الوضع أسوأ من المتوقع.. عجز الميزانية في النمسا لعام 2024 يصل إلى 4.7%

أظهرت البيانات الرسمية أن عجز الميزانية في النمسا لعام 2024 بلغ 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أعلى بكثير من التوقعات السابقة، مما يعكس تفاقم الوضع المالي للبلاد. ووفقًا لحسابات “إحصاء النمسا” (Statistik Austria)، فإن هذا العجز يتجاوز بكثير الحد الأقصى البالغ 3% الذي حددته معاهدة ماستريخت للاتحاد الأوروبي.

وبحسب صحيفة derstandard النمساوية، كان الجدل حول حجم العجز المالي في قلب النقاشات السياسية خلال الانتخابات الماضية، فقد أصر وزير المالية السابق ماغنوس برونر (ÖVP) حتى موعد الانتخابات في سبتمبر 2024 على أن معدل العجز سيبقى تحت 3%، مستبعدًا الحاجة إلى أي حزمة تقشفية، إلا أن المجلس المالي (Fiskalrat) حذّر منذ ربيع العام الماضي من أن العجز الفعلي سيكون أعلى مما يُتوقع، وهو ما أكدته البيانات الحالية.

بعد الانتخابات، قامت وزارة المالية بمراجعة التقديرات ورفعت توقعاتها للعجز إلى 3.3%، لكن المجلس المالي حذر من أن النسبة الحقيقية قد تصل إلى 4%، والآن، تُظهر البيانات الرسمية أن العجز الفعلي بلغ 4.7%، وهو أعلى بكثير من جميع التوقعات السابقة.

ميزانية 2025 تواجه تحديات كبرى

التداعيات الاقتصادية لهذا العجز المرتفع واضحة، إذ تشير التوقعات إلى أن النمو الاقتصادي للنمسا في 2025 سيكون سلبيًا بدلًا من النمو المتوقع بنسبة 1%، مما يعني انخفاض العائدات الضريبية وارتفاع معدل الاستدانة. وبدون إجراءات تصحيحية، قد يصل العجز في 2025 إلى 5.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

الحكومة بحاجة إلى إجراءات تقشفية ضخمة

تسعى الحكومة إلى تقليص العجز إلى أقل من 3% لتجنب خضوع النمسا لإجراءات عقابية من الاتحاد الأوروبي بسبب تجاوز حدود العجز المسموح بها. ومع ذلك، فإن حزمة التقشف المقترحة بقيمة 6.4 مليار يورو لا تكفي لتحقيق هذا الهدف.

وفقًا لخبراء المجلس المالي، تحتاج النمسا إلى خفض الإنفاق بمقدار 12.5 مليار يورو لخفض العجز إلى 3%، بينما تشير تقديرات المفوضية الأوروبية إلى أن حزمة تقشفية بقيمة 17 مليار يورو ستكون ضرورية إذا كانت تأثيرات التقشف على الاقتصاد سلبية كما هو متوقع.

زيادة الإنفاق الحكومي ساهمت في تفاقم العجز

بلغ إجمالي إيرادات الدولة في عام 2024 حوالي 248.8 مليار يورو، مسجلة زيادة بنسبة 4.9% مقارنة بالعام السابق. ومع ذلك، فإن الإنفاق الحكومي ارتفع بوتيرة أسرع، حيث زاد بنسبة 8.8% ليصل إلى 271.3 مليار يورو.

وكانت الزيادة في الإنفاق الاجتماعي، وخاصة في قطاع المعاشات التقاعدية، أحد العوامل الرئيسية وراء العجز المالي، حيث ارتفعت المصاريف الاجتماعية بأكثر من 10%. كما ارتفعت تكاليف الأجور في القطاع العام نتيجة التضخم القوي، بنسبة 10% أيضًا.

عجز على جميع المستويات الحكومية

امتد العجز ليشمل جميع مستويات الحكومة في النمسا:

  • الحكومة الفيدرالية سجلت عجزًا قدره 3.5%.
  • حكومات الولايات (باستثناء فيينا) سجلت عجزًا بنسبة 0.4%.
  • البلديات، بما في ذلك فيينا، سجلت عجزًا بنسبة 0.5%.
  • أنظمة الضمان الاجتماعي سجلت عجزًا بنسبة 0.2%، بما يعادل 800 مليون يورو.

أوضاع مالية سيئة في الولايات النمساوية

سجلت جميع الولايات الفيدرالية في النمسا عجزًا ماليًا أكبر من العام السابق، حيث كانت أكثر الولايات تأثرًا:

  • النمسا السفلى: 486.5 مليون يورو
  • شتايرمارك: أكثر من 525 مليون يورو
  • سالزبورغ: 330 مليون يورو
  • مدينة فيينا: 1.7 مليار يورو

توقعات خاطئة للحكومة السابقة بشأن الميزانية

في عام 2024، أبلغت وزارة المالية في الحكومة السابقة بروكسل أن الولايات والبلديات وأنظمة الضمان الاجتماعي ستحقق فائضًا ماليًا طفيفًا، لكن ذلك لم يكن صحيحًا. وسبق أن حذر رئيس المجلس المالي، كريستوف بادِلت، من أن هذه التقديرات “غير واقعية”، مشيرًا إلى أنه لم تكن هناك أي مؤشرات تدل على أن العجز سيتحول إلى فائض.

بسبب هذه التقديرات غير الدقيقة، لم تقم المفوضية الأوروبية بفتح تحقيق رسمي ضد النمسا العام الماضي بسبب العجز المالي. لكن مع الأرقام الجديدة، قد تواجه الحكومة النمساوية ضغوطًا أكبر من بروكسل في الفترة القادمة لاتخاذ إجراءات تقشفية أكثر صرامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى