النمسا تطلق حزمة إجراءات اقتصادية لمواجهة الركود ومواجهة ترامب برسوم انتقامية
فيينا – INFOGRAT:
صرّح وزير الاقتصاد والطاقة والسياحة النمساوي، وولفغانغ هاتمانسدورفر (ÖVP)، السبت، أن العمل بدوام جزئي بات “جذابًا أكثر مما ينبغي”، داعيًا إلى تعزيز العمل بدوام كامل وإعادة النمسا إلى “مسار التقدم”، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
قال الوزير إن النمسا تمرّ حاليًا بركود اقتصادي لا يعد “إنجازًا يُذكر” مقارنة بدول الاتحاد الأوروبي، مضيفًا أن البلاد بحاجة إلى “عودة إلى الأداء والمنافسة”. وأكد أن الهدف الأساسي هو رفع عدد ساعات العمل، مشيرًا إلى خطوات اتخذتها الحكومة في هذا الصدد، مثل إلغاء إجازة التعليم وإلغاء السماح بالكسب الإضافي للعاطلين، واصفًا هذين الإجراءين بأنهما “معاديان للإنتاجية”.
وأشار إلى أن خفض تكاليف الطاقة يمثل أحد العوامل المهمة لجذب الاستثمارات، موضحًا أن ارتفاع هذه التكاليف يشكل عائقًا تنافسيًا، واعتبر أن الحفاظ على التنافسية هو مفتاح الحفاظ على دولة الرفاه، لأنها تؤثر مباشرة في الإيرادات الضريبية، وتمويل المدارس والمستشفيات ودور رعاية المسنين، مشيرًا إلى أن هذه الأسباب دفعت الحكومة إلى إطلاق إصلاح سوق الكهرباء.
العمل بدوام كامل “مسؤولية اجتماعية”
انتقد هاتمانسدورفر بشدة انتشار العمل الجزئي، وقال إنه يجب جعل العمل بدوام كامل أكثر جاذبية، داعيًا إلى العودة إلى قيم المجتمع النمساوي، وعلى رأسها “الاجتهاد والاستعداد للأداء”. ولفت إلى أن تقاعد جيل طفرة المواليد (Babyboomer) سيُحدث فجوة كبيرة في سوق العمل، ويجب سدّها من خلال تعزيز الاستعداد للعمل الكامل.
وأبدى الوزير تفهمه للعمل الجزئي في حالات رعاية الأطفال أو الأقارب، لكنه قال:
“ليست لديّ أي ذرة تفهّم لمن يعمل بدوام جزئي دون أي التزامات رعاية، ودون مشكلات صحية. هذا ليس فقط قرارًا شخصيًا، بل مسؤولية تجاه المجتمع بأسره.”
وفي رده على سؤال حول أخطاء وزراء الاقتصاد السابقين – وجميعهم من حزب الشعب (ÖVP) – قال إنه لا يؤمن بـ”النظر في المرآة الخلفية”، مشيرًا إلى أن السنوات الماضية شهدت أزمات متعددة، وحان الآن وقت تسديد الفاتورة. وأكد أن الأولوية اليوم هي تحسين موقع الصناعة النمساوية من خلال تحديد القطاعات الاستراتيجية وتنويع أسواق التصدير.
“السياسة المناخية ليست بأي ثمن”
فيما يتعلق بسياسة الطاقة والمناخ، أكد هاتمانسدورفر أن تحقيق الأهداف البيئية لا يجب أن يكون بأي ثمن كهربائي، وشدد على أهمية الموازنة بين:
- المسؤولية البيئية،
- حماية الطبيعة،
- واستقرار الأسعار وأمن الإمدادات.
وأضاف أن الحكومة ملتزمة بالأهداف المناخية، لكنها حريصة على عدم دفع الصناعة إلى الخروج من النمسا أو الاتحاد الأوروبي.
بشأن أحكام المحكمة الدستورية
وحول الحكم الأخير الصادر عن المحكمة الدستورية (VfGH) بشأن بنود التثبيت القيمي في عقود الإيجار، والتي تثير قلقًا في قطاع العقارات من احتمال ردّ الأموال للمستأجرين، قال الوزير إن الحكومة تسعى إلى إزالة الغموض القانوني في أسرع وقت لضمان استقرار الاستثمارات. وأوضح أن التركيز الآن سيكون على عقود الإيجار طويلة الأجل، ثم ستُعالج الجوانب الأخرى لاحقًا.
انتقادات من حزب الخضر
ردّ حزب الخضر على تصريحات هاتمانسدورفر بانتقاد لاذع، حيث قال لوكاس هامر، المتحدث البيئي باسم الحزب، إن من يحمي المناخ، يدعم الاقتصاد الوطني. واعتبر أن الحكومة قصّرت في تنفيذ تعهداتها، حيث لم يُطرح سوى قانون الكهرباء من بين ثلاثة قوانين بيئية موعودة، وهو يعاني بدوره من “نواقص واضحة”.
وأشار هامر إلى أن مشروع قانون حماية المناخ الذي قدمته الوزيرة ليونور غيفسلر (الخضر) قبل عام ونصف تم عرقلته سياسيًا، قائلاً:
“لقد ضيعنا الكثير من الوقت، وها نحن نعود إلى نفس النقطة، ولكن بمشروع قانون أسوأ.”
إجراءات أوروبية ضد ترامب
وفي ملف السياسة الخارجية، وبخاصة النزاع الجمركي مع الولايات المتحدة، دعا هاتمانسدورفر إلى اتباع نهج أكثر صرامة مع دونالد ترامب، قائلاً:
“لا ينبغي أن نخشى دونالد ترامب. الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى مزيد من الثقة بالنفس.”
وأوضح أن الحل التفاوضي ما يزال هو الهدف الأول، لكن في حال الضرورة، يجب على الاتحاد فرض رسوم جمركية انتقامية. وأشار إلى أن عائدات هذه الرسوم قد تصل إلى 16 مليار يورو، وستُخصّص للقطاعات المتضررة.وذكر الوزير أن الحزمة الأولى من الإجراءات، بقيمة 21 مليار يورو، ستدخل حيز التنفيذ في 6 أغسطس، وأن قائمة ثانية من المنتجات التي ستُفرض عليها رسوم تم الانتهاء منها.
كما أضاف أن المفوضية الأوروبية أعدت حزمة ثالثة خاصة بالمجال الرقمي وموجهة بشكل خاص ضد شركات التكنولوجيا الكبرى (BigTech).



