محكمة فيينا تحكم على شابة بالسجن مع وقف التنفيذ بعد إدانتها بقتل طفلها عند الولادة
فيينا – INFOGRAT:
أصدرت محكمة فيينا، يوم الإثنين، حكمًا بالسجن لمدة 16 شهرًا مع وقف التنفيذ بحق شابة تبلغ من العمر 21 عامًا، بعد إدانتها بتهمة قتل طفل عند الولادة، وهي جريمة ينص عليها المادة 79 من قانون العقوبات النمساوي (StGB). وجاء الحكم مع وقف التنفيذ بالكامل، في حين بُرّئت المتهمة من تهمة انتهاك حرمة الموتى، بموجب المادة 190 من القانون نفسه. ولم يصبح الحكم نهائيًا بعد.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، قضت المحكمة بوجوب خضوع الشابة لمراقبة قضائية خلال فترة اختبار مدتها ثلاث سنوات، دون فرض العلاج النفسي الإلزامي، وذلك بسبب عدم تغطية التأمين لتكاليف العلاج وعدم قدرة المتهمة على تحمّلها ماليًا، بحسب ما أوضحه مجلس المحلفين (Schöffensenat).
الاعتراف، والتقارير الطبية، والأدلة الحاسمة
استندت المحكمة في حكمها إلى اعتراف المتهمة، وإفادات الخبراء الطبيين النفسيين، فضلًا عن قوة الأدلة المادية. وأشارت هيئة المحكمة إلى وجود عوامل مخففة لصالح الشابة، أبرزها سلوكها النظيف سابقًا، وحيازتها مؤهلات مهنية، ووظيفة قائمة، فضلًا عن تحمّلها للمسؤولية القانونية.
حالة نفسية وجسدية استثنائية
النيابة العامة اعتمدت في توجيه الاتهام على تقرير طبي نفسي مسبق، وصف الشابة بأنها كانت تمرّ خلال الولادة بـ**”حالة استثنائية نفسية وجسدية”. ووفق ما أفادت به الخبيرة النفسية زيغرون روسمانيته (Sigrun Rossmanith)، فقد بدت الشابة “غير ناضجة، طفولية وساذجة”، وكانت في حالة “صدمة نفسية حادة” أثناء الولادة، و“متأثرة بشدة”** وفي حالة “ضيق ذهني وانغلاق إدراكي”.
بناءً على ذلك، قررت النيابة عدم توجيه تهمة القتل العمد (Mord)، بل حصر الاتهام في قتل طفل عند الولادة، وهي تهمة تقل عقوبتها قانونيًا وتتراوح بين ستة أشهر وخمس سنوات من السجن.
إنكار الحمل حتى لحظة الولادة
أكدت الشابة، المنحدرة من ولاية بورغنلاند (Burgenland)، خلال التحقيقات، أنها لم تكن تعلم بحملها إطلاقًا، ولم تجرِ أي اختبار حمل، وكانت تظن أن دورتها الشهرية منتظمة، إذ استمرت بتناول حبوب منع الحمل.
وتبيّن أن الشابة تعرفت على والد الطفل في ديسمبر 2023، وانتقلت للعيش معه في أغسطس التالي، إلا أن الرجل لم يكن على علم بحملها أيضًا. وقد تم إسقاط التهم الموجهة إليه بعد اعتقاله مؤقتًا، حيث لم تثبت أي معرفة سابقة أو تورّط في الواقعة.
ولادة مفاجئة في فندق خلال عطلة فيينا
في 8 ديسمبر 2024، سافرت الشابة مع شريكها إلى فيينا لقضاء عطلة نهاية الأسبوع بمناسبة عيد الحبل بلا دنس (Mariä Empfängnis). وبعد زيارتهما لسوق عيد الميلاد في Rathausplatz، بدأت الشابة تعاني من آلام حادة في أسفل البطن. وبناءً على نصيحة طبيبتها، تناولت مسكنات ألم، لكنها لم تتحسن.
أثناء وجودها في ردهة فندق في منطقة Simmering، بدأت آلام الولادة المفاجئة (Sturzgeburt)، ما دفعها إلى دخول إحدى الكبائن في المرحاض، حيث أنجبت الطفل هناك، بطريقة مفاجئة وسريعة.
لحظات مأساوية وقرار قاتل
وفقًا لتفاصيل النيابة، سقط الطفل في مرحاض الحمام، وقامت الأم بقطع الحبل السري، ثم أمسكت بالرضيع بقوة ولفترة طويلة بيديها. ووصف المدعي العام هذا الفعل بـ “القبضة الخانقة” (Würgegriff)، مؤكدًا أن الطفل توفي نتيجة الخنق، وأن المتهمة كانت عاجزة عن التعامل مع الوضع.
التخلص من الجثة ونقلها إلى المستشفى
بعد الواقعة، وضعت الشابة جثة الطفل في حاوية نفايات منزلية (Restmüllcontainer)، ثم عادت إلى غرفتها في الفندق. لكن حالتها الصحية تدهورت بسبب نزيف حاد، فطلب شريكها المساعدة من موظفي الاستقبال، وتم استدعاء خدمة الإنقاذ الطبية في فيينا.
ورغم رفضها المساعدة الطبية في البداية، تم نقلها إلى المستشفى، حيث اكتشف الأطباء أنها أنجبت طفلًا مؤخرًا. وعند العودة إلى الفندق لإجراء تفتيش، تم العثور على جثة الرضيع.
خلفية قانونية وإنسانية
تسليط الضوء على هذه القضية أثار جدلًا في الأوساط القضائية والإعلامية في النمسا، لاسيما في ما يتعلق بالتعامل مع حالات الولادة الخفية وغير المعروفة، ودور المجتمع والدولة في دعم النساء نفسيًا واقتصاديًا في مثل هذه الظروف.
ورغم مأساوية الحادثة، رأت المحكمة أن المتهمة لم ترتكب الجريمة بنيّة إجرامية واضحة، بل في ظروف استثنائية ومعقدة نفسيًا وجسديًا، ما انعكس في طبيعة الاتهام المخفف والحكم المشروط.



