صندوق النقد الدولي يدعو إلى تقليص الإنفاق على المعاشات والرعاية الصحية في النمسا وتعزيز إدماج المهاجرين
فيينا – INFOGRAT:
دعا صندوق النقد الدولي (IWF) الحكومة النمساوية إلى تقليص الإنفاق العام، مشيرًا إلى أن أكبر إمكانيات التوفير تكمن في نظامي المعاشات والصحة، وذلك في ظل عجز ميزانية لعام 2024 تجاوز التوقعات، وتسعى الحكومة لتقليصه بنسبة كبيرة عبر حزمة إجراءات مالية.
صندوق النقد الدولي: إمكانيات الادخار الأكبر في نظام التقاعد والصحة بالنمسا
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، أعلن صندوق النقد الدولي (Internationaler Währungsfonds – IWF) أن على الحكومة النمساوية أن تُكثّف من إجراءات التقشف لتقليص عجز الميزانية الذي فاق التوقعات بشكل كبير لعام 2024. ووفقًا لما تم التصريح به خلال مؤتمر صحفي مشترك عقدته اليوم البنك الوطني النمساوي (Oesterreichische Nationalbank – OeNB)، فإن الحكومة مطالبة بتوفير ما قيمته 6.4 مليار يورو هذا العام، في محاولة لتخفيض العجز الذي يبلغ 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي (BIP).
وأكد ماركوس مارترباور (Markus Marterbauer)، وزير المالية وعضو الحزب الاشتراكي النمساوي (SPÖ)، أن تقليص العجز يتطلب ضبطًا شاملًا للنفقات من مختلف القطاعات الحكومية، بما في ذلك التقاعد والرعاية الصحية.
صندوق النقد يدعو لتقليص نفقات التقاعد والرعاية الصحية
بحسب صندوق النقد الدولي، فإن أكثر إمكانيات التوفير تكمن في نفقات التقاعد والرعاية الصحية، حيث أوصى بتبني وسائل أكثر كفاءة مثل الرعاية الأولية (Primärversorgung) والطب عن بعد (Telemedizin) لتقليل الاعتماد على الخدمات الاستشفائية المكلفة.
في مجال الدعم الحكومي، أوصى الصندوق بالتخلي عن الدعم البيئي الضار (umweltschädliche Unterstützungen)، مشيرًا إلى ضرورة إعادة توجيه التمويل العام نحو مجالات أكثر استدامة.
زيادات ضريبية مرتقبة: CO₂ وضرائب العقارات والميراث
وعلى صعيد الإيرادات، أشار الصندوق إلى إمكانية زيادة ضريبة ثاني أكسيد الكربون (CO₂-Steuer) تدريجيًا، بالإضافة إلى مناقشة رفع ضريبة الأملاك (Grundsteuer)، وإعادة إدخال ضريبة الميراث والهبات (Erbschafts- und Schenkungssteuer).
هذه المقترحات تهدف إلى تحقيق توازن مالي أكبر في المدى المتوسط، حيث يسعى الصندوق إلى تقليص العجز إلى أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، وتقليص نسبة الدين العام.
غياب النمو الاقتصادي الحقيقي في 2024
من ناحية النمو الاقتصادي، أفاد كيفن فليتشر (Kevin Fletcher)، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمراجعة الاقتصاد النمساوي، أن النمسا لن تشهد نموًا اقتصاديًا حقيقيًا هذا العام، وذلك بعد عامين من الركود. وأضاف أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2025 سيظل قريبًا من الصفر، في ظل تحديات اقتصادية وهيكلية قائمة.
وذكر الصندوق أن الشكوك العالمية، مثل ارتفاع الحواجز أمام التجارة الدولية، إلى جانب الحاجة لتعديلات مالية كبيرة لمعالجة العجز المرتفع، تؤثر سلبًا على التوقعات الاقتصادية للنمسا. إلا أن الصندوق يتوقع عودة النمو بدءًا من عام 2026.
تضخم مرتفع ومجتمع متقدم في السن يعيقان النمو
وأشار التقرير إلى أن النمو على المدى المتوسط سيكون معرضًا للعوائق بسبب تقدم عمر السكان وتباطؤ نمو الإنتاجية، فضلًا عن التضخم المرتفع الذي يتجاوز بشكل ملحوظ معدل منطقة اليورو (Euro-Zone)، ما قد يُفقد النمسا تنافسيتها إذا لم يتم تضييق هذه الفجوة.
إصلاحات لتعزيز سوق العمل والنمو
أكد الصندوق الحاجة إلى إصلاحات لتعزيز النمو، مقترحًا التركيز على زيادة القوى العاملة (Arbeitskräfteangebot)، خصوصًا النساء العاملات بدوام جزئي والعمال الأكبر سنًا. ويرى أن توسيع خدمات رعاية الأطفال والمسنين أمر أساسي لتحقيق هذا الهدف.
كما دعا الصندوق إلى تحسين إدماج المهاجرين في سوق العمل، باعتباره مجالًا غير مستغل بما يكفي، وإلى تعميق السوق الداخلية للاتحاد الأوروبي (EU-Binnenmarkt) كوسيلة لتعزيز النمو والإنتاجية.
على المستوى الوطني، أشار الصندوق إلى ضرورة تقليل اللوائح التنظيمية المفروضة على الشركات، لتحفيز ديناميكية الاقتصاد المحلي.
أما في ما يخص القطاع المالي، فقد وصفه الصندوق بأنه “مستقر، ويتمتع بالسيولة والربحية”، لكنه شدد على أهمية التحلي باليقظة لضمان استمرار الاستقرار المالي في المستقبل.



