ما مستقبل إمدادات الغاز الروسي إلى النمسا وتأثيره على الأسعار والخيارات البديلة؟

في مساء يوم الجمعة، أعلنت شركة OMV النمساوية أنها تلقت إشعارًا من شركة Gazprom الروسية يفيد بعدم تسليم الغاز إليها اعتبارًا من صباح يوم السبت. وقد أثار هذا الخبر العديد من التساؤلات حول العواقب الاقتصادية لهذا التوقف المفاجئ. ومع ذلك، أكدت شركة E-Control النمساوية صباح يوم السبت أن الغاز الروسي ما زال يصل إلى النمسا، وبالتحديد إلى مركز Baumgarten في ولاية النمسا السفلى، لكن الكميات التي تم ضخها كانت أقل من المعتاد، حيث انخفضت التدفقات بنسبة 17%، وعلى الرغم من هذا الانخفاض، لم يتوقف تدفق الغاز الروسي بشكل كامل إلى النمسا، بل تم توزيع الغاز عبر قنوات أخرى، ومن المرجح أن الغاز يتم تداوله الآن في Central European Gas Hub، ما يفسر ارتفاع أسعار الغاز بشكل طفيف يوم الجمعة قبل أن تعود إلى مستوياتها السابقة.

وبحسب مقال لصحيفة derstandard النمساوية، أكد Leo Lehr، خبير الطاقة في E-Control، أن تغيير مصدر الغاز لا يشير إلى نقص فعلي في الإمدادات بل هو تعديل اقتصادي في كيفية توزيع الغاز داخل السوق الأوروبية، ومن المثير أن هذا التغير لم يطرأ عليه تغيير في العقد المبرم بين OMV وGazprom، حيث كان يتم توريد الغاز من روسيا إلى النمسا ولكن عبر وسطاء آخرين بعد توقف التوريد المباشر إلى OMV.

الغاز الروسي لا يزال يؤثر في أسعار الطاقة

رغم أن الغاز الروسي يصل إلى النمسا، إلا أن سعره يظل قريبًا من أسعار السوق الأوروبية، وأظهرت دراسة قام بها Sebastian Koch من معهد IHS أن النمسا شهدت ارتفاعًا ملحوظًا في أسعار الغاز للأسر مقارنة ببقية دول الاتحاد الأوروبي منذ بداية الحرب في أوكرانيا. وقد أشار أيضًا تحليل لمؤسسة Neos-Lab إلى أن الغاز الروسي يُباع بسعر مشابه للغاز الذي يتم استيراده من ألمانيا أو إيطاليا، الأمر الذي يعني أن فرضية “الغاز الرخيص” لا تبدو دقيقة. وبالتالي، فإن الفكرة التي كانت رائجة سابقًا بشأن أن الغاز الروسي هو السبب في الأسعار المنخفضة في النمسا تتناقض مع الواقع.

السيناريوهات المستقبلية لأسواق الغاز الأوروبية

أدى تقليص توريد الغاز الروسي إلى أوروبا منذ بداية الحرب في أوكرانيا إلى تقليص الاعتماد على الغاز الروسي بشكل تدريجي. وفقًا لبيانات الاتحاد الأوروبي، انخفضت حصّة الغاز الروسي من إجمالي الواردات إلى أوروبا بنسبة 70%، وتم تعويض هذه الكميات بواسطة واردات من دول أخرى مثل النرويج، الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة. وفي حال توقف توريد الغاز الروسي نهائيًا، وهو ما قد يحدث بعد انتهاء عقد مرور الغاز بين روسيا وأوكرانيا في يناير 2025، من المتوقع أن تعتمد النمسا على المخزونات الاستراتيجية والغاز المستورد من ألمانيا وإيطاليا. ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي هذا التغيير إلى زيادة الأسعار بنسبة تتراوح بين 10% و40%.

الحكومة النمساوية والخطوات المقبلة

في ظل هذه التغيرات، يُتوقع أن تلجأ الحكومة النمساوية إلى استخدام احتياطيات الغاز الاستراتيجية التي تمتلكها الدولة لتخفيف أي زيادات محتملة في الأسعار. هذه الاحتياطيات كانت قد تم شراؤها في وقت سابق من قبل الحكومة كإجراء احترازي لمواجهة أية أزمات قد تحدث في قطاع الطاقة. ومع ذلك، فإن التغيرات المستمرة في الظروف المناخية وارتفاع الطلب على الغاز في أوروبا قد تؤدي إلى تقلبات أكبر في الأسعار. في الوقت ذاته، يبدو أن سعر الغاز قد شهد ارتفاعًا تدريجيًا خلال الأسابيع الماضية، حيث وصل سعر مِيجاوات الساعة إلى حوالي 45 سنتًا في الأسواق الأوروبية، في حين كان السعر في مارس الماضي 30 سنتًا فقط.

هذه الزيادة في الأسعار يمكن أن تكون مرتبطة بعدة عوامل، من بينها برودة الطقس في أوروبا، التي ساهمت في زيادة الاستهلاك، وكذلك تسعير السوق للتهديدات المحتملة من جانب روسيا بوقف التوريد إلى أوروبا. ولكن، كما يوضح Leo Lehr، تظل هذه التغيرات اقتصادية وليست ناتجة عن أي نقص فعلي في الغاز.

خلاصة الأمر

من الواضح أن النمسا لن تواجه أزمة طاقة كبرى في حال توقف التوريد المباشر للغاز الروسي، نظرًا للمخزونات الاستراتيجية والعقود البديلة مع دول أخرى. ومع ذلك، سيظل التغير في طريقة توزيع الغاز ينعكس على الأسعار، ومن المحتمل أن تزيد الأسعار بنسب معينة إذا ما استمرت هذه التغيرات في السوق. ويظل الغموض حول ما إذا كان الغاز الروسي سيكون أرخص من الغاز الذي يتم استيراده عبر وسطاء أمرًا يتطلب مزيدًا من التحقيقات، حيث تشير المؤشرات الحالية إلى أن الأسعار لن تتغير بشكل كبير إذا استمر تدفق الغاز عبر القنوات البديلة.

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى