بحضور 48 ألف شخص.. فيينا تفتتح مهرجان “جمهورية الحب” برسائل حب وسلام ضد الحرب والكراهية والفاشية

شهدت ساحة Rathausplatz في فيينا، مساء الجمعة، افتتاح مهرجان “Festwochen” بإعلان رمزي لما سُمي “جمهورية الحب”، في فعالية جمعت بين الفن، والموسيقى، والسياسة، وشهدت حضوراً جماهيرياً ضخماً قُدِّر بـ 48 ألف شخص، بحسب المنظمين.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، تضمن حفل الافتتاح برنامجاً فنياً متنوعاً وُصف بأنه “يحطم حدود الأنواع الفنية”، بمشاركة فنانين عالميين، على رأسهم Laurie Anderson وSerge Kakudji، في تعاون موسيقي فريد. وقد وصفت الممثلة المسرحية Safira Robens الرسالة العامة بالقول: “ندافع عن تعددية الحياة ضد وحدتها المفروضة”.

بدأ الحفل بمسيرة موسيقية بدلاً من “اقتحام بلدية فيينا” كما في العام السابق، حيث عزفت فرقة Jauntaler Trachtenkapelle بين الجمهور، فيما صعدت وفود حاملة أعلام دول مختلفة إلى المسرح على أنغام المغني الكونغولي Kakudji، الذي قدّم عرضاً غنائياً مؤثراً.

مناهضة الكراهية والتفرقة بـ”الحب”: خطاب افتتاحي سياسي

في خطابه الافتتاحي، قال Milo Rau، المدير الفني للمهرجان، إن العالم أصبح “أقل حرية منذ عام”، مشيراً إلى الوضع السياسي في سلوفاكيا والولايات المتحدة، إضافة إلى الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط. ولفت إلى أن حزباً يمينياً متطرفاً فاز بالانتخابات النمساوية، وكان شعاره “حصن النمسا” (Festung Österreich). وأردف: “ردنا على الحصون هو الحب، وردنا على الكراهية هو التضامن، وجمهوريتنا هي جمهورية الحب.”

من جانبها، قالت Veronica Kaup-Hasler، عضو مجلس بلدية فيينا لشؤون الثقافة (SPÖ)، إن فيينا “حصن في وجه الظلام”، ومدينة “منفتحة على العالم”، مؤكدة أن “جمهورية الحب” تهدف إلى محاربة خطاب الكراهية والاستماع إلى بعضنا البعض رغم الاختلافات السياسية، تحت شعار “V is for LoVe”، والذي قدّمه أعضاء Caravan of Luv بأزياء تشبه الهبي-شامانية زاهية الألوان.

عروض موسيقية تمزج الكلاسيكي بالشعبي والحداثي

افتُتح البرنامج الموسيقي بعرض مؤثر للفنانة النمساوية Anja Plaschg، المعروفة باسم Soap & Skin، حيث قدّمت أغنية “Mystery Of Love” للفنان Sufjan Stevens بمرافقة أوركسترا.

من أبرز لحظات الحفل كانت العرض العالمي الأول الذي جمع بين الموسيقى الكلاسيكية والبوب والأفانغارد، حين غنّى Kakudji الآريا “Oh Souvereign” من أوبرا Le Cid بمرافقة Dennis Russel Davies على البيانو، قبل أن تنتقل الموسيقى بسلاسة إلى أغنية “Oh Superman” التي أدّتها Laurie Anderson. انضم إليها لاحقاً جوقة Mozart وفرقة Trachtenkapelle ليمنحوا الأداء بعداً عضوياً جديداً، وشارك Kakudji بالغناء في الختام الكبير للعرض.

رسائل سياسية وإنسانية عبر الموسيقى

قدّم المغني السويسري Faber لحظة صمت لضحايا النزاعات المسلحة، قبل أن يؤدي أغنيته “Kinder” التي شارك فيها كورال أطفال، ما أضفى على كلماتها عن الإنسان والمبادئ أثراً عاطفياً بالغاً. بدوره، غنى Nino aus Wien أغنية “Wilde Zeit” بمرافقة فرقة Trachtenkapelle، وتضمنت عبارته الشهيرة “الذكي يصمت، والغبي يصرخ”.

ظهرت Conchita Wurst، الاسم الفني لـ Tom Neuwirth، عبر فيديو من مهرجان الأغنية الأوروبية في بازل، برسالة محبة: “احبوا بعضكم، ارقصوا معاً، تبادلوا القبل كما شئتم، ولا تنسوا: لن نسمح لأحد بأن يأخذ منا ديمقراطيتنا.”

وغنت المغنية Nicole، الفائزة بـ Eurovision عام 1982، أغنيتها الشهيرة “Ein bisschen Frieden” (قليل من السلام)، واختتمتها مع الجوقة والجمهور مرددين دعوة إلى رفع الصوت ضد الحرب والعنف.

عروض قوية ومتنوعة: من الـPunk إلى العود العراقي

الفنانة Sodl قدّمت أغنية “I Am A Woman” و*”Father’s Tears”*، موضحة أنها كتبت الأخيرة بعد تعرضها لمضايقات من رجال، ودعت إلى “أن يبكي الرجال أكثر ويكفوا عن تفريغ مشاعرهم في العنف”.

وشاركت فرقة البانك Bicycle Terror بعرض صاخب، قابله الجمهور بحماس، كما قدّم Khalid Rawi، العازف العراقي على آلة العود، مقطوعة مؤلفة من أغانٍ شعبية عراقية من مختلف مناطق البلاد.

ختام مؤثر بأغنية جماعية ضد الفاشية والكراهية

في ختام الأمسية، أدّت Soap & Skin أغنية “The End” لفرقة The Doors بأداء يبعث القشعريرة. بعدها قاد Fuzzman كل المشاركين لأداء نشيد الحفل “Steht auf, steht auf” (انهضوا، انهضوا)، بشعار: “تحيا جمهورية الحب!”

لم يكن الحفل مجرد عرض فني، بل منصة ثقافية مقاومة للفاشية، القومية، الكراهية، والحرب، مستندة إلى رسالة الحب والتعددية، في عرض جمع بين التعبير الإبداعي والموقف الإنساني، دون اللجوء إلى التلقين أو المباشرة، باستثناء لحظات قليلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى