النمسا تدعم خطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأصول الروسية في إعمار أوكرانيا

تولت بيآته ماينل-رايزينغر منصب وزيرة خارجية النمسا منذ يوم الإثنين، في فترة مليئة بالتحديات على المستويين المحلي والدولي، وأكدت الوزيرة الجديدة تفهمها لمخاوف الكثيرين، لكنها شددت على أن الخوف “مستشار سيئ”، داعيةً إلى تعزيز دور أوروبا، بما في ذلك في مجال السياسة الأمنية، كما انتقدت الطريقة التي يتم بها تناول هذا الموضوع في النمسا، قائلةً إنه “يتم دائمًا تناوله من منظور الحياد”.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أوضحت ماينل-رايزينغر أن العديد من المفاهيم التي كانت سائدة سابقًا، مثل “سيادة القانون مقابل قانون القوة”، لم تعد قائمة في الواقع الحالي، وأشارت إلى أن المشاهد الأخيرة، مثل الخلاف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، أثارت بطبيعة الحال “حالة من عدم اليقين الهائل”. لكنها أكدت في الوقت نفسه أن الخوف “ليس الرفيق المناسب”، وأنه لا بديل عن “الثقة والعمل الجاد”.

وأعربت وزيرة الخارجية عن دعمها لتوجه أوروبا نحو الاستقلال الأمني والدفاعي، مؤكدةً أن “على أوروبا أن تعتمد على نفسها عندما يتعلق الأمر بحماية أمن وحرية مواطنيها”، لذلك، رحّبت بمبادرة المفوضية الأوروبية لوضع استراتيجية تسليح جديدة للقارة، قائلةً: “نحن في النمسا نرى هذه الخطوة مثيرة للاهتمام”. كما أشارت إلى أن الحكومة الائتلافية، التي تضم حزب الشعب (ÖVP) والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ) وحزب نيوس (NEOS)، قد وضعت بالفعل في برنامجها الحكومي زيادة كبيرة في ميزانية الدفاع، مع خطة لرفع الإنفاق العسكري إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2032.

الحياد والتزامات النمسا الدفاعية في الاتحاد الأوروبي

أكدت ماينل-رايزينغر أن النمسا ملتزمة بواجب الدفاع المشترك في الاتحاد الأوروبي، وفقًا للمادة 42 من معاهدة الاتحاد الأوروبي، والتي تفرض على الدول الأعضاء تقديم المساعدة في حال تعرض إحداها لهجوم، لكنها أوضحت أن شكل هذه المساعدة “يظل خاضعًا للتفسير”.

وأعربت عن عدم ارتياحها للطريقة التي يتم بها طرح قضية الأمن في النمسا، قائلةً: “دائمًا ما يُنظر إلى هذه المسألة من زاوية الحياد، وهذا لا يساعد في التقدم”. وأشارت إلى أن الحياد والسياسة الدفاعية المشتركة للاتحاد الأوروبي كلاهما مكرّس في الدستور النمساوي، مضيفةً: “هذا يعني أنهما على نفس المستوى، ولا أعتقد أن هذا النهج سيفيدنا”.

التعاون الأوروبي في الدفاع بدلاً من الانعزال

أكدت ماينل-رايزينغر ضرورة إجراء نقاش أوروبي مشترك حول الأمن والدفاع، معتبرةً أن التعاون بين الدول الأوروبية هو الحل “الأكثر فاعلية وكفاءة”. وأضافت أن الوضع الحالي، خصوصًا مع التوترات بين أوروبا والولايات المتحدة تحت قيادة ترامب، يجعل أوروبا “أكثر استقلالية في الاهتمام بأمنها”.

وشددت الوزيرة على أن النمسا يجب أن لا تتدخل في النزاعات خارج أوروبا، لكنها في الوقت ذاته يجب أن تساهم في تعزيز الاستقلال الدفاعي الأوروبي، قائلةً: “إذا استثمرت أوروبا في استقلاليتها، فيجب على النمسا أن تركز على التعاون، والتنسيق العسكري، والمشتريات المشتركة للأسلحة، وهذا لا يتعارض مع الحياد”.

الاستعداد لمخاطر الحرب والهجمات الهجينة

وحول مسألة إعداد السكان لمواجهة حرب محتملة، قالت ماينل-رايزينغر: “آمل ألا يكون ذلك ضروريًا، ومهمتي تتمثل في منع حدوثه”. لكنها حذرت من أن التهديدات الأمنية لا تقتصر فقط على الدبابات التي تعبر الحدود، بل تشمل أيضًا الهجمات الإلكترونية، والتخريب، وحملات التضليل الإعلامي المكثفة، مشيرةً إلى أن روسيا تشن منذ فترة طويلة حربًا هجينة ضد أوروبا بهدف زعزعة الديمقراطيات فيها.

استخدام الأصول الروسية في إعادة إعمار أوكرانيا

فيما يتعلق بالأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي، والتي تقدر بمئات المليارات من اليوروهات، أيدت ماينل-رايزينغر خطط المفوضية الأوروبية لاستخدام ليس فقط فوائد هذه الأصول، بل أيضًا جزءًا من الأموال نفسها في إعادة إعمار أوكرانيا. لكنها أكدت أن هذه الخطوة تتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا.

مكافحة التجسس في النمسا

وفيما يخص مكافحة التجسس، أكدت الوزيرة دعمها لتشديد الإجراءات الأمنية، بما في ذلك فرض عقوبات على التجسس ضد دول أخرى داخل النمسا، وليس فقط على التجسس ضد النمسا نفسها. لكنها أوضحت أن هذه القضية تقع ضمن اختصاص وزارة العدل، التي ترأسها حاليًا آنا سبورر من الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ).

التحديات السياسية في الحكومة الائتلافية

بالنظر إلى المفاوضات الائتلافية الطويلة التي سبقت تشكيل الحكومة، والتي شهدت انسحاب حزب نيوس مؤقتًا في يناير، أكدت ماينل-رايزينغر أن الأوضاع “تغيرت بشكل كبير منذ ذلك الوقت”، مضيفةً: “أعتقد أن ما حدث كان ضروريًا، والأمور سارت كما ينبغي”.

وبشأن الخطط الحكومية للفترة ما بعد 2027، والتي لا تزال مرهونة بالميزانية، قالت الوزيرة إن ذلك “أمر طبيعي في جميع البرامج الحكومية”، مشددةً على أن الائتلاف الحالي لديه الآن برنامج واضح يحمل توقيع قادة الأحزاب الثلاثة، ومن المتوقع أن يلتزموا به.

تعيين رئيس جديد لمكتبها

أفادت صحيفة “كلاينه تسايتونغ” أن ماينل-رايزينغر عينت السفير النمساوي السابق في أوكرانيا، آراد بينكو، رئيسًا لمكتبها، وقد شغل بينكو سابقًا مناصب دبلوماسية في لاتفيا وجورجيا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى