النمسا تؤكد موقفها الحيادي في قمة بروكسل وتعزز دعمها لأوكرانيا في وجه التوسع الروسي

انعقدت في بروكسل قمة خاصة لرؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأوروبي في السادس من مارس 2025، حيث تمحورت المناقشات حول تعزيز القدرات العسكرية لأوروبا، دعم أوكرانيا في صراعها ضد روسيا، وإعادة تقييم العلاقات مع الولايات المتحدة في ظل القيادة الحالية للرئيس دونالد ترامب، وكانت النمسا حاضرة في هذا الحدث البارز، مع مشاركتها الفاعلة من خلال وفد رفيع المستوى يتضمن المستشار النمساوي الجديد كريستيان ستوكر، ونائب المستشار أندرياس بابلر، ووزيرة الخارجية بياتي مينل-رايزينغر، الذين تواجدوا في بروكسل للتباحث حول القضايا المتعلقة بالأمن والدفاع.

وبحسب صحيفة kurier النمساوية، في أول ظهور له بعد توليه منصب المستشار، شارك كريستيان شتوكر في القمة الخاصة حيث كانت مشاركته محورية في مناقشة موضوعات الدفاع الأوروبي، ومن جانبها، أيدت الحكومة النمساوية تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية، إلا أن النمسا أصرّت على رفض زيادة ديون الاتحاد الأوروبي ورفض أي تمويل يتطلب تحميل دول الاتحاد أعباء مالية إضافية.

أوضح ستوكر أن النمسا تدعم المبادرات الدفاعية الأوروبية، ولكنه شدد على ضرورة مراعاة الحياد العسكري للبلاد وعدم الانخراط في تمويل مفرط قد يؤدي إلى زيادة الديون. كما أشار إلى أن النمسا تؤيد تعديل السياسات المالية الأوروبية لتحقيق مزيد من المرونة في تخصيص الأموال لدعم الدفاع، ولكن من دون اللجوء إلى الاقتراض أو فرض ديون جديدة.

دعم النمسا لأوكرانيا مع التأكيد على السيادة الأوروبية

خلال القمة، أيدت النمسا بشكل قوي دعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي، إلا أن وزيرة الخارجية بياتي مينل-رايزينغر أكدت في تصريحاتها أهمية تعزيز الاستقلالية الأوروبية في شؤون الدفاع والأمن، حيث شددت على أن أوروبا لا يمكنها الاعتماد على الولايات المتحدة لتأمين مصالحها الأمنية على المدى الطويل، مثلما لا يمكنها الاعتماد على روسيا للطاقة أو على الصين لسلاسل الإمداد، وأشارت إلى ضرورة أن تأخذ أوروبا زمام المبادرة في رسم سياساتها الدفاعية والتعامل مع التحديات الأمنية، بما يضمن استقلالها السياسي والاقتصادي.

العلاقات الأوروبية-الأمريكية تحت قيادة ترامب

من جهة أخرى، كانت العلاقات مع الولايات المتحدة أحد المواضيع الهامة التي جرى بحثها خلال القمة، خصوصًا مع التأثير الكبير للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السياسة العالمية، حيث أبدت النمسا قلقها من سياسات ترامب الخارجية، وخاصة موقفه تجاه الحرب في أوكرانيا، واعتبرت وزيرة الخارجية النمساوية أن النهج الذي اتبعه ترامب في المنطقة قد يؤدي إلى توترات إضافية في العلاقات عبر الأطلسي، في حين أعرب ستوكر عن ترحيبه بأي مبادرات تهدف إلى تحقيق السلام في أوكرانيا، لكنه أكد على ضرورة أن تكون هذه المبادرات متوازنة وتخدم الاستقرار طويل المدى في المنطقة.

موقف الأحزاب الأوروبية من المساعدات العسكرية

فيما يتعلق بمساعدة أوكرانيا، شهدت القمة نقاشات حادة حول حجم الدعم العسكري الأوروبي للأوكرانيين. حيث تمسك بعض ممثلي الأحزاب اليمينية الأوروبية برفض تقديم مزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، معتبرين أن الحلول السياسية هي الطريق الأمثل لإنهاء النزاع. من ناحية أخرى، أكدت الأحزاب الاشتراكية والخضراء على ضرورة استمرار تقديم الدعم العسكري إلى أوكرانيا لضمان حماية سيادتها وسلامتها الإقليمية في وجه التوسع الروسي.

تعزيز الدفاع الأوروبي

من المواضيع البارزة في القمة، كان تعزيز القدرات الدفاعية الأوروبية عبر استثمارات ضخمة في هذا المجال، حيث تم اقتراح تخصيص مبلغ يصل إلى 800 مليار يورو لتعزيز الدفاع الأوروبي. وشددت القمة على ضرورة أن تكون أوروبا أكثر قدرة على التعامل مع التهديدات الأمنية العالمية، وعلى ضرورة توجيه هذه الاستثمارات إلى تطوير صناعات الدفاع الأوروبية وتوسيع التعاون بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في هذا المجال.

تحذيرات حول مستقبل الاتحاد الأوروبي

وخلال النقاشات، أبدى عدد من القادة الأوروبيين قلقهم من أن الاتحاد الأوروبي قد يواجه تحديات كبيرة في المستقبل إذا لم يتعزز قدرته على اتخاذ قرارات مستقلة في القضايا الدفاعية والأمنية، وكان أبرز هذه التحذيرات من رئيس الحزب الأخضر في النمسا، فيرنر كوغلر، الذي أشار إلى أن ضعف الدفاع الأوروبي قد يؤدي إلى انهيار الاتحاد الأوروبي في السنوات القادمة إذا لم يتخذ الاتحاد خطوات جادة لتقوية دفاعاته، واعتبر أن أوروبا يجب أن تكون مستعدة لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة من دول مثل روسيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى