قانونيون بارزون في النمسا يحذرون من “هجمات على سيادة القانون” ويطالبون السياسيين بوقف انتقاد الأحكام القضائية
وجه عدد من كبار القانونيين في النمسا تحذيراً شديداً من مخاطر إضعاف سيادة القانون في البلاد، وذلك في أعقاب الجدل العام والسياسي المتزايد حول بعض الأحكام القضائية الأخيرة. وفي لقاء صحفي عُقد في “قصر العدل”، شدد الخبراء على أن انتقاد القرارات القضائية مبرر، لكن الهجمات الشخصية أو التهديدات ضد القضاة أمر غير مقبول، مطالبين السياسيين بمراجعة طريقة انتقادهم للأحكام. واعتبرت رئيسة محكمة الاستئناف العليا في فيينا، Katharina Lehmayer، أن الاتهامات الموجهة للقضاء تشكل “هجوماً على سيادة القانون”، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
قضاة تعرضوا للتهديد والإهانة بعد أحكام بالبراءة
كان الدافع وراء هذا اللقاء هو، من بين أمور أخرى، الأحكام غير النهائية الصادرة بالبراءة عن محكمة فيينا الإقليمية نهاية سبتمبر الماضي بحق عشرة شبان في قضية تتعلق بممارسات جنسية مع فتاة كانت تبلغ من العمر اثني عشر عاماً آنذاك. فقد تعرض القاضي الذي أصدر الحكم بعدها للإهانة والتهديد بالعنف. كما وجهت انتقادات عامة للقضاء على خلفية ما وصف بـ “عدالة يسارية متساهلة” أو “شبكات سوداء” مرتبطة بالتسوية التحويلية للقضية الجنائية لرئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب النمساوي (ÖVP) August Wöginger.
انتقد القانونيون ردود فعل بعض الأطراف السياسية، مشيرين إلى أن وصف الأحكام القضائية بـ “الخاطئة” فور صدورها من قِبل وزيرة، على سبيل المثال، لا يخدم مبدأ الفصل بين السلطات.
صعوبة في تبرير الأحكام للرأي العام
أكد Robert Kert، من معهد القانون الاقتصادي الجنائي النمساوي والأوروبي في جامعة WU في فيينا، أن القضاة لا يصدرون أحكامهم بناءً على التعسف، بل ضمن إطار قانوني محدد، مشدداً على أن مبدأ “افتراض البراءة”، المكفول دستورياً للمتهمين، يظل سارياً. ففي القضية المتعلقة بالشباب، أسقطت النيابة العامة نفسها تهمة الاعتداء الجنسي على قاصر خلال مرحلة التحقيق وأوقفتها لعدم كفاية الأدلة.
وأوضح الخبير القانوني أن تبرير الحكم والتواصل به مع الرأي العام كان “صعباً للغاية”، نظراً لأن أجزاء واسعة من إجراءات الإثبات تمت في جلسات مغلقة. وفي مثل هذه الحالات، يُحظر على القضاة بموجب القانون إدراج تفاصيل الأدلة التي لم تُناقش علناً في حيثيات النطق الشفوي بالحكم، والذي يكون مفتوحاً للجمهور دائماً.
الإساءة للقضاة جريمة تستدعي الملاحقة
بالنسبة للأفراد العاديين، فإن إهانة وتهديد القضاة، خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل Facebook أو X (تويتر سابقاً)، يمكن أن يتحول بسرعة إلى جريمة تستدعي العقاب. وتعمل السلطات القضائية حالياً على متابعة هذه الجرائم، لا سيما من خلال المطالبة بحذف المنشورات المسيئة. وفي الحالات الخطيرة، يتم رفع دعاوى قضائية يمكن أن تكون باهظة التكلفة على المتهمين بسبب تكاليف المحاكمة. وأكدت القاضية Michaela Masicek-Wallner أن النشر المجهول لا يوفر حماية من الملاحقة، مضيفة: “سيستغرق الأمر وقتاً أطول فقط للكشف عن هويتهم”.



