من فتح الثلّاجة؟.. بقلم : لينا جرّار

في طفولتنا، كانت لعبة “من فتح الثلاجة؟”  والتي تنتهي باخراج احد الاطراف من اللعبة بجملة ( كلّ الحقّ على الأطفال ) تسلية بريئة تنتهي بضحكات وصراعات ودية. لكن في وقتنا هذا، يبدو أن الإعلام يتبنى دورًا مشابهًا، ليصبح أشبه بمن يفتح الثلاجة ليُخرج منها ما يفرق الناس بدل أن يجمعهم، سواء من خلال إشراك الأطفال في قضايا سياسية حادّة أو الانغماس في تفاصيل تاريخية هامشية لا تخدم حاضر المجتمع أو مستقبله.

لينا جرار كاتبة فلسطينية

برامج الأطفال الحزبية: زرع الانقسام مبكرًا

يُعد إشراك الأطفال في مناقشات سياسية بأسلوب هجومي مثالاً بارزًا على سوء استخدام الإعلام. يتحول الأطفال إلى أدوات لنقل أفكار أيديولوجية تُعمّق الانقسام، بدلاً من أن تغرس هذه البرامج قيم الحوار البنّاء والتفكير النقدي، تُكرّس الانحياز منذ الصغر. 

النتيجة هي أجيال مبرمجة على التركيز على الخلافات بدلاً من البحث عن قواسم مشتركة، مما يعيق تطور المجتمع.

قصة زراعة البندورة: الغرق في الهامشية

على الجانب الآخر، نجد نقاشات تدور حول مواضيع هامشية مثل “من الذي أحضر زراعة البندورة إلى الأردن”. التركيز على هذه التفاصيل التاريخية البسيطة لا يقدم حلولًا للمشاكل الحقيقية، بل يهدر الوقت ويثير الجدل بلا فائدة عملية. وبينما للتاريخ أهمية في التعليم والإلهام، فإن إغراق النقاش في مواضيع تافهة يبعدنا عن القضايا الكبرى التي تحتاج إلى الاهتمام.

الحل: إعلام يبني لا يهدم

لتجاوز هذه المشكلات، يجب أن يتحول الإعلام إلى أداة للتنمية. التركيز على تعليم التفكير النقدي ومهارات الحوار البناء ضرورة لتجنب تكرار أخطاء الماضي. بدلاً من إثارة الانقسام، يجب أن يعزز الإعلام التعاون والابتكار لبناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل.

لكن يبقى السؤال: ترى من سيقرر “فتح الثلاجة”؟ 

وهل نفتحها بوعينا لنُخرج منها ما يُغذّي عقولنا ومجتمعنا، أم سنتركها لأيادي ملوثة تُخرج ما يفرّق ويُشتت ؛من افكار ظاهرها مدهون بالمطيبات؛ وباطنها عفنٌ وسموم لن تلبث أن تفوح منها رائحة الخبث والإفساد ؟!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى