عشر سنوات على اكتشاف 71 جثة في شاحنة تبريد قرب Parndorf شرق النمسا

فييناINFOGRAT:

انصدمت النمسا من ولاية Burgenland في النمسا يوم 27 أغسطس 2015 بواحدة من أبشع المآسي الإنسانية المرتبطة بأزمة اللجوء، حين عُثر على شاحنة تبريد متوقفة في حارة الطوارئ على الطريق السريع الشرقي A4 قرب Parndorf. داخل الصندوق المحكم الإغلاق للشاحنة اكتُشفت جثث 71 لاجئًا ماتوا اختناقًا أثناء نقلهم من قبل مهربين. وبعد مرور عشر سنوات، ما زالت هذه المأساة تُستحضر كواحدة من أكثر الأحداث صدمة في مسار الهجرة إلى أوروبا، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

كان الضحايا، وهم 59 رجلاً وثماني نساء وأربعة أطفال من أفغانستان وسوريا والعراق وإيران، قد فقدوا حياتهم بالفعل على الأراضي المجرية قبل وصول الشاحنة إلى النمسا. وأكدت التحقيقات أن إمكانية بقائهم على قيد الحياة لم تكن تتجاوز ثلاث ساعات داخل الصندوق المغلق.

الطبيب الشرعي: سكرات الموت

تم تشريح جميع الجثث، وقد تبين أن الضحايا لقوا حتفهم بسبب نقص الأكسجين – اختناقًا داخل الشاحنة المغلقة بإحكام. ووفقًا لـ Nikolaus Klupp، رئيس مركز الطب الشرعي في جامعة الطب بفيينا (MedUni Wien)، كان الضحايا يدركون أنهم يموتون. وقال Klupp: “أعمل في هذا المجال منذ 32 عامًا. كانت هذه أكثر تجربة مؤثرة مررت بها خلال تلك الفترة. حتى عند تفريغ الشاحنة، استطعنا تمييز من ينتمي إلى من”.

كان الأشخاص متكدسين في صندوق التحميل، لكن كان من الواضح وجود عائلات مرتبطة ببعضها البعض. وأضاف Klupp: “تلك ذكريات لا تُمحى”. وتحدث عن “صراع موت” قائلاً: “لقد حاولوا ركل الباب. لكن الشاحنة المبرّدة كانت ذات جدار خارجي سميك ومغلقة بإحكام”.

“مُجهِد للغاية”

شارك في العمل ثلاثة من خبراء الطب الشرعي، إلى جانب مساعدين في التشريح وفرق مسرح الجريمة التابعة للمكاتب الجنائية في فيينا، والنمسا السفلى، وBurgenland، حيث عملوا “ليلًا ونهارًا تقريبًا” حتى تاريخ 2 سبتمبر، حين تم الانتهاء من تشريح جميع الجثث البالغ عددها 71.

وقال Klupp إن العمل على هذه القضية كان “مُجهدًا للغاية”، حتى بالنسبة للأطباء وضباط الشرطة ذوي الخبرة. وأكد أن الفريق عمل بتعاون وثيق وناقش أفراده ما مروا به، مضيفًا: “لا يمكنك أن تأخذ هذه القضايا معك إلى المنزل”.

الصدمة والتحقيقات

وصف المدعي العام Johann Fuchs، الذي كان يقود النيابة في Eisenstadt عام 2015، المشهد بأنه لا يُنسى حتى بعد عقد كامل. وأوضح أن التقديرات الأولية كانت تتوقع 20 جثة فقط، لكن عند استخراج الجثث في Nickelsdorf تزايد العدد تدريجيًا حتى وصل إلى 71، في مشهد وصفه بـ “اللا نهائي”.

الأحكام القضائية

نظرًا لوفاة الضحايا على الأراضي المجرية، تولت السلطات هناك التحقيق والمحاكمة. وتوصلت المحكمة في Kecskemet عام 2018 إلى إدانة أربعة من المهربين الرئيسيين، قبل أن تُشدد الأحكام في 2019 إلى السجن المؤبد، كما صدرت أحكام بالسجن ما بين 4 و8 سنوات بحق عشرة آخرين، وأكدت المحكمة أن المتهمين كانوا مدركين لخطر الاختناق، لكنهم فضلوا النجاة بأنفسهم على إنقاذ حياة العالقين داخل الشاحنة.

أثر سياسي وإنساني

أثارت الفاجعة صدمة عارمة في النمسا وخارجها، وأصبحت رمزًا لوحشية شبكات التهريب وعدم اكتراثها بأرواح البشر، وقالت وزيرة الداخلية السابقة Johanna Mikl-Leitner إن القضية جعلتها “حزينة وغاضبة في الوقت نفسه”، مؤكدة أن المهربين كانوا يسعون للربح المادي فقط.

كما وصف مدير شرطة Burgenland آنذاك Hans Peter Doskozil، الذي أصبح لاحقًا حاكم الإقليم، اللحظة التي تلقى فيها الخبر بأنها لحظة لا تُمحى من الذاكرة، حيث تزامن الإعلان عن الكارثة مع زيارته ومikl-Leitner لمركز صغير لإيواء اللاجئين.

وتذكر حادث Parndorf اليوم، وفق بيانات مشروع Missing Migrants Project التابع لمنظمة الهجرة الدولية (IOM)، باعتباره أكبر مأساة بشرية مرتبطة بالهجرة على الأراضي الأوروبية منذ بدء أزمة اللاجئين.


مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى