النمسا تعيّن أول امرأة على رأس كتيبة حفظ السلام ضمن بعثة اليونيفيل في لبنان

تولّت العقيد النمساوية Maria Eder، وهي من أوائل المجندات والضابطات في البلاد، قيادة الكتيبة النمساوية المشاركة في قوات حفظ السلام الدولية (القبعات الزرق) في جنوب لبنان، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب في تاريخ المشاركة النمساوية ببعثات الأمم المتحدة، وذلك في منطقة تشهد توترًا عسكريًا متصاعدًا.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، في خطوة غير مسبوقة داخل بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، تسلّمت العقيد Maria Eder قيادة الكتيبة النمساوية المشاركة في مهمة اليونيفيل (UNIFIL) في جنوب لبنان، وهي بذلك أول امرأة في تاريخ القوات المسلحة النمساوية تتولى قيادة وحدة “قبعات زرق” في الخارج. وتأتي هذه المهمة وسط تصعيد عسكري في المنطقة، حيث يتبادل الجيش الإسرائيلي وميليشيا “حزب الله” الشيعية الارهابية، إطلاق النار منذ هجوم حركة حماس على إسرائيل، ما يجعل من هذه القيادة تحديًا ميدانيًا حقيقيًا.

المنطقة كـ”برميل بارود”

تتمركز الكتيبة النمساوية المكونة من 170 جنديًا وجندية في معسكر بجنوب لبنان، وتشارك ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (UNIFIL)، التي تضم أكثر من 10,000 جندي من جنسيات متعددة. وقد أوضحت العقيد Eder في حديثها أن أصوات القتال والانفجارات باتت مألوفة داخل المخيم. وقالت:

“من موقعنا في المعسكر نسمع دائمًا أصوات الاشتباكات، وعندما تحدث غارات جوية تمر الطائرات فوق رؤوسنا مباشرة”.

كما أكدت أن الخطر دائم الحضور، والخُوَذ والسترات الواقية تبقى جاهزة حتى أثناء الأعمال المكتبية.

مهام حيوية في بيئة معقّدة

رغم محدودية عددهم، يُعدّ الجنود النمساويون العمود الفقري للبعثة، نظرًا لتكليفهم بمهام نقل الأفراد والبضائع، وهي مهام تُعد حيوية لاستمرارية عمليات البعثة. وأوضحت Eder أنه لا يتم تنفيذ أي عملية إلا بعد تقييم شامل للمخاطر:

“نقوم أولًا بتفقد طرق السير وتقييم الأخطار المحتملة، ثم نقرر ما إذا كنا سننفذ المهمة أم لا”.

وقبل أسابيع، تعرضت إحدى عربات البعثة لهجوم من “حزب الله” حيث أُضرمت فيها النيران، في مؤشر على حجم المخاطر التي تواجه الجنود.

تجربة نسائية رائدة

العقيد Maria Eder تخدم عادةً في مكتب شؤون الأفراد التابع للجيش في مدينة Wels، وقد أبدت اهتمامها بالخدمة العسكرية منذ سنوات دراستها. لكنها أوضحت أن كونها امرأة في بداياتها المهنية شكّل تحديًا حقيقيًا:

“في البداية لم يتم أخذي على محمل الجد، لكن مع التدرج في التدريب والمهام، تغيّر هذا الأمر”.

وقالت إن القيادة لم تعد تُحدّد بناءً على الجنس، خصوصًا في المهام الميدانية والحرجة مثل بعثات حفظ السلام.

بيئة محفوفة بالمخاطر

مع تصاعد التوتر في جنوب لبنان، يضطر الجنود في كثير من الأحيان إلى الاحتماء في الملاجئ، بعدما سقطت قذائف من الجانبين داخل المعسكر النمساوي. ورغم ذلك، تؤكد Eder أن تنفيذ المهام لا يرتبط بجنس القائد أو الجندي، بل بالقدرة على العمل تحت الضغط:

“يجب إنجاز المهام بغض النظر إن كان الشخص رجلًا أم امرأة، وهذا هو جوهر المهمة بأكملها”.

النمسا تتصدر بتمثيل النساء

تُعدّ النمسا رائدة في تمثيل النساء داخل بعثة اليونيفيل، حيث تضم وحدتها 15 مجندة من أصل 170 عنصرًا، وهو العدد الأعلى بين جميع الدول المشاركة في المهمة، ما يُعزز صورة الجيش النمساوي كمؤسسة حديثة وشاملة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى