قداس مشترك في كاتدرائية Stephansdom بفيينا يختتم الحداد الرسمي على ضحايا مجزرة غراتس
فيينا – INFOGRAT:
شهدت كاتدرائية Stephansdom في العاصمة النمساوية فيينا مساء يوم الخميس قدّاسًا دينيًا مشتركًا بين مختلف الطوائف، أُقيم إحياءً لذكرى ضحايا الهجوم المسلح الذي وقع في مدرسة بمدينة Graz، والذي هزّ البلاد بأسرها. وجاء هذا القداس بمشاركة ممثلين عن الكنيسة والدولة، إلى جانب حضور رسمي لقوات الشرطة والإسعاف من مدينة غراتس، حيث تم تكريمهم كضيوف شرف. وترأس القدّاس Franz Lackner، رئيس مؤتمر الأساقفة النمساويين ورئيس أساقفة Salzburg، في ختام الحداد الرسمي الذي استمر لثلاثة أيام في عموم البلاد.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، خُصِّصت عشرة مقاعد فارغة أمام المذبح لتخليد ذكرى الضحايا العشرة الذين لقوا حتفهم في هذا الهجوم، وتم وضع شموع مضاءة على كل مقعد مزينة بالورود، وقام بإشعال هذه الشموع ثلاث طالبات، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين السياسيين يتقدمهم رئيس الجمهورية Alexander Van der Bellen، والمستشار الاتحادي Christian Stocker (من حزب ÖVP)، ووزير التعليم Christoph Wiederkehr (من حزب NEOS).
كما شارك ممثلو الطوائف الدينية الأخرى في إشعال الشموع، حيث أوقد Ümit Vural، رئيس الهيئة الإسلامية الرسمية في النمسا، شمعة باسم الجالية الإسلامية. وأشعل شموعاً أخرى كل من أسقف Graz الكاثوليكي Wilhelm Krautwaschl، والمطران الأرثوذكسي Arsenios Kardamakis، وأسقف الكنيسة الإنجيلية اللوثرية Michael Chalupka.
وفي لفتة خاصة، تم أيضاً إشعال شمعة منفردة خصصت للجاني الذي نفّذ الهجوم، حيث حملها Josef Grünwidl، المدير الرسولي لأبرشية فيينا، ووضعها في مكان مخصص داخل الكاتدرائية.
“الجرح باقٍ رغم انتهاء الحداد الرسمي”
وقال Grünwidl خلال عظته: “ما حدث صباح الثلاثاء في غراتس صدم جميع أنحاء النمسا وأثار حزنًا وذهولًا تعدّى حدود البلاد”، مؤكدًا أن الإيمان بالله لا يفسّر المعاناة في هذا العالم، “بل هو الرجاء، وليس التفسير. الإيمان يمنحنا نظرة إلى الأمام، يدفعنا لنعيش بيقظة، وأن نضع ‘نحن’ قبل ‘الأنا'”. وأردف قائلاً: “ربما ينتهي الحداد الرسمي بعد القدّاس، لكن الجراح التي أحدثها هذا الهجوم الرهيب ستظل مفتوحة”. وأضاف: “الكلمة الأخيرة ليست للكراهية والعنف والموت، بل لله، وكلمته الأخيرة هي: الحياة. حياة بملئها، حياة أبدية”.
مشاركة سياسية ودينية واسعة
وكانت Bischofskonferenz النمساوية قد دعت إلى إقامة هذا القداس بالتنسيق مع الحكومة الفيدرالية. وشارك فيه عدد كبير من الشخصيات الرسمية، من بينهم المدير العام للأمن العام Franz Ruf، ومدير شرطة ولاية Steiermark Gerald Ortner. كما حضر عدد من السياسيين البارزين منهم Doris Schmidauer، Andreas Babler، Beate Meinl-Reisinger وWalter Rosenkranz.
وبعد القدّاس، أقيم Requiem (قدّاس جنائزي)، تخلله تلاوة لآيات من القرآن الكريم قرأها الإمام الأول للجالية الإسلامية في فيينا Ermin Sehic. كما ألقى الأسقف Chalupka صلاة مسيحية.
وفي كلمته، دعا رئيس أساقفة سالزبورغ Lackner إلى تضامن إنساني أعمق، قائلاً: “قد نرغب في الصمت، ولكن أمام هذا الحزن العميق لا يمكن أن نسكت. لقد شعرنا في هذه الأيام بضرورة أن نتكاتف من أجل نجاح الحياة، وألا نرى في وجه الآخر عدواً، بل أخًا أو أختًا”.
بحر من الشموع في Stephansplatz
وفي اليوم السابق، الأربعاء، أقيمت صلاة تأملية في الكاتدرائية، أعقبتها فعالية “بحر من الشموع” في ساحة Stephansplatz أمام الكاتدرائية، إحياءً لذكرى الضحايا وتضامناً مع أسرهم. وقد استجاب مئات الأشخاص لدعوة Caritas Wien وJunge Kirche (الشبيبة الكاثوليكية)، وشاركوا في إضاءة الشموع.
وقال رئيس Caritas Wien، Klaus Schwertner، لوكالة APA: “نريد أن نرسل رسالة قوية إلى غراتس، بمثابة عناق رمزي لعائلات وأصدقاء الضحايا”. وأضاف أن الكثيرين يشعرون بعد الهجوم بحالة من “العجز التام” ولا يعرفون كيف يتعاملون مع هذه المأساة. وتابع: “مهمتنا اليوم أن نظهر أن النمسا ما زالت متماسكة ومتعاطفة”.
ووفقاً للمنظمين، قام مئات الأشخاص بإشعال شموع بيضاء ووضعوها بجوار مدخل الكاتدرائية. وقد وفرت Caritas Wien ما مجموعه 3,000 شمعة. ومن بين المشاركين كان رئيس Caritas Europa Michael Landau، بالإضافة إلى السياسيين Werner Kogler وAlma Zadic عن حزب الخضر.
وقالت شابة فييناوية تبلغ من العمر 24 عاماً لوكالة APA إنها شعرت بتأثر بالغ لما حدث في غراتس، لا سيما وأنها لم تكن دائماً تشعر بالأمان خلال سنوات دراستها، رغم أنها تحتفظ بذكريات إيجابية عامة عن تلك الفترة. وحرصت على البقاء لفترة طويلة في فعالية الشموع، ثم شاركت في الصلاة داخل الكاتدرائية.وشهدت فعالية التأمل في الكاتدرائية مشاركة موسيقيين وموسيقيات قدّموا مقطوعات مؤثرة، كما أتيح للمشاركين التحدث إلى مرشدين روحيين وإشعال شموع وكتابة رسائل تعزية أو أمنيات في أماكن مخصصة. وأعرب Grünwidl عن سعادته بأن الشبيبة الكاثوليكية دعت إلى هذه الصلاة، حيث “وجد الحزن واليأس مكانًا لهما إلى جانب الإيمان والرجاء”.



