تقرير أوروبي: النمسا تُظهر ضعفًا في دعم المساواة بين الجنسين داخل الحياة الخاصة

أظهر تقرير صادر عن المسح الاجتماعي الأوروبي (European Social Survey) يوم الثلاثاء، أن غالبية الأوروبيين والأوروبيات أيّدوا اتخاذ خطوات لتعزيز المساواة بين الجنسين، حيث أُجري الاستطلاع في 24 دولة وشمل أكثر من 40,000 مشارك ومشاركة، وتبيّن أن هذه التدابير تحظى بتأييد واسع في المجال المهني، في حين يظهر الوضع بشكل مختلف تماماً في الحياة الخاصة، لا سيما في النمسا.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، تضمّن الاستطلاع ثلاثين سؤالًا، جزء منها تعلّق بالموقف من المساواة بين الجنسين ودعم الإجراءات الهادفة لتعزيز هذه المساواة في مجالات مثل الشركات، والاقتصاد، والحياة الأسرية، والسياسة.

وجاء في التقرير أن “النتائج تُظهر أن المساواة بين الجنسين تحظى في المجمل بدعم قوي في المجتمع”، كما أشارت النتائج إلى أن “الروايات التي تدّعي أن المساواة بين الجنسين أدّت مثلًا إلى نهاية الأسرة التقليدية، لا تجد صدى لدى المستجوبين”.

في تقييم المساواة بين الجنسين، وعلى مقياس من صفر (سيء جدًا) إلى ستة (جيد جدًا)، تبيّن أن الرجال في جميع الدول الـ24 يرون المساواة بصورة أقل إيجابية من النساء، مع اختلاف كبير بين البلدان. وكان الفارق في التصورات بين النساء والرجال الأكبر في Iceland (آيسلندا)، Austria (النمسا)، وPoland (بولندا)، والأقل في Lithuania (ليتوانيا) وSlovenia (سلوفينيا).

وصرّحت Jessica Fortin-Rittberger (جيسيكا فورتين-ريتبرغر) من Universität Salzburg (جامعة سالزبورغ)، وهي إحدى مؤلفات الدراسة، في حديثها إلى موقع ORF.at أن نتائج النمسا فاجأتها، إذ تُظهر “ضعفًا نسبيًا في الالتزام بقضايا المساواة مقارنة بالدول الأخرى”، مؤكدة أن النمسا تحتل مراتب دون المتوسّط في أسئلة محورية.

دعم واسع للإجراءات في سوق العمل

أظهرت نتائج الاستطلاع أن أغلبية المشاركين من مختلف الدول يؤيدون اتخاذ تدابير ملموسة في سوق العمل. فقد أعرب 68% عن تأييدهم لمعاقبة الشركات التي تدفع للرجال أجورًا أعلى من النساء مقابل العمل نفسه. كما أبدى النسبة ذاتها تأييدًا لطرد الموظفين الذكور الذين يبدون إساءات لفظية تجاه النساء في مكان العمل. ومع ذلك، كانت نسبة التأييد لهذا الإجراء في Austria (النمسا) أقل بكثير من المعدل الأوروبي العام.

وفيما يتعلق بتجربة التمييز على أساس الجنس في سوق العمل، أشار ما يقارب خُمس المستجوبين في النمسا إلى أنهم تعرّضوا مرة واحدة أو أكثر للتمييز في إجراءات التوظيف أو الترقية الوظيفية بسبب جنسهم. وسجّلت Sweden (السويد) النسبة الأعلى، في حين كانت Hungary (المجر) وItaly (إيطاليا) في أدنى المراتب.

تفاوت المواقف من المساواة في التمثيل السياسي

أما في ما يخص توزيع المقاعد البرلمانية بالتساوي بين النساء والرجال، فقد أبدى 54% من مجمل المستجوبين في الدول الـ24 تأييدهم لهذا المقترح. غير أن النسبة في Austria (النمسا) كانت منخفضة للغاية، إذ لم تتجاوز 28%. وسجّلت كل من Finland (فنلندا)، Norway (النرويج)، وSweden (السويد) – وهي دول غالبًا ما تحتل مراكز متقدمة في مؤشرات المساواة الدولية – نسبًا متدنية مماثلة.

رفض كبير لإجبار الآباء على تقاسم إجازة رعاية الأطفال

كما أظهرت نتائج المسح أن 48% من المستجوبين فقط أيدوا فرض تقاسم إجازة رعاية الأطفال بالتساوي بين الوالدين. وتراجعت نسب التأييد لهذا الإجراء في Norway (النرويج)، Sweden (السويد)، Austria (النمسا)، وGermany (ألمانيا)، بينما جاءت Portugal (البرتغال) وCyprus (قبرص) في الصدارة.

تفاوت بين المجالين العام والخاص

أشارت الباحثة Fortin-Rittberger إلى وجود “فجوة واضحة بين القيم في المجال العام وتلك في الحياة الخاصة”. وأوضحت أن إجراءات المساواة في سوق العمل أصبحت أقل إثارة للجدل، إلا أن “المساواة الحقيقية في المجال العام تتطلب نوعًا من التوازن داخل الأسرة”.

وأضافت: “إذا طُلب من النساء الاعتناء بالمنزل، والرعاية، والأطفال، وفي الوقت نفسه الاضطلاع بدور متساوٍ في الفضاء العام، فلن يكون ذلك ممكنًا. يجب أن تكون هناك مساواة في الجانبين لتحقيق التكافؤ الفعلي”.

تفويض شعبي لسياسات طموحة

ورأت Fortin-Rittberger أن نتائج الدراسة توفّر للسياسيين تفويضًا قويًا من الجمهور لاتخاذ تدابير تشريعية في مجال المساواة، مثل فرض حصص للنساء. وقالت: “إغفال هذا الموضوع من قبل الحكومات قد يكون خطرًا، لأن المسألة تحظى بأهمية كبيرة لدى الناخبين”.

ومع ذلك، تبقى “الساحة الخاصة” – على حد تعبيرها – هي ميدان المعركة الحقيقي. فالقيم والمواقف لا يمكن تغييرها بسهولة عبر قرارات سياسية، لكنها أضافت أن “هناك هامشًا واسعًا لسياسات طموحة، خاصة في سوق العمل، مثل تحسين الوصول إلى المناصب القيادية، ودعم التوفيق بين العمل والحياة الأسرية، وهي تدابير تحظى بتأييد واسع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى