بعد خطة ترامب.. وزيرة الخارجية النمساوية تدعو لتوحيد الصوت الأوروبي وتصف نقاطاً في الخطة الأمريكية بـ “الساخرة”

فييناINFOGRAT:

في ظل التطورات الأخيرة المتعلقة بخطة السلام التي قدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب في أوكرانيا، حذرت وزيرة الخارجية النمساوية Beate Meinl-Reisinger (عن حزب NEOS) من أن الاتحاد الأوروبي قد يصبح “كرة لعب للتاريخ العالمي”. وطالبت الوزيرة، خلال مشاركتها في برنامج “Pressestunde” على قناة ORF، بأن يكون لأوروبا دور أقوى كـ “لاعب” في الجغرافيا السياسية، مؤكدة أن ذلك يتطلب امتلاكها لـ قدرات دفاعية خاصة. وعلى الصعيد الداخلي، جددت دعوتها لإجراء إصلاحات هيكلية تهدف إلى ضبط الميزانية النمساوية بشكل مستدام، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

مطالبة بتشكيل فريق أوروبي للتفاوض حول خطة السلام

دعت Meinl-Reisinger إلى ضرورة قيام الاتحاد الأوروبي بتشكيل فريق سريعاً لتمثيل المصالح الأوروبية في المفاوضات الجارية في جنيف بشأن خطة النقاط الـ 28 التي قدمتها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب الأوكرانية. واقترحت وزيرة الخارجية أن يتولى الرئيس الفنلندي Alexander Stubb قيادة هذا الوفد المحتمل. كما جددت دعوتها لإلغاء مبدأ الإجماع في صنع القرار المتعلق بالسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.

فرصة عبر الرئاسة الفنلندية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا

بررت الوزيرة اختيارها للرئيس Stubb (57 عاماً) ليكون المفاوض الأوروبي الأبرز بمجموعة من العوامل، أبرزها: امتلاكه لعلاقة جيدة مع الرئيس الأمريكي Donald Trump، وموقع فنلندا الجغرافي المتاخم لـ روسيا، والتحول الجذري الذي قامت به فنلندا بالتخلي عن الحياد والانضمام إلى حلف الناتو بسبب تغير الأوضاع في أوروبا إثر الغزو الروسي لـ أوكرانيا. وأشارت أيضاً إلى أن فنلندا تترأس حالياً منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSZE) التي تتخذ من فيينا مقراً لها، والتي تُعد روسيا عضواً فيها.

واقترحت Meinl-Reisinger بدائل لـ Stubb، وهما رئيسة المفوضية الأوروبية Ursula von der Leyen، ورئيس المجلس الأوروبي António Costa. وذكرت أنه في الوقت الحالي، لا يشارك في المفاوضات التي تُعقد في جنيف من الجانب الأوروبي سوى المستشارون في السياسة الخارجية لدول مجموعة E3 (فرنسا وألمانيا وبريطانيا).

وصف نقاط في خطة السلام الأمريكية بأنها “سخيفة”

فيما يتعلق بخطة النقاط الـ 28 التي قدمتها الولايات المتحدة، أكدت وزيرة الخارجية ترحيبها بأي جهود تُبذل من أجل السلام. إلا أنها وصفت قيام الولايات المتحدة – بصفتها عضواً في حلف الناتو – بالتوسط بين روسيا وحلف الناتو في الخطة بأنه “سخيف” (grotesk). وبناءً على ذلك، طالبت بضرورة أن يقدم الاتحاد الأوروبي خطة سلام خاصة به. واعتبرت أن الوضع “خطير للغاية”، وهو كذلك منذ بدء الهجوم الروسي على أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.

دعوة لتعزيز القدرة الدفاعية للاتحاد الأوروبي

في سياق التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجه الاتحاد الأوروبي، دعت Meinl-Reisinger إلى تعزيز دور الاتحاد على الساحة العالمية، وقالت: “يجب أن تكون أوروبا قادرة على التحدث بصوت واحد، وهو ما لم نبلغه بعد”، معربة عن أسفها لذلك. وأوضحت أنه أصبح من الواضح منذ فترة أن الولايات المتحدة لم تعد شريكاً يمكن الاعتماد عليه، ولذلك يجب أن تكون أوروبا قادرة على الدفاع عن نفسها بشكل مستقل: “طالما لم يحدث ذلك، فسنستمر في التعرض لـ ‘الركل’ (Herumkicken)”.

كما جددت الوزيرة مطالبتها بإلغاء مبدأ الإجماع في المسائل المتعلقة بالسياسة الخارجية المشتركة للاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن هذا الإجراء “سيُقوي النمسا“.

رفض لمفهوم “الحياد السلبي” (Neutralismus)

شددت Meinl-Reisinger على أن النمسا بصفتها عضواً في الاتحاد الأوروبي، ليست “محايدة سياسياً” فيما يخص الحرب الأوكرانية، ولذلك فإنها تساهم في جهود حل النزاع. وذكرت على وجه التحديد مساهمة النمسا في إعادة الأطفال الأوكرانيين الذين تم ترحيلهم إلى روسيا.

أكدت السياسية في حزب NEOS أن ليس هناك حالياً أغلبية الثلثين في البرلمان النمساوي اللازمة لإلغاء الحياد. وأوضحت أن حياد النمسا يمنع الانضمام إلى أي تحالفات عسكرية ويحظر أيضاً تواجد “قوات أجنبية على الأراضي النمساوية”.

لكنها انتقدت في الوقت ذاته حزب FPÖ قائلة إن الحياد لا ينبغي أن يُفهم على أنه “حياد سلبي” (Neutralismus) لدرجة “عدم القدرة على إدانة الحرب الأوكرانية كعمل ينتهك القانون الدولي”. وأكدت أن غالبية السكان “يدركون بوضوح أن أمننا يجب أن يُنظم على المستوى الأوروبي”.

وفي رد فعل، وصفت كتلة حزب FPÖ تصريحات الوزيرة بأنها “غبية وخطيرة”. واتهم الأمين العام للحزب Michael Schnedlitz الوزيرة Meinl-Reisinger في بيان صحفي بأنها “تتباعد أكثر فأكثر عن الحياد النمساوي الدائم وتدفع بدلاً من ذلك بأوهام جيش أوروبي”. وادعى أن Meinl-Reisinger مخطئة تماماً في زعمها بأن الحياد لا يحمي النمسا.

دعوة الولايات الاتحادية للمساهمة في ضبط الميزانية

على الصعيد الداخلي، أصرت Meinl-Reisinger على ضرورة مساهمة الولايات الاتحادية (Bundesländer) في ضبط الميزانية النمساوية. وقالت: “لن يتمكن الحكومة الاتحادية من إصلاح كل شيء بمفرده، لكن الولايات ما زالت تنفق دون توقف”. وطالبت بضرورة أن تتضمن “اتفاقية الاستقرار” القادمة (Stabilitätspakt) قاعدة تمنح الحكومة الاتحادية إمكانية الوصول إلى الأرقام والميزانيات الخاصة بالولايات.

وأشارت Meinl-Reisinger إلى أن الحكومة الجديدة على المستوى الاتحادي قد بدأت بالفعل في تغيير المسار فيما يتعلق بالميزانية، حيث يتم توفير مبلغ 7.5 مليار يورو هذا العام، أو ربما أكثر. ومع ذلك، من المرجح أن يكون العجز في الميزانية، الذي أُبلغ عنه في البداية لـ بروكسل لهذا العام بنسبة 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي (BIP)، أعلى بكثير بسبب الأرقام الجديدة الواردة من الولايات الاتحادية.

المطالبة بوصول الحكومة الاتحادية لأرقام ميزانيات الولايات

انتقدت Meinl-Reisinger الوضع الحالي قائلة: “لا نحصل على أرقام مجمعة، والأهم من ذلك، لا نحصل على الأرقام ذات الصلة بـ ‘ماستريخت’ من الولايات”. وأكدت أن “هذا ببساطة لا يجوز”، ويجب تغييره في اتفاقية الاستقرار القادمة، والتي تتفاوض عليها الحكومة الاتحادية والولايات حالياً. ووصفت عدم تفاوض الحكومة السابقة على اتفاقية استقرار بأنه كان “تصرفاً غير مسؤول”.

وفيما يتعلق بضبط الميزانية، أوضحت رئيسة حزب NEOS أن هناك “مجالاً كبيراً للمناورة” من ناحية النفقات. ويشمل ذلك الدعم الحكومي قائلة: “نحن ننفق الكثير جداً على المستوى الاتحادي، وننفق الكثير جداً على مستوى الولايات”. ولذلك، يجب أن تكون النقطة الأساسية في اتفاقية الاستقرار هي حظر التمويل المزدوج أو الثلاثي (Doppel- und Dreifachförderungen).

انتقاد لـ Peter Hacker والدعوة لخفض رسوم الغرف التجارية

لم تُبدِ الوزيرة أي اهتمام لاقتراح عضو مجلس مدينة فيينا Peter Hacker (عن حزب SPÖ) بتغيير قواعد الديون في الاتحاد الأوروبي. وكان Hacker قد وصف متطلبات الميزانية الخاصة بهذه القواعد بأنها “نماذج ليبرالية جديدة، يجب أن توضع في سلة المهملات” (neoliberale Modelle, die in die Mottenkiste gehören). واستشهد على ذلك بأن نفقات التسلح تُستثنى من هذه القواعد، بينما لا تُستثنى نفقات الصحة والتعليم. وفي المقابل، رحبت رئيسة حزب NEOS بهذا الاستثناء، معتبرة أن الأوضاع العالمية الحالية تجبر أوروبا على تنظيم قدرتها الدفاعية بنفسها.

كما دعت Meinl-Reisinger الغرفة الاقتصادية النمساوية (Wirtschaftskammer) إلى استخدام احتياطياتها وتخفيض “رسوم الغرف 2” (Kammerumlage 2). وإذا كانت الغرفة تجادل بأن الاحتياطيات قد خُصصت للأوقات الصعبة، فيجب التساؤل: “لا أعرف ما الذي تنتظره الغرفة الاقتصادية. الشركات بحاجة الآن إلى خفض سريع لتكاليف الأجور”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى