الحكومة النمساوية تبدأ بمشروع إصلاح المساعدات الاجتماعية وربط الدعم بالاندماج وتقليص مخصصات الأسر الكبيرة
بعد أشهر من الجدل، انطلقت رسمياً المناقشات حول مشروع إصلاح المساعدات الاجتماعية في النمسا. يهدف المشروع الحكومي المشترك بين أحزاب الائتلاف الحاكم إلى إحداث تغيير جذري في النظام القائم، من خلال توحيد القواعد على مستوى البلاد، وفرض التزامات واضحة على المستفيدين، وتقديم دعم مالي مستقل للأطفال. وقد تم تأجيل بدء المشروع في الأسبوع الماضي بسبب خلافات بين الأطراف السياسية، لكن حزب الشعب النمساوي (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي النمساوي (SPÖ) وحزب النمسا الجديدة (NEOS) اتفقوا على الشروع في تنفيذه. ومن المتوقع أن تبدأ هذه الإصلاحات الجديدة في الأول من يناير 2027، بحسب صحيفة krone النمساوية.
تفاصيل الإصلاح الجديد وخطواته القادمة
الركائز الثلاث للإصلاح كشفت وزيرة الاندماج Claudia Plakolm (ÖVP)، ووزيرة الشؤون الاجتماعية Korinna Schumann (SPÖ)، ورئيس كتلة NEOS البرلمانية Yannick Shetty، عن الخطوط العريضة للإصلاح، التي ترتكز على ثلاث ركائز أساسية:
- توحيد القواعد: توحيد تنظيم المساعدات الاجتماعية على مستوى البلاد لإنهاء “البساط المرقع” من القوانين المختلفة بين الولايات.
- الاندماج الإلزامي: فرض قواعد واضحة للاندماج منذ “اليوم الأول”، مع التركيز على تعلم اللغة الألمانية، والعمل، وقيم المجتمع، بالإضافة إلى إمكانية فرض عقوبات على المخالفين.
- تأمين مستقبل الأطفال: فصل الأطفال عن نظام المساعدات الاجتماعية الحالي، ودعمهم بنموذج خاص يحسن من وضعهم.
يركز “تأمين مستقبل الأطفال” على تعزيز الخدمات العينية مثل: تحسين الرعاية الصحية، وتوفير تعليم ابتدائي عالي الجودة، ووجبات صحية في المؤسسات التعليمية. ويهدف هذا الإجراء بشكل خاص إلى مساعدة الأطفال في الأسر ذات الظروف الاجتماعية الصعبة على الخروج من دائرة الفقر.
اجتماع مع الولايات الفيدرالية شدد أعضاء الحكومة على أن “Sozialhilfe Neu” هو مشروع طويل الأجل، سيتم تطويره بالتعاون الوثيق بين الوزارات الفيدرالية والولايات النمساوية. وقد تم بالفعل تحديد موعد لجلسة افتتاحية في 25 سبتمبر مع ممثلين عن الولايات والمتحدثين باسم الأحزاب الحكومية للشؤون الاجتماعية.
وستكون هذه المباحثات مبنية على تقرير قانوني صادر عن الإدارة الدستورية في المستشارية الاتحادية، والذي يتناول المسائل الدستورية والقانونية المتعلقة بالإصلاح. ويهدف الإصلاح إلى أن تكون المساعدات “متوافقة مع الاحتياجات، ومشجعة للاندماج، وذات رؤية مستقبلية”، وأن تكون “منصة للانطلاق نحو الاعتماد على الذات”. وفي الوقت نفسه، يجب الحفاظ على مبدأ “عدالة الاستحقاقات” مقارنة بالدخل الذي يمكن تحقيقه من خلال العمل، بهدف خلق حوافز إيجابية للعودة إلى سوق العمل.
تصريحات المسؤولين ترى الوزيرة Korinna Schumann أن الإصلاح يمثل “خطوات حاسمة”، وتؤكد: “هدفنا هو دعم الناس لا إدارتهم. من المهم بالنسبة لي بشكل خاص أن نساعد الأطفال على الخروج من الفقر من خلال إعانات محددة تحسن من فرصهم. لا يجب أن نترك أي طفل خلفنا”. وأضافت أن الإصلاح سيعزز أيضاً من هم قادرون على العمل ليعيشوا حياة مستقلة في أسرع وقت ممكن.
من جانبه، صرح Yannick Shetty: “المساعدات الاجتماعية يجب ألا تقدم الحوافز الخاطئة، أو تعاقب على الأداء، أو تمنع الاندماج. لذلك، من المهم تنظيمها بشكل موحد ودقيق على مستوى البلاد. نحن نضمن أن الهجرة إلى النظام الاجتماعي لن تحدث بعد الآن. في الوقت نفسه، نربط الدعم الاجتماعي للمرة الأولى بالتزامات واضحة للاندماج. من يرفض العمل، أو تعلم الألمانية، أو الاندماج، سيشعر بالعواقب الصارمة”.
وأوضحت الوزيرة Claudia Plakolm: “حالياً، ننفق مليارات اليورو على الحد الأدنى للتأمين والمساعدات الاجتماعية. وفي كثير من الأحيان، نُنفقها على أشخاص لم يساهموا ولو بسنت واحد في نظامنا الاجتماعي، ويرون أن إعاناتنا الاجتماعية هي بديل مريح عن الدخل، ولا يخططون لإعالة أنفسهم وعائلاتهم. هذا ببساطة لم يعد مجدياً”. وأكدت أن المساعدات الجديدة يجب أن تكون عادلة وواضحة، وأن تكون “شبكة أمان أخيرة ومؤقتة”. وأضافت: “يجب أن يحصل الأشخاص الذين يعملون ويسعون لإعالة أسرهم على دخل أعلى بكثير. عندئذ فقط يتحقق العدل. بالنسبة للأطفال، فإن المساعدات الاجتماعية تغطي جميع التكاليف بالفعل، ولا نرى ضرورة لإضافة 3000 يورو أخرى فوق ذلك”.
احتمالية تخفيض المخصصات في تطور مثير قد يؤدي الإصلاح في النهاية إلى احتساب إعانات الأسرة (Familienleistungen) ضمن المساعدات الاجتماعية. على سبيل المثال، يمكن أن تخسر عائلة سورية كبيرة كانت تتلقى إجمالاً 9000 يورو (6000 يورو مساعدات اجتماعية و 3000 يورو إعانة عائلية)، 3000 يورو من إجمالي الدعم، بسبب إلغاء إعانة الأسرة في المستقبل.



