من منبر الدين إلى منصة التحريض: كيف خدم أحمد حسون آلة القمع السورية؟

مفتي البراميل أحمد حسون ليس مجرد رجل دين، بل هو أحد أبرز الوجوه التي ساهمت في تبرير الجرائم التي ارتكبها النظام السوري بحق الشعب السوري منذ بداية الثورة. كان حسون في الصفوف الأمامية لدعم النظام، حيث عمل على تسويغ قمع الثورة باستخدام الدين، بدلًا من أن يكون داعيًا للسلام أو العدالة. أصبح حسون أداة سياسية تستخدمها السلطة لتبرير القتل والتهجير والتدمير الذي مورس ضد السوريين.

وسيم محمد مطاوع
سوري مقيم في فيينا

كان يروّج في خطاباته لفكرة أن ما يحدث في سوريا ليس ثورة شعبية، بل مؤامرة كونية ضد البلاد، فكل من خرج ضد النظام كان في نظره “إرهابيًا” و”عميلًا” يجب القضاء عليه. في أحد تصريحاته التي أثارت جدلًا واسعًا، قال حسون: “إذا لم تتوقفوا عن دعم الإرهاب في سوريا، فستدفعون الثمن في عواصمكم، وسوريا ستدافع عن نفسها، وكل من يتدخل في شؤونها.” كانت هذه الكلمات موجهة بشكل أساسي إلى أوروبا، وتحمل في طياتها تهديدًا واضحًا ضمنيًا، فهي ليست مجرد دعوة إلى التصدي للأعداء، بل تهديدات مباشرة تتعلق بتأثير التدخلات الغربية في الشأن السوري ودعم المعارضة.

بدلًا من أن يكون مفتيًا يسعى للسلام أو يدعو للوحدة، كان حسون يقف بجانب نظام لا يختلف عن آلة قمعية تهدم المدن، وتقتل الأطفال، وتدمّر المدارس. إذن، لم يكن مفتيًا بالمعنى الحقيقي للكلمة، بل كان “مفتريًا” يستخدم منصبه لتبرير القتل الجماعي وتفتيت المجتمع السوري.

إضافة إلى ذلك، كان حسون يروّج لبشار الأسد بشكل مستمر، ويصفه بالبطل والمخلّص للأمة، وكان يطالب السوريين بولاء أعمى للنظام. في إحدى تصريحاته الشهيرة، قال: “الجيش السوري يقاتل دفاعًا عن كرامة الأمة العربية.” كان هذا التصريح محاولة لخلط الحقائق، فالنظام الذي يقوده بشار الأسد كان في الحقيقة يقصف المدن السورية بالطائرات والبراميل المتفجرة، بينما كان حسون يروّج لفكرة أن هذا القتل هو من أجل “الكرامة العربية.”

لم يتوقف أحمد حسون عند هذا الحد، بل تجاوز ذلك ليُظهر دعمه لميليشيات خارجية قاتلت في سوريا. كان يترحّم على قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، ويصفه بـ”الشهيد”، معتبرًا أن مقتله هو “خسارة كبيرة للأمة الإسلامية.” لم تكن هذه الكلمات مجرد تعبير عن الحزن لفقدان شخص، بل كانت رسالة دعم لنظام الأسد وإيران، في وقت كان فيه سليماني يشرف على تدفق الأسلحة والميليشيات الإيرانية لدعم نظام الأسد في حربه ضد الشعب السوري.

من خلال هذه التصريحات، كان حسون يرسل رسالة إلى الداخل والخارج مفادها أن أي دعم للنظام السوري، حتى لو كان من ميليشيات إرهابية مثل الحرس الثوري الإيراني، هو أمر مشروع ومبرَّر دينيًا. تحت غطاء الدين، كان أحمد حسون يقدم الفتاوى التي تشرعن قتل المعارضين للنظام، وتجعل من قتلهم واجبًا دينيًا. لم يقتصر دوره على تقديم الدعم المعنوي فقط، بل عمل على تحريض السوريين ضد بعضهم البعض، معززًا الانقسام الطائفي والعرقي. كان يصف المعارضين بـ”النواصب” و”الإرهابيين”، في وقت كان فيه المدنيون في مناطق المعارضة يعانون من القصف والتجويع. وبدلًا من أن يعمل على تخفيف هذه المعاناة، كان حسون يقدم فتاوى تشرعن القتل والتدمير.

في النهاية، يظهر أحمد حسون كأداة في يد النظام السوري أكثر من كونه رجل دين. كان يستخدم منصبه لتبرير الأعمال الوحشية التي ارتكبها النظام، محاولًا إضفاء الشرعية على القتل والتهجير والدمار في سوريا. مواقفه المساندة لبشار الأسد، دعمه لقاسم سليماني، وتقديمه فتاوى تشرعن العنف، تجعل من حسون شخصًا ليس مفتيًا بل “مفتريًا” يستخدم الدين لتحقيق أجندة سياسية وحربية.

إن تصريحاته التي تروّج لخطاب طائفي، وتنشر الكراهية بين السوريين، تؤكد أنه لا يسعى للسلام أو العدالة، بل يساهم في تعميق الجرح السوري وإطالة أمد المعاناة. وعليه، فإن حسون يجب أن يمثل أمام القضاء ويُحاسب على ما نطق به لسانه قبل أفعاله، فإذا لم تكن يداه ملطختين بالدماء، فإن لسانه كان يقطر سمًا زعافًا ضد السوريين والعالم أجمع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى