المستشار النمساوي شالنبرغ في حوار الوداع: “أنا فقط على بُعد مكالمة هاتفية”
فيينا – INFOGRAT:
حذَّر المستشار النمساوي ألكسندر شالنبرغ من أفكار العزلة التي يروج لها حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، مؤكدًا أن الانسحاب من الشراكات الدولية سيكون “وهمًا كبيرًا يسبب الألم” وفي مقابلة الوداع مع صحيفة Heute، أكد شالنبرغ (55 عامًا) أنه سيظل متاحًا لأي استشارة مستقبلية، قائلاً: “أنا فقط على بُعد مكالمة واحدة”.
محطات قيادية من الدبلوماسية إلى رئاسة الحكومة
عندما تؤدي النمسا يوم 3 مارس اليمين الدستورية لأول حكومة ائتلافية ثلاثية في تاريخها، سيكون ألكسندر شالنبرغ قد أمضى 110 أيام من حياته في منصب المستشار، ويتولى هذا الدور لأول مرة عام 2021، بعد استقالة سيباستيان كورتس، في ذروة جائحة كورونا، ثم عاد مجددًا بعد استقالة كارل نيهامر في يناير الماضي، ليقود الحكومة المنتهية ولايتها.
لكن شالنبرغ ترك بصمته الأوضح كوزير للخارجية، حيث كان يتمتع بخبرة دبلوماسية رفيعة المستوى، سواء في الأمم المتحدة في نيويورك أو خلال زياراته لدول البلقان. وقد بدأ مسيرته السياسية كمتحدث صحفي لوزيرة الخارجية السابقة أورسولا بلاسنيك، ثم أصبح رئيس قسم الشؤون الأوروبية في وزارة الخارجية خلال فترة كورتس.
ماذا بعد مغادرة الحكومة؟
عند سؤاله عن خططه المستقبلية، أقر شالنبرغ بأنه لم يحدد بعد وظيفته القادمة، لكنه سيأخذ وقته لاتخاذ القرار الصحيح، مستشهدًا بنصيحة من صديق مقرب: “لا تقبل أول عرض يصلك”.
أما عن لحظاته الأكثر تأثيرًا، فقد أكد أن دوره كوزير للخارجية كان الأبرز في مسيرته، لكنه أيضًا استمتع بعمله كوزير للثقافة في حكومة المستشارة بريجيت بيرلاين عام 2019، وأوضح أنه يرى في الفنون والثقافة ملاذًا شخصيًا: “عندما أشعر بالضيق، أذهب إلى المتحف أو أقرأ كتابًا. البعض يمارس الرياضة، وأنا أمارس رياضة العقل”.
تحذير من سياسات العزلة وحماية المصالح الأوروبية
في سياق حديثه عن السياسة الخارجية، أعرب شالنبرغ عن قلقه بشأن تصاعد الخطاب القائم على التشاؤم في أوروبا، قائلاً: “نحن قارة المتشائمين والمبالغين في التهويل، والنمسا دائمًا تحتل الصدارة في هذه المنافسة” وأكد أن أوروبا ليست ضعيفة كما يظن البعض، لكنها تعاني من مشكلة إدراك ذاتي: “نحن على قدم المساواة مع الولايات المتحدة والصين، لكننا القارة الوحيدة التي لا تدرك ذلك”.
وفيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا، أشار إلى أنه يتوقع إمكانية التوصل إلى هدنة خلال العام الحالي، لكنه شدد على أن أي حل يجب أن يتم بموافقة الأوكرانيين، محذرًا من اتفاقات قصيرة المدى قد تضر بالاستقرار طويل الأمد، وأضاف: “فلاديمير بوتين يسعى لإعادة بناء الاتحاد السوفيتي، وهذا ليس في مصلحتنا”.
انتقادات لحزب الحرية (FPÖ) وسياسته الانعزالية
انتقد شالنبرغ بشدة مطالب حزب الحرية بإزالة علم الاتحاد الأوروبي من المباني الرسمية والانسحاب من الشراكات الدولية، واصفًا هذه الأفكار بأنها “وهم كبير يسبب الألم” وأكد أن النمسا بحاجة إلى التعاون الدولي للحفاظ على أمنها واستقرارها الاقتصادي، مشددًا على أن العزلة ستؤدي فقط إلى “الإفقار الذاتي واليأس”.
وعند سؤاله عن رأيه في الحكومة القادمة برئاسة كريستيان ستوكر، أكد أنه يثق في قدرة حزب الشعب النمساوي (ÖVP) على تحقيق نجاحات، مشيرًا إلى أنه تأثر بشخصية ستوكر وانضباطه خلال الأسابيع الأخيرة.
الوداع برسالة مفتوحة: “أنا هنا لمن يحتاجني”
أخيرًا، عندما سُئل عما إذا كان سيعود إلى السياسة في حال طُلب منه ذلك، ترك الباب مفتوحًا قائلاً: “لقد تعلمت أن التخطيط للحياة هو شيء للمبتدئين فقط” لكنه شدد على أنه لن يبتعد تمامًا عن خدمة البلاد: “أنا أغادر الملعب، لكنني لن أخلع القميص الأحمر والأبيض، سأكون دائمًا متاحًا لمن يحتاج إلى مشورتي، فقط على بُعد مكالمة واحدة”.



