رغم قلق النمسا.. المفوضية الأوروبية تبرم اتفاق تجارة حرة مع تحالف ميركوسور
فيينا – INFOGRAT:
أعلنت المفوضية الأوروبية التوصل إلى اتفاق تجارة حرة بين الاتحاد الأوروبي ومجموعة «ميركوسور» الأمريكية اللاتينية الذي يضم 4 دول من أمريكا اللاتينية، على الرغم من معارضة فرنسا وبولندا وإيطاليا.
وكان طرفا الاتفاق قد كثفا جهودهما مؤخراً لإنجازه قبل وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في كانون الثاني/يناير، وسط مخاوف من تأثيرات تهديداته بزيادة الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة.
ويهدف الاتفاق الذي دارت حوله مفاوضات منذ 25 عاماً إلى إلغاء غالبية الرسوم الجمركية بين الاتحاد الأوروبي و»ميركوسور» من أجل إقامة سوق واسعة تضم أكثر من 700 مليون مستهلك ستكون «أكبر شراكة تجارية واستثمارية على الإطلاق. ستستفيد منها المنطقتان» حسبما قالت أورسولا فون دير لايين رئيسة المفوضية الأوروبية.
ويغطي الاتفاق البرازيل والأرجنتين وباراغواي وأوروغواي. ولا يشمل بوليفيا العضو الحديث في «ميركوسور»، وفنزويلا التي جرى تعليق عضويتها منذ عام 2016.
والهدف الرئيسي للاتفاق هو خفض الرسوم الجمركية وتعزيز التجارة. ومن شأن الاتفاق أن يسمح لدول أمريكا الجنوبية تصدير كميات أكبر من اللحوم والدجاج والسكر إلى أوروبا بدون رسوم جمركية.
وبموجب المعاهدات الأوروبية، تُعتبر المفوضية المفاوض الوحيد في الاتفاقات التجارية نيابة عن الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ولكن أيّ نص يتم التوصل إليه مع دول «ميركوسور» يجب المصادقة عليهً عبر مواقفة 15 دولة عضوا على الأقل أي ما يمثّل 65 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، ثمّ عبر الحصول على موافقة غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي.
ويمكن لأقلية مُعترضة أن تعطل المصادقة على الاتفاق أيضاً. وتقود فرنسا المعركة في هذا الإطار، إذ أفاد قصر الإليزيه بأنّ الرئيس إيمانويل ماكرون جدد التأكيد في اتصال هاتفي مع فون دير لايين أمس الأول على أنّ مُسَوَّدة الاتفاقية التجارية «غير مقبولة بصيغتها الحالية». وأضافت الرئاسة الفرنسية عبر منصة إكس أنّ ماكرون قال «سنواصل الدفاع بلا كلل عن سيادتنا الزراعية».
وانضمّت إيطاليا إلى جبهة المعارضين مؤخراً، بعدما أكد رئيس الحكومة البولندي دونالد توسك في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر أنّه لن يقبل بمشروع الاتفاق «وفق هذه الصيغة». وقالت مصادر حكومية إيطالية إنّ «الشروط غير متوافرة لتوقيع النص الحالي»، مضيفة أنّ روما تدعو إلى تعديل النص لتأمين قدر أكبر من الحماية لقطاع الزراعة الأوروبي.
ولا تقتصر المعارضة على هذه الدول الثلاث، فقد أعربت النمسا وهولندا عن تردّدهما بشأن الاتفاق.
ولمنع تبنّي الاتفاق، تحتاج فرنسا إلى ثلاث دول أخرى تمثّل أكثر من 35 في المئة من سكان الاتحاد الأوروبي، وهي العتبة التي يمكن تجاوزها بسهولة بدعم من روما ووارسو.
وفي أوروبا، يؤكد مؤيدو الاتفاق الحاجة إلى منافذ للمصدّرين وضرورة عدم ترك المجال مفتوحاً أمام الصين، المنافس الذي أصبحت العلاقات التجارية معه متوترة إلى حدّ كبير.
وسيسمح الاتفاق للاتحاد الأوروبي الذي يعدّ الشريك التجاري الأول لـ»»ميركوسور، بتصدير سياراته ومعداته ومستحضراته الصيدلانية بسهولة أكبر. ومن ناحية أخرى، سيسمح لدول أمريكا الجنوبية المعنية ببيع اللحوم والسكر والأرز والعسل وفول الصويا إلى أوروبا، وما إلى ذلك.
غير أنّ الكثير من المنظمات غير الحكومية والناشطين اليساريين يعتبرون أنّ إنشاء منطقة التجارة، من شأنه أن يؤدي إلى تسريع عملية إزالة الغابات في منطقة غابات الأمازون المطيرة وتفاقم أزمة المناخ من خلال زيادة انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري وتغير المناخ. وتندد منظمة «غرينبيس» المدافعة عن البيئة بالنص «الكارثي» على البيئة التي تمّت التضحية فيها لصالح «أرباح الشركات».
وفي فرنسا، يكثّف المزارعون تظاهراتهم، انطلاقا من خشيتهم من منافسة غير عادلة من منتجات أمريكا الجنوبية، خصوصا من البرازيل.
وفي تطور منفصل قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا أمس الجمعة إن تكتل «ميركوسور» يتطلع إلى إبرام اتفاقات تجارية مع الإمارات وبنما بعد التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
وأضاف لولا في قمة «»ميركوسور في مونتيفيديو «لقد وضعنا أيضاً الأساس لاتفاق تجارة حرة في المستقبل مع بنما…وهناك تقدم سريع في المحادثات مع الإمارات ويجب الانتهاء منها في 2025».