أجواء سياسية متباينة في الأول من مايو بالنمسا.. من الاحتفال إلى الانتقاد

احتشد الآلاف في ساحة Rathausplatz في فيينا يوم الأربعاء تلبيةً لدعوة حزب SPÖ بمناسبة مسيرة الأول من أيار التقليدية بمناسبة عيد العمال، حيث عبّر كل من رئيس الحزب أندرياس بابلر (Andreas Babler) وعمدة فيينا ميشائيل لودفيغ (Michael Ludwig) عن رضاهم عن الإنجازات السياسية التي تحققت حتى الآن، لاسيما المشاركة في الحكومة، وأكدا على التزامهما بخطة الخمس سنوات المقبلة التي قد تتضمن تدابير تقشفية صارمة محتملة.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، ألقى ميشائيل لودفيغ، عمدة فيينا، كلمته أمام الآلاف من المؤيدين تحت أجواء مشمسة في ساحة Rathausplatz، مبدياً سعادته بنتائج الانتخابات الأخيرة في العاصمة، حيث أظهرت 95% من النتائج الجزئية فوز حزب SPÖ. وأكد عزمه تشكيل “حكومة محلية قوية” قبل حلول الصيف، دون أن يحدد بشكل واضح الشريك المحتمل في هذا الائتلاف، لكنه استبعد بشكل قاطع أي تحالف مع حزب FPÖ، قائلاً وسط تصفيق حار: “ليس مع هذا الحزب”.

واعتبر لودفيغ أن SPÖ تمثل ضمانة لبقاء فيينا “حصناً منيعاً ضد الأنظمة السلطوية”، مشدداً على أهمية الحفاظ على طابع المدينة كعاصمة منفتحة ومحايدة مناخياً. وحدد بعض أهدافه المستقبلية مثل تعزيز النظام الصحي ومنع الأسلحة في عموم المدينة، مذكّراً بالإنجازات على المستوى الاتحادي مثل تجميد أسعار الإيجارات وفتح باب التقاعد المبكر للعاملين في مجال الرعاية الصحية.

بابلر: SPÖ تقف إلى جانب الشعب لا أصحاب الامتيازات

خلال خطابه الختامي للمسيرة، شدد أندرياس بابلر، نائب المستشار ورئيس الحزب، على أن الحكومة الحالية المكوّنة من ÖVP وSPÖ وNEOS تمثل الخيار الأفضل مقارنةً بإمكانية تسلم FPÖ للحكم بقيادة هربرت كيكل (Herbert Kickl)، قائلاً: “كل ما عدا ذلك كان سيعني أن يكون لدينا مستشار شعبي نصّب نفسه”.

وأكد بابلر أن SPÖ لن تقف في صف أصحاب الامتيازات، بل إلى جانب “كل طفل، وكل متقاعد، وكل طالب”، موضحاً أن هدفه هو جعل البلاد مكاناً أفضل بعد إنجاز العمل السياسي المطلوب. وأعرب عن ثقته في أن وزير المالية ماركوس مارترباور (Markus Marterbauer) المنتمي للحزب سيتمكن من إصلاح الوضع المالي المتردي.

ورغم حدة الرسائل السياسية، خلت كلمات قادة SPÖ من أي هجوم مباشر على حزب ÖVP، فيما حصل بابلر على أعلى قدر من التصفيق بين الحاضرين عند ذكر اسمه من قبل لودفيغ.

اندرل: علينا إصلاح الخراب الذي خلفه الآخرون

تحدثت رينات أندرل (Renate Anderl)، رئيسة غرفة العمل، كإحدى المتحدثات الرئيسيات في الفعالية، مشيرةً إلى أن حزب SPÖ يتحمل اليوم مسؤولية إصلاح الأضرار التي سببتها الأحزاب الأخرى، وقالت: “لقد تركوا لنا كومة من الحطام علينا إزالتها بشق الأنفس”. واعترفت بأن العمل ضمن ائتلاف حكومي لا يسمح بتطبيق برنامج الحزب بالكامل، لكنه يوفر فرصة للمساهمة الفاعلة في صنع القرار.

مشاركة بارزة من قادة SPÖ الاتحاديين

شهدت الفعالية حضوراً واسعاً من قيادات الحزب، من بينهم وزراء الحكومة مثل مارترباور، وزيرة العدل آنا سبورر (Anna Sporrer)، وزيرة الشؤون الاجتماعية كورينا شومان (Korinna Schumann)، ووزير النقل بيتر هانكه (Peter Hanke)، إضافة إلى رئيس اتحاد النقابات العمالية النمساوي ولفغانغ كاتسيان (Wolfgang Katzian). وخلال دخول وفود المنظمات الفرعية إلى الساحة، لم تُرصد شعارات احتجاجية بارزة.

كايزر يودّع احتفالات عيد العمال في كارينتن

وفي الولايات النمساوية الأخرى، نظّمت فعاليات مشابهة، من بينها احتفال في ولاية كارينتن التي يحكمها الحزب نفسه. واعتبر بيتر كايزر (Peter Kaiser)، حاكم الولاية، أن احتفال هذا العام سيكون الأخير له كزعيم للحزب في الولاية، وأكد في كلمته بمدينة Völkermarkt أنه تم تحقيق الكثير في كارينتن رغم بعض الأخطاء.

FPÖ تحشد أنصارها في خيمة في لينز

في ولاية النمسا العليا، نظّم حزب FPÖ تجمعاً جماهيرياً في خيمة بمدينة لينز، حيث ألقى هربرت كيكل كلمة هجومية ضد الحكومة، قائلاً: “عارٌ عليكم… أنتم سبب المشكلات”. وأكد أن FPÖ هي الحزب الوحيد الذي يدافع عن العمال، سواء أكانوا مستقلين أم موظفين.

وجدد كيكل تعهده بأن يصبح “مستشار الشعب”، لكنه طلب من أنصاره “التحلي ببعض الصبر”، معلناً نيته وضع العراقيل أمام الحكومة في ملف جائحة كورونا، وحمّلها مسؤولية تراجع الاقتصاد للعام الثالث على التوالي. وبدوره، دعا نائب حاكم الولاية مانفريد هايمبوشنر (Manfred Haimbuchner) إلى تعبئة مبكرة استعداداً لانتخابات برلمان الولاية في عام 2027.

دعوات من SPÖ في لينز للطاقة الرخيصة

بالتوازي مع فعالية FPÖ، نظمت SPÖ في لينز تجمعاً بمشاركة ديتما براهمر (Dietmar Prammer)، عمدة المدينة، ومارتين وينكلر (Martin Winkler)، المرشح لرئاسة الحزب في الولاية. وركز وينكلر في كلمته على أهمية توفير الطاقة الرخيصة لدعم الصناعة المحلية، مشيراً إلى ضرورة بناء محطات توليد جديدة. وأيد براهمر هذه الرؤية مؤكداً الحاجة للسيطرة على التكاليف.

انتقادات في الولايات الأخرى وسياسات متباينة لباقي الأحزاب

في ولاية النمسا السفلى، عبّرت SPÖ المحلية عن ارتياحها للمشاركة الحكومية على المستوى الاتحادي، لكنها لم توفر الانتقادات للحكومة السابقة بسبب التضخم وتردي الأوضاع الاقتصادية. واعتبر ماتياس شتادلر (Matthias Stadler)، عمدة مدينة سانت بولتن، أن الحكومة السابقة “أفلست البلاد ونحن من يتحمل الآن النتائج”.

أما في ولاية شتايرمارك، فقد نُظمت بدورها تجمعات وزيارات بمناسبة عيد العمال.

مواقف باقي الأحزاب في يوم العمال

عبر حزب ÖVP عن تقديره للقوى الأمنية والعاملين في قطاع الرعاية. وزار نيكو ماركيتي (Nico Marchetti)، الأمين العام للحزب، مستشفى جامعة سانت بولتن وشكر من أسماهم “الذين يخدمون المجتمع على مدار العام”، مشيراً إلى التقدير الذي حظي به العاملون في الرعاية الصحية بعد شمولهم في لائحة الأعمال الشاقة.

من جانبه، ركّز زعيم حزب الخضر فيرنر كوغلر (Werner Kogler) على مستقبل سوق العمل، مشدداً عبر منصة X على ضرورة جعله اجتماعياً وبيئياً في آنٍ واحد، وطالب الحكومة بعدم تقليص الاستثمارات في التحول الاقتصادي.

أما حزب NEOS فقد حافظ على تقليده باعتبار 1 مايو “يوم التعليم”، حيث أعلن رئيس الكتلة البرلمانية يانيك شتي (Yannick Shetty) أن الحزب نجح منذ توليه مسؤولية حكومية في دفع عدد من الإصلاحات، منها حظر استخدام الهواتف في المدارس، ومبادرات لتقليص البيروقراطية، وزيادة التمويل لتعليم اللغة الألمانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى