تنظيم الاخوان المسلمين يخترق جهاز الأمن النمساوي ويسرب معلومات حول تحقيقات ضدهم

فييناINFOGRAT:

تعرضت مديرية أمن الدولة والاستخبارات (DSN) في النمسا لانتكاسة جديدة بعد توقيف موظف فيها وتعليق عمله مؤقتاً، للاشتباه في قيامه بتسريب معلومات حول تحقيقات جارية إلى جهات إسلاموية، وتحديداً إلى أشخاص ينتمون إلى جماعة “الإخوان المسلمين”، ويأتي هذا التسريب في وقت تعتبر فيه أجهزة الأمن النمساوية مستوى التهديد الأمني مرتفعاً جداً، خاصة مع النشاط المكثف للشبكات الإسلامية، بحسب مجلة profil النمساوية.

التوقيف والاشتباه بالتسريب للإسلاميين

يواجه جهاز DSN مجدداً مشكلة “العملاء المزدوجين”. وبحسب معلومات المجلة، فإن الموظف الموقوف يعمل في مجال مكافحة الإرهاب داخل المديرية. ويُشتبه في قيامه بإبلاغ أشخاص في الوسط الإسلامي (الإخوان المسلمون) بوجود تحقيقات تجري ضدهم، وفي بعض الحالات، يُشتبه بأنه كشف لهم تفاصيل جوهرية حول موضوع هذه التحقيقات.

يُعدّ هذا الكشف ضربة قاسية لـ DSN، خاصة أن حالة التهديد الأمنية مرتفعة حالياً، وتعمل المديرية بشكل مكثف على خلايا إرهابية ونشاطات مشبوهة، إن أي تسريب من هذا النوع يمكن أن يؤدي إلى تخريب التحقيقات الأولية بالكامل.

كما أفادت معلومات المجلة بتنفيذ تفتيش لمنزل الموظف المشتبه به، الذي تم وضعه في الحبس الاحتياطي، وإبلاغ السلطات بتهم موجهة إليه، والخضوع للاستجواب.

انتكاسة مؤلمة في سياق مشكلات سابقة

يُعتبر هذا الحادث مُراً بشكل خاص لمديرية DSN، التي أُنشئت حديثاً، فقد اضطرت المديرية لإعادة هيكلة نفسها بالكامل بعد فضيحة التفتيش الشهيرة التي وقعت في عام 2018 في ظل وزير الداخلية آنذاك Herbert Kickl، وهي عملية كشفت لاحقاً أن خلفيتها كانت “كتيباً مليئاً بالأكاذيب”، وقد أدت تلك الفضيحة إلى شلّ عمل الجهاز وفقدان ثقة الشركاء الدوليين.

يُشتبه اليوم في أن الموظفين السابقين الذين يقفون وراء تلك الفضيحة كانوا يتجسسون لصالح روسيا، مما يعني أنهم قاموا بتخريب متعمد لقلب الجهاز الأمني النمساوي على الأرجح لسنوات، وهو ما تسبب في أضرار جسيمة. وتكلف معالجة تلك القضية الدولة موارد ضخمة ووقت وجهد. ومن المقرر أن يُحاكم أحد المتهمين الرئيسيين، Egisto Ott، قريباً إلى جانب شريكه المشتبه به، وتُعتبر التهمة الموجهة إليهما قائمة، بعد أن رُفض استئناف الدفاع في وقت قياسي. في المقابل، يُعتبر المتهم الرئيسي الآخر، Martin Weiss، رئيس القسم السابق في جهاز الاستخبارات، هارباً من مذكرة توقيف دولية، حيث كان يعمل بشكل مباشر لصالح Jan Marsalek، الرئيس التنفيذي الهارب لشركة “وايركارد” (Wirecard)، والذي يعيش الآن كجاسوس في موسكو. ويُعتقد أن خلايا Weiss لا تزال نشطة، وتجري تحقيقات واسعة النطاق حول ذلك.

الخطر الجديد: الشبكات الإسلامية وتهديد “حماس”

هذه المرة، لم تكن الجبهة هي روسيا، بل تمثلت في تهديد ضخم آخر للبلاد وهو الشبكات الإسلامية. فمنذ أن تصاعد الصراع في الشرق الأوسط، تفاقم الوضع بشكل كبير في جميع أنحاء أوروبا، وخاصة في النمسا، التي وقفت سياستها إلى جانب إسرائيل.

تزامناً مع قرب الذكرى السنوية لـ هجوم فيينا الإرهابي، عملت مديرية DSN بجهد كبير في الأشهر الأخيرة، حيث ظهرت بوادر تشير إلى تزايد النشاط المشبوه.

يُذكر أنه تم مؤخراً القبض على إرهابيين من حركة “حماس” في ألمانيا كانوا يخططون لهجمات إرهابية، وتم ضبط كميات هائلة من الأسلحة التي مرت شحناتها عبر النمسا. وتعاونت DSN في كشف هذه القضية مع السلطات الألمانية وجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الموساد، ويُعد التخطيط لـ هجمات إرهابية على الأراضي الأوروبية من قِبل منظمة فلسطينية أمراً جديداً، إذ كانت جهودها في أوروبا تقتصر سابقاً على غسل الأموال وجمع التبرعات، وتُعتبر فيينا بؤرة لهذه الأنشطة، مما دفع الولايات المتحدة إلى وضع أشخاص مقيمين في النمسا على قائمة العقوبات.

عملت DSN في السنوات الأخيرة على بناء خبرة كبيرة في مجال الإرهاب الإسلامي والتركيز عليه، ومع ذلك، لم تكن جودة التحقيقات في هذا المجال جيدة دائماً، خاصة من قِبل النيابات العامة، فقد انتهت العملية الكبيرة الأخيرة ضد جماعة الإخوان المسلمين، والتي سُميت “عملية الأقصر” (Operation Luxor)، بفشل قانوني ذريع، حيث لم يبقَ شيء تقريباً من تهم كانت موجهة لأكثر من 100 متهم في حينه، لكن هذا لا يعني عدم وجود تهديد، وقد تعلمت السلطات في السنوات الماضية كيفية التعامل مع هذه التحقيقات لضمان صمودها قانونياً، ولتجنب إصدار أحكام عامة بحق فئة سكانية بأكملها.

آليات الرقابة الداخلية عملت بفاعلية

بعد فضيحة عام 2018، عززت المديرية المعايير الأمنية الداخلية لضمان عدم تكرار مثل هذه الحالات وكشفها بسرعة. وتضمنت هذه الإجراءات الموظف الذي يُشتبه الآن في إساءة استخدام السلطة، وتجري التحقيقات حالياً لتحديد حجم الضرر الذي تسبب فيه قبل اكتشافه.

أكدت وزارة الداخلية النمساوية، مشيرة إلى أن الموظف “تم تعليق عمله مؤقتاً”. وشددت الوزارة على أن الموظف “لم يكن يعمل في المكتب لفترة طويلة”، وأن “آليات الأمن في DSN عملت وكشفت شيئاً ربما لم يكن صحيحاً”، مع التأكيد على أنه “يظل بريئاً حتى تثبت إدانته”.

وكانت النمسا ميديا قد قالت مراراً وتكراراً على لسان رئيس تحريرها أحمد مراد، بأن الجماعة الاخوانية تخترق الدولة النمساوية على الصعيد الأمني والسياسي والاجتماعي.

مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى