انتقادات أممية وحقوقية للنمسا لقرارها وقف معالجة طلبات لجوء السوريين وسط تحفظ أوروبي

اندلعت نقاشات حادة في الأوساط الدولية والسياسية حول إمكانية ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم عقب سقوط الرئيس السوري بشار الأسد. وبينما يرى بعض الأطراف أن سوريا باتت تُعتبر الآن بلد منشأ آمنًا ويطالبون بإعادة اللاجئين بسرعة، حذرت جهات أخرى، بما في ذلك الأمم المتحدة، من التسرع في اتخاذ مثل هذه الخطوات. وأكدت أن الوضع الحالي في سوريا ما زال بعيدًا عن الاستقرار، مما يجعل العودة الآمنة مستحيلة في الوقت الراهن.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، صرحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) يوم الثلاثاء عبر المتحدثة باسمها شابيا مانتو في جنيف، بأن إعادة اللاجئين قسرًا إلى سوريا تعد أمرًا غير مقبول، قائلة: “لا ينبغي أن يُعاد أي طالب لجوء قسرًا”، وأضافت أنه يجب السماح للسوريين بمواصلة تقديم طلبات اللجوء في الدول الأوروبية، على أن تُدرس كل حالة على حدة بشكل دقيق.

وأوضحت مانتو أن “دورة النزوح” داخل سوريا لم تتوقف بعد، حيث تشير بيانات الأمم المتحدة إلى نزوح أكثر من مليون شخص داخل البلاد منذ نهاية نوفمبر الماضي، كما أكدت أن العديد من السوريين اللاجئين في الخارج يفكرون في العودة، ولكن الظروف الحالية تتطلب “الصبر واليقظة” حتى تتوفر الأوضاع التي تضمن عودتهم بشكل آمن وإنساني وطوعي.

على المستوى الأوروبي، أوقفت دول مثل النمسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا معالجة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين بعد سقوط الأسد، ورغم ذلك، شددت الأمم المتحدة على ضرورة معاملة اللاجئين السوريين بنفس الحقوق التي تُمنح لبقية طالبي اللجوء، وفي الوقت نفسه، أعلنت المفوضية الأوروبية عدم وجود قائمة مشتركة للدول الآمنة داخل الاتحاد الأوروبي، مما يجعل كل دولة مسؤولة عن تقييم وضع سوريا كدولة آمنة أو لا، وأكد متحدث باسم المفوضية الأوروبية يوم الثلاثاء في بروكسل على أهمية تقييم طلبات اللجوء بشكل فردي، مشددًا على أن العودة إلى سوريا يجب أن تكون طوعية وآمنة وتتماشى مع معايير المفوضية السامية.

في النمسا، أعلن المستشار كارل نهامر أن بلاده ستكون الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تعلن تعليق جميع طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، وصرح بأن “سقوط الأسد يفتح نافذة تاريخية لبدء جديد في سوريا، وعلى أوروبا استغلال هذه الفرصة لدعم عودة السوريين إلى وطنهم”، كما كلّف المستشار وزير الداخلية جيرهارد كارنر بإعداد خطة تتضمن تعليق معالجة طلبات اللجوء ومراجعة حالات الحماية التي منحت خلال السنوات الخمس الماضية، والتي تصل إلى نحو 40 ألف حالة، وأشار كارنر إلى أن الأولوية في الترحيل ستكون للمجرمين ومن يرفضون العمل ويعتمدون على المساعدات الاجتماعية، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تهدف إلى تقييم الوضع الأمني والسياسي في سوريا بشكل دقيق.

وفي المقابل، واجهت هذه القرارات انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، مثل Amnesty International، التي وصفت الوضع في سوريا بأنه لا يزال غير مستقر ويشكل خطرًا على حياة اللاجئين في حال إعادتهم، كما شددت منظمة SOS Mitmensch على ضرورة منح اللاجئين السوريين دعمًا بدلاً من خلق حالة من عدم الاستقرار والخوف بينهم.

من جهة أخرى، انتقد وزير الشؤون الاجتماعية النمساوي، يوهانس راوخ من حزب الخضر، موقف حزب الشعب (ÖVP)، مشيرًا إلى أن “هذه الإجراءات تفتقر إلى العقلانية والإنسانية”، مضيفًا أن استغلال قضية اللاجئين لدوافع سياسية يعزز الشعور بعدم الأمان لدى المتضررين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى