“نحن متّحدون”.. غراتس تحيي ذكرى ضحايا مجزرة المدرسة وتدعو الحكومة إلى التغيير
فيينا – INFOGRAT:
نظّمت مدينة غراتس النمساوية، يوم الأحد، فعالية تأبينية مهيبة في ساحة المدينة الرئيسية (Hauptplatz) تحت عنوان „Wir stehen zusammen“ (نحن متّحدون)، في ظل أجواء من الحزن العميق التي خيّمت على الحضور بعد المجزرة التي وقعت في مدرسة BORG Dreierschützengasse، والتي أودت بحياة تسعة طلاب ومعلمة، وأسفرت عن إصابة آخرين بجروح بالغة.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، شارك في المناسبة عدد من المسؤولين البارزين، من بينهم رئيسة بلدية غراتس إلكه كار (Elke Kahr)، وممثلو الطلاب والأهالي، إلى جانب المئات من المواطنين الذين أعربوا عن حزنهم العميق وتضامنهم.
“من لم تدمع عيناه اليوم، فليبحث عن قلبه”
بكلمات مؤثرة ومفعمة بالدموع، قالت مقدمة الحفل: “من لم تدمع عيناه اليوم، فهو من حجر”، مُلخّصة بذلك مشاعر الحزن التي سادت المدينة، والتي وصفت بأنها “سحابة سوداء غطّت وسط غراتس”.
الرئيس النمساوي: “الجاني سرق مستقبل الأطفال”
وفي رسالة عبر الفيديو، قال الرئيس النمساوي ألكسندر فان دير بيلن (Alexander Van der Bellen): “أنتم تعرفون ذلك الصوت الذي يملأ المدرسة بعد انتهاء الحصة: الجرس يرن، وفي ثوانٍ تمتلئ المباني بطاقة من الحماس… ترقب لحصة جديدة، لوجبة الغداء في البيت، للقاء الأصدقاء، لعطلة نهاية الأسبوع. المدرسة هي تمركز للأمل نحو المستقبل. لكن هذه الفاجعة غير القابلة للوصف سرقت هذا المستقبل من كثير من الطلاب والمعلمين. الجاني سرق منهم المستقبل، كما سرقه من نفسه.”
“لا توجد كلمات تواسي الآباء المفجوعين”
وحضر ألكسندر برول (Alexander Pröll)، وزير الدولة عن حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، ممثلًا عن المستشار الاتحادي، وألقى كلمة قال فيها: “بحثت طويلًا عن الكلمات المناسبة، وحتى الآن لا أجدها. كيف يمكن التعبير عن أمر لا يُستوعب؟ كيف نواسي آباء فقدوا أبناءهم؟ كيف نخاطب التلاميذ، المعلمات، الأصدقاء، الجدات والجدود؟” وأضاف مقتبسًا من الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري (Antoine de Saint-Exupéry): “أصعب بكثير أن تتحدث عن ألم الآخرين من أن تتحدث عن ألمك الشخصي. ولهذا لن أفعل.”
كلمة مؤثرة من متحدث المدرسة: “لقد أراد أن نخاف، أن نكره… لكنه فشل”
رغم كونه من بين المفجوعين، تحدث متحدث طلاب مدرسة BORG Dreierschützengasse بشجاعة عبر فيديو تم بثه في الساحة، وقال: “أعلم أن كثيرًا منكم خائفون، لا يعرفون ما الذي سيأتي. لكني أريد أن تعرفوا أنكم لستم وحدكم. نحن معًا. أقوياء.
لقد أراد أن نخاف. أراد أن نكره. أراد أن ينقسم جمعنا. لكنه فشل. لأننا نستطيع أن نعيش، لأننا أقوى. لقد انتصرنا سلفًا.”
بعد كلمته، صعد طلاب المدرسة إلى المسرح، وانضموا إلى كورال HIB Art لأداء أغنية “We Are the World”. واختتم المتحدث برسالة مباشرة إلى القيادة السياسية: “من فضلكم، أيتها الحكومة، غيروا شيئًا!”
“ساعات من القلق والخوف لا تُنسى”
وألقى ممثل الأهالي ميرزا تشانديتش (Mirza Candic) كلمة قال فيها: “نحن كآباء ارتعدنا في الساعات التي تلت الهجوم الإرهابي، في قاعة ASKÖ وأمام المدرسة، ننتظر بأمل مرتبك أن تصلنا إشارة حياة من أبنائنا. لن ننسى هذه الساعات أبدًا.”
رئيسة البلدية: “نحن مدينون لأطفالنا بالأمان”
وفي كلمتها، قالت رئيسة بلدية غراتس، إلكه كار (Elke Kahr): “128 ساعة مرّت منذ أن غيّرت جريمة عنف لا يمكن تخيلها حياة تسعة شبان ومعلمتهم إلى الأبد، وأصابت آخرين بجراح بليغة. هذه الساعات زلزلت البلاد كلها.
من الطبيعي أن نتمنى عودة الحياة إلى طبيعتها. لكن في 10 يونيو، لم تحمِ هذه الطبيعية أحدًا. أن ننظر إلى الأمام يعني أن نسأل: ماذا يجب أن يتغير؟ علينا أن نضمن لأطفالنا شعورًا بالأمان في هذا العالم. هذا أقل ما ندينهم به.”
تضامن واسع وتمويل من المدينة لضحايا الهجوم
شهدت المناسبة تأييدًا واسعًا من السكان، سواء في ساحة المدينة أو أمام المدرسة المتضررة. كما دعت جهات محلية ووطنية لمراسم تأبين في ولايات مختلفة، منها احتفال ديني مشترك في كاتدرائية غراتس يوم الثلاثاء.
وأعلنت المدينة عن تحمّلها تكاليف الدفن للضحايا، كما خصصت حسابًا مصرفيًا رسميًا لدعم المتضررين:
الحساب الرسمي للتبرعات:
المستفيد: Graz – Zusammenhalten Spenden BORG Dreierschützengasse
IBAN: AT59 1400 0009 1026 0197
شموع ودفاتر عزاء وشهادات مواساة
تم رفع الشموع مؤقتًا من ساحة المدينة لإتاحة المساحة للمراسم، على أن يُسمح مجددًا بوضعها اعتبارًا من يوم الاثنين. كما يمكن للناس التوقيع في دفتر العزاء في دار بلدية غراتس (Grazer Rathaus).



