جنون عظمة أم قلّة حيلة؟ بقلم: لينا جرّار

فيينا – INFOGRAT:
في عالم السياسة، تتجلى النرجسية بأبشع صورها، حيث تتحول الأطماع الفردية إلى مشاريع كبرى تُبنى على حساب الشعوب.
التصريحات المبطّنة التي تحمل بين طيّاتها رسائل حول الهيمنة ليست مجرد كلمات عابرة، بل خطط طويلة الأمد تستهدف إعادة تشكيل الخريطة السياسية والاقتصادية للعالم.

كاتبة فلسطينية
ممرات استراتيجية، مثل قناة بنما أو غيرها، ليست سوى أدوات تُستخدم لتحقيق طموحات كبرى تهدف إلى الهيمنة على الموارد الحيوية للبشرية، دون أدنى اعتبار للإنسان ومعاناته.
هذا المنطق القاسي ينعكس بشكل جلي في القضية الفلسطينية. غزة والضفة الغربية، حيث تشتعل الحروب وتُفرض السياسات التي تسعى إلى تهجير السكان الأصليين تحت مسمى الأمن أو الديموغرافيا.
في هذه الأرض التي لا تزال تئنّ تحت وطأة الاحتلال، يُدفع الثمن الأكبر، لكن ليس من الذين يطلقون الخطابات، بل من الأبرياء الذين تتغير حياتهم إلى الأبد.
غدًا ستنتهي الحرب…
وسيتصافح القادة!!
لكن ستبقى تلك العجوز تنتظر ولدها الشهيد،
وتبقى تلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب،
ويظل أولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل!!
لا نعرف من باع الوطن،
ولكننا نعرف من دفع الثمن!!
(انتهى الاقتباس)
وأي ثمن؟! طفولة احترقت، بيوت دُمّرت، قلوب تنزف وجعًا وذكريات تحوّلت إلى سياط لا ترحم. في الحروب، لا يوجد منتصر حقيقي. مفردة “الانتصار” محض كذبة تهرب بها الشعوب من مواجهة الموت الذي يغلف المشهد. أما الأرواح المرهقة تحت وطأة التعب، فتُسكت حزنها أمام الفقد، في مرحلة تتلاشى فيها معاني الإنسانية.
سيتوقف المشهد ذات يوم، وستتبدد ضبابية الدخان، لكن الحزن سيبقى. سنلعن من اخترع آلات الدمار ونحاول الاستمرار، لكننا سنحمل في قلوبنا شظايا وجوه أبت أن تُنسى. تلك الوجوه ستزورنا كل ليلة، أطيافًا تخز خاصرة الفقد الذي لا يندمل أبدًا.
ما يجري في فلسطين وغزة هو انعكاس لصراعات أكبر، بين قوى تحاول السيطرة على مصير البشرية وشعوب تسعى فقط للبقاء.
لكن السؤال الأكبر يبقى: هل العالم محكوم بجنون العظمة، أم أنّ البشرية جمعاء؛ باتت عاجزة عن مواجهة الطغيان؟