دراسة نمساوية: Telegram يستخدم لنشر المؤامرات وجني الأرباح من الخوف

كشفت دراسة جديدة للهيئة الاتحادية لقضايا الطوائف في النمسا أن شبكة Telegram تُستخدم بشكل متزايد لنشر روايات المؤامرة وتحقيق أرباح مالية من خلال استغلال الخوف العام، حيث يحفز المحتوى الخوف من أجل جمع التبرعات أو تسويق منتجات بديلة، وسط نشاط بارز لشبكات يمينية متطرفة، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

دراسة نمساوية: شبكات يمينية متطرفة على Telegram تروّج للمؤامرات من أجل الربح المالي

أظهرت دراسة حديثة صادرة عن الهيئة الاتحادية لقضايا الطوائف (Bundesstelle für Sektenfragen) أن شبكات على منصة Telegram تستغل الخوف العام بشكل ممنهج من أجل كسب المال عبر التبرعات وترويج المنتجات، لا سيما المنتجات ذات الطابع “البديل” من الناحية الطبية والسياسية. وأشار تقرير الهيئة إلى أن ما يحدث هو “تجارة بالخوف”، بحسب وصف الدراسة.

تحليل 2.3 مليون رسالة خلال سبع سنوات

الدراسة التي أعدّها الباحث فيليكس ليبه (Felix Lippe) بالتعاون مع فيليب بفليغيرل (Philipp Pflegerl)، قامت بتحليل نحو 2.3 مليون رسالة تم نشرها عبر Telegram بين أكتوبر 2017 وأكتوبر 2024. ورغم أن القائمين على الدراسة لا يعرفون الأرقام الدقيقة للأرباح، فإن ليبه أكد أن الحديث يدور عن “مبالغ كبيرة جدًا”.

وأوضح أن الجهات الفاعلة الأساسية تنتمي في غالبيتها للتيار اليميني المتطرف، وهي جزء مما وصفه بـ “شبكات توزيع مهنية متزايدة التنظيم” أما الجهات اليسارية، فهي “نادرة جدًا وإن كانت موجودة”.

أدوات تسويقية وتهديدات مصطنعة

يعتمد الفاعلون في هذه الشبكات على تأجيج المخاوف من أجل تسويق منتجاتهم أو جمع تبرعات، كما يخلقون “سيناريوهات تهديد جديدة” بهدف زعزعة الثقة في المؤسسات الديمقراطية والمعارف العلمية. ومنذ جائحة كوفيد-19، تطورت هذه المجموعات إلى ما أسمته الدراسة بـ “رأي عام مضاد مستقر”.

2,300 نداء مالي شهريًا

شهد عدد النداءات ذات الطابع المالي على Telegram ارتفاعًا كبيرًا مع مطلع عام 2024، حيث تم تسجيل حوالي 2,300 نداء شهريًا، وهو رقم تجاوز بشكل واضح أعلى معدلات الدعوات السياسية التي سُجّلت في ذروة الجائحة. ومن بين هذه النداءات، تشكّل دعوات التبرع نسبة 31.5%، فيما تمثل العروض التجارية نحو 16.2%.

وتشمل المنتجات والخدمات المُروّجة:

  • مستحضرات الطب البديل
  • مكملات غذائية
  • مواد دعائية سياسية (merchandise)
  • معدات الاستعداد للأزمات
  • كتب ومحتوى مشبع بنظريات المؤامرة
  • دورات تدريبية وروحانية بديلة

الوصول إلى التطرف “بنقرة واحدة”

من جانبها، حذرت أولريكه شيزر (Ulrike Schiesser)، مديرة الهيئة، من خطورة Telegram، حيث يمكن أن يصل المستخدم “بنقرة واحدة فقط إلى شبكات متطرفة”، حتى من دون خلفية سابقة في التطرف أو الفكر اليميني أو نظريات المؤامرة. وأوضحت أن من يبحثون عن نصائح صحية قد يجدون أنفسهم فجأة أمام محتوى متطرف أو مضلل.

واعتبرت شيزر أن هذا الوضع يُمثّل خطرًا على الأفراد من النواحي الصحية، المالية، الاجتماعية والنفسية، إذ قد يؤدي إلى العزلة والخوف وحتى أعراض الاكتئاب. وعلى الصعيد المجتمعي، فإن الظاهرة تهدد بخلق فجوة متنامية في المجتمع، حيث تصبح فئات من السكان “غير قابلة للوصول إليها بالمعلومات أو الحقائق”، مما يزيد خطر جرائم الكراهية والعنف.

نصائح للتعامل مع المتأثرين

قدّمت شيزر أيضًا توصيات للتعامل مع الأشخاص الذين يظهر عليهم اهتمام متزايد بروايات المؤامرة. وقالت إن المهم هو الاستمرار بالتواصل، وطرح الأسئلة، والإشارة إلى التناقضات، وإظهار القلق بشكل صريح، مع التأكيد على أن “التحلي بالصبر مهم جدًا”.

انتقاد حاد من FPÖ

من جهتها، انتقدت حزب الحرية النمساوي (FPÖ) الدراسة بشدة، حيث قال الأمين العام كريستيان هافينيكر (Christian Hafenecker) في بيان صحافي إن الهيئة “لا تتحدث عن طوائف، بل تمارس الرقابة”، واتهمها بأنها “تنفذ حملة تشويه ذات دوافع سياسية ضد من لا يلتزم بالرواية الرسمية”. وردّت الهيئة بالتأكيد على أنها تعمل باستقلالية تامة وبدون تعليمات سياسية.

توقف مشروع المراقبة بسبب نقص التمويل

أعربت شيزر عن أسفها لتوقف مشروع “المراقبة الإلكترونية” التابع للهيئة، مشيرة إلى أنه يتطلب تمويلًا قدره 180,000 يورو من أجل الاستمرار. وأكدت أن جمع بيانات موضوعية عن الشبكات الراديكالية عبر الإنترنت ضروري لفهمها وتحليلها، حيث لا تزال أدوات المراقبة الرقمية في النمسا بدائية مقارنة بألمانيا، بحسب تعبيرها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى