحقيق استقرار اقتصادي بعيد المدى، مع مراعاة الأعباء الاجتماعية والاقتصادية.
مقترح بدمج حكام الولايات في المفاوضات
اقترحت زعيمة حزب النيُوس، ماينل-رايزينغر، ضرورة إشراك حكام الولايات الفيدرالية (Landeshauptleute) في المفاوضات الحكومية، مشددة على أن الوضع المالي الصعب يتطلب “جهدًا وطنيًا شاملًا” ومساهمة كافة الأطراف المعنية. واعتبرت ماينل-رايزينغر أن حكام الولايات يتحملون جزءًا من المسؤولية في إطار النظام الفيدرالي للنمسا، وبالتالي ينبغي إدماجهم في وضع الحلول المستقبلية.
خيارات متعددة لإعادة هيكلة الموازنة
وفقًا لأرقام المفوضية الأوروبية التي نُشرت يوم الأحد، تحتاج النمسا إلى توفير ما يتراوح بين 12 و15 مليار يورو خلال السنوات الأربع المقبلة. الخيارات المطروحة أمام الحكومة المستقبلية تتضمن مسارين رئيسيين:
- خطة تقشف على مدار أربع أو سبع سنوات دون الدخول في إجراءات عجز مع الاتحاد الأوروبي.
- الدخول في إجراءات العجز تحت إشراف الاتحاد الأوروبي، وهو ما قد يمنح النمسا مرونة مالية إضافية.
يختلف موقف الأحزاب حول المسارين؛ إذ يدعم حزب الشعب خطة تقشف تمتد لسبع سنوات دون تدخل أوروبي، مما يتطلب توفير 6.3 مليار يورو في السنة الأولى، بينما يفضل الحزب الاشتراكي الديمقراطي خطة أكثر مرونة تتضمن التعاون مع الاتحاد الأوروبي. ووفقًا لهذه الخطة، سيكون حجم التوفير أقل في السنوات الأولى (3.9 مليار يورو سنويًا على مدى سبع سنوات أو 4.2 مليار يورو سنويًا على مدى أربع سنوات).
تفاصيل المسارات المقترحة
تتباين الخيارات المطروحة بين الأحزاب الثلاثة من حيث حجم التوفير وسرعة التنفيذ:
- المسار المفضل لحزب الشعب (ÖVP): خطة سبع سنوات دون تدخل أوروبي، تتطلب توفير 6.3 مليار يورو في السنة الأولى، وتصل إلى 12.1 مليار يورو بحلول عام 2028.
- المسار المفضل للحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ): التعاون مع الاتحاد الأوروبي من خلال إجراءات العجز، حيث يمكن تخفيف الضغط المالي في السنوات الأولى. يتطلب هذا المسار توفير 3.9 مليار يورو سنويًا (على مدى سبع سنوات) أو 4.2 مليار يورو سنويًا (على مدى أربع سنوات).
مقترحات لتخفيض النفقات
قدّم وزير المالية المؤقت، غونتر ماير، مقترحات أولية لخفض التكاليف، من أبرزها:
- إلغاء “البونوس المناخي” مما يوفر حوالي ملياري يورو سنويًا.
- إلغاء نظام إجازة التعليم “Bildungskarenz”، الذي سيوفر حوالي 650 مليون يورو سنويًا.
- خفض نسبة الدعم الحكومي إلى المتوسط الأوروبي، وهو ما سيُسهم في توفير حوالي ثلاثة مليارات يورو.
رؤية مجلس الاستقرار المالي
في تقريره الأخير، شدد “مجلس الاستقرار المالي” على أهمية تحقيق توازن اقتصادي خلال عملية إعادة هيكلة الموازنة، محذرًا من تداعيات سلبية قد تُفاقم الأوضاع الاقتصادية. وأوصى المجلس بضرورة اعتماد “إجراءات مرنة” تأخذ بعين الاعتبار النمو الاقتصادي، مع التأكيد على عدم اقتصار الإصلاحات على تخفيض النفقات بل تشمل أيضًا زيادة الإيرادات العامة.
المسار التفاوضي لا يزال غامضًا
على الرغم من اختتام أعمال اللجان الفرعية الأسبوع الماضي، إلا أن المفاوضات النهائية على مستوى القيادة لم تحدد بعد جدولًا زمنيًا دقيقًا. وتظل القضايا المالية، خاصة الضرائب والإنفاق الحكومي، “نقطة خلاف رئيسية” بين الأحزاب الثلاثة.
جدير بالذكر أن حزب الشعب عقد اجتماعًا داخليًا صباح الثلاثاء عبر الإنترنت لإطلاع قياداته المحلية على سير المفاوضات، بينما أجرى الحزب الاشتراكي الديمقراطي اجتماعًا مشابهًا يوم الاثنين. في المقابل، اجتمع حزب النيُوس في نهاية الأسبوع الماضي لبحث تطورات المفاوضات.



