“لقد جعلنا كباراً”.. الرئيس النمساوي يحتفي بـ “التوافق الجيد” في العيد الوطني

فييناINFOGRAT:

احتفى الرئيس الاتحادي لجمهورية النمسا، Alexander Van der Bellen، في خطابه المتلفز بمناسبة العيد الوطني (26 أكتوبر)، بمفهوم “التوافق الجيد” (der gute Kompromiss)، مؤكداً أنه كان “الركيزة الخصبة للجمهورية الثانية”، ولا يزال يحدد المسار الواجب اتباعه اليوم عند اتخاذ القرارات غير الشعبية. وأشار Van der Bellen إلى أن “هناك فرصة للتغيير نحو الأفضل”، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).

دعوة إلى اتخاذ قرارات شجاعة لمواجهة التحديات

شدد الرئيس الاتحادي، في خطابه التلفزيوني السنوي، على ضرورة العمل الحازم في مجالات ارتفاع الأسعار، والموقع الاقتصادي، والطاقة، والصحة، والتعليم، وأزمة المناخ. وأوضح أن “التوافق الجيد” ليس بأي حال من الأحوال “شيئاً يخسر فيه الطرفان”، بل إنه، على عكس التوافق السيئ، “يضع المصلحة الكبرى للجميع نصب عينيه. حيث تتحول المواقف (A) و (B) إلى حل أفضل وهو (C)”.

وأضاف Van der Bellen أن هذا التوافق الجيد هو ما “جعلنا كباراً” كـالنمسا، وهو “البذرة الخصبة للجمهورية الثانية”. وذكّر بأن الاشتراكيين الديمقراطيين، والمسيحيين الاجتماعيين، والشيوعيين اجتمعوا معاً في معسكرات الاعتقال النازية، وطوّروا الاحترام المتبادل، وأدركوا “أن الديمقراطية الحية والدولة الحرة لا يمكن أن تعيشا إلا من خلال التوافق”.

فرصة مواتية لإجراء تغييرات هيكلية

دعا الرئيس Van der Bellen إلى ضرورة مواجهة تحديات الحاضر بذات الروحية القائمة على القدرة على التوافق، مشيراً إلى أن السياسة الدولية والوضع الاقتصادي والميزانية تتطلب اتخاذ قرارات شجاعة.

واعتبر الرئيس في خطابه أن هذا الوضع يمثل “فرصة مواتية – Opportunity – لإجراء تغييرات مبدئية وهيكلية”، محذراً من أن عدم التغيير “سيؤدي إلى مزيد من الألم”. ووجه دعوته إلى السياسيين والسياسيات “بغض النظر عما إذا كانوا على المستوى الاتحادي أو مستوى الولاية أو البلدي”، وطالب المعارضة بالمشاركة في هذه العملية.

مراسم تقليدية وتجنيد عسكري في العيد الوطني

في وقت سابق من يوم الأحد، أدى Van der Bellen برنامجاً حافلاً بمناسبة العيد الوطني. فكما جرت العادة، بدأت الاحتفالات بوضع الرئيس الاتحادي والحكومة الاتحادية للأكاليل في قاعة التكريس في بوابة القلعة الخارجية عند ساحة Heldenplatz في فيينا.

كما جرى في اليوم ذاته مراسم أداء اليمين لأكثر من 1000 مجند و 15 مجندة في ساحة Heldenplatz. ودعا Van der Bellen والمستشار الاتحادي Christian Stocker (من حزب ÖVP) في خطابيهما إلى تماسك المجتمع والمشاركة الفعالة في الدفاع عن الديمقراطية والحرية في البلاد.

مطالبة بمزيد من الحماية والدفاع عن القيم

أشار Van der Bellen، بصفته القائد الأعلى للجيش النمساوي، إلى أن أوروبا، وبالتالي النمسا، تتعرضان لهجمات وتهديدات متزايدة، سواء كانت عسكرية أو ثقافية أو اقتصادية أو تكنولوجية. ولذلك، هناك حاجة لمزيد من الحماية والدفاع مقارنة بالماضي.

من جانبه، أكد المستشار Stocker في خطابه أن النمسا تستثمر في أمنها، وفي الجيش النمساوي، وفي الحماية الفعالة من الكوارث، والهجمات السيبرانية، والتضليل الإعلامي، وكذلك في تعزيز الاقتصاد. ولكنه أضاف أن الأمن يعني أيضاً الدفاع عن القيم الذاتية والوقوف كـ”مجتمع متماسك”، خاصة في الأوقات الصعبة.

وحذرت وزيرة الدفاع Klaudia Tanner (من حزب ÖVP) من الأصوات التي تحاول المزايدة بالمسائل الاجتماعية مقابل الأمن، متعهدة بجعل الجيش النمساوي “أفضل وأقوى جيش في تاريخ الجمهورية الثانية”. كما سلط نائب المستشار Andreas Babler (من حزب SPÖ)، وكذلك المستشار Stocker قبله، الضوء على أن النمسا لطالما فهمت حيادها كـ”مهمة” من أجل سياسة سلام فاعلة، ولم تمارسه كـ”لامبالاة”.

برنامج حافل في يوم العيد الوطني

بمناسبة الذكرى السنوية لتبني الحياد قبل 70 عاماً، والإعلان عن العيد الوطني في 26 أكتوبر قبل 60 عاماً، قدم الجيش والسياسيون برنامجاً حافلاً. فقد فتحت الأبواب أمام عدد كبير من المهتمين لزيارة مبنى Hofburg والبرلمان والمستشارية الاتحادية. واستقبل الرئيس Van der Bellen وزوجته Doris Schmidauer المنتظرين أمام البوابة صباحاً.

كما اصطف عدد لا بأس به من المواطنين أمام مبنى البرلمان قبل ساعة من بدء الدخول، حيث استقبلهم مجلس رئاسة المجلس الوطني المكون من Walter Rosenkranz (من حزب FPÖ)، وPeter Haubner (من حزب ÖVP)، وDoris Bures (من حزب SPÖ)، ورئيس المجلس الاتحادي Peter Samt (من حزب FPÖ)، بالإضافة إلى رؤساء الكتل البرلمانية. وإلى جانب الجولات المصحوبة بمرشدين داخل المبنى، كانت هناك أيضاً أكشاك للكتل البرلمانية في القاعة ذات الأعمدة تقدم المعلومات والهدايا الصغيرة للزوار.

فيما احتفلت كتلة حزب FPÖ بشكل إضافي بـ”مهرجان الحياد” الخاص بها خلف مبنى البرلمان.

استعراض الجيش في صلب الفعاليات

في حوالي منتصف النهار، فُتحت أبواب المستشارية الاتحادية للزيارة، والتي تشكّلت أمامها طوابير طويلة في وقت سابق. وكان من بين المتحدثين المتاحين المستشار Stocker، ووزيرة شؤون أوروبا Claudia Plakolm، ووزير الدولة Alexander Pröll (وجميعهم من حزب ÖVP). أما وزارة الداخلية، فقد دعت إلى “يوم الشرطة”. كما فُتحت أبواب وزارة المالية، الأبعد قليلاً، في القصر الشتوي للأمير Eugen، لتقديم خدماتها المتعلقة بـ (FinanzOnline) و (ID Austria) على أنغام موسيقى الفرق النحاسية.

وبطبيعة الحال، كان استعراض الجيش النمساوي لـ”إظهار القوة” في ساحة Heldenplatz هو النقطة المحورية. وقد تضمن الاستعراض، تحت طقس خريفي عاصف جزئياً، عرض مركبات مدرعة، ونموذج لطائرة (Eurofighter)، وطائرة هليكوبتر من طراز (Black Hawk)، بالإضافة إلى تحليق للقوات الجوية وقفز بالمظلات. ومنذ يوم الأربعاء، يتم الترويج لاستقطاب الأفراد في منصة التوظيف المتاحة في ساحة Heldenplatz.

انتقادات حزب FPÖ وتفاؤل حزب الخضر

في غضون ذلك، رأى رئيس حزب FPÖ Herbert Kickl أن “الإرث الثمين” للحياد أصبح في خطر. وأشار إلى أن “أحزاب النظام” قادت النمسا إلى حرب اقتصادية، وأعرب عن قلقه البالغ من “أنهم سيجرّوننا أيضاً إلى صراع عسكري مباشر بين حلف الناتو وروسيا”. ودعا لذلك الشعب إلى المقاومة السياسية.

في المقابل، دعت رئيسة حزب الخضر Leonore Gewessler عبر بيان صحفي إلى “نظرة متفائلة نحو المستقبل”، مشيرة إلى أن النمسا أثبتت، في تاريخها المتقلب، أنها قادرة على تحقيق إنجازات عظيمة “حتى في الأوقات التي قد تشعر فيها بأن كل شيء يكاد يسحقك”.

مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى