أمسية فكرية في فيينا تناقش كتاب “الاستبداد وتعثر ولادة الدولة الوطنية السورية” للمحامي بسام العيسمي

فييناINFOGRAT:

في أمسية فكرية شهدت حضوراً واسعاً ضم أكثر من مئة سوري من مختلف أطياف المجتمع، أقام المركز الثقافي الاجتماعي الكردي في فيينا بالتعاون مع رابطة المرأة العربية النمساوية، مساء السبت 11 أكتوبر/تشرين الأول 2025، جلسة توقيع ومناقشة لكتاب “الاستبداد وتعثر ولادة الدولة الوطنية السورية” الصادر حديثاً للكاتب الأستاذ بسام العيسمي، وذلك في قاعة المركز الكائنة في Habichergasse 5/2، 1160 Wien.

أدار الحوار وناقش مضمون الكتاب الأستاذ نزار الموسى، فيما كتب مقدمة العمل الأستاذ أحمد الرمح الذي أكد في كلمته أن الكاتب استطاع في هذا العمل أن يضع الاستبداد في سياقه التاريخي والإنساني، مشدداً على أن “الكاتب يجب أن يتناغم مع المشترك الإنساني، فلا يمكن تبرير أي شكل من أشكال الاستبداد أو الدفاع عنه”.

مناقشة الكتاب ومضامينه

تناول الكتاب، بحسب ما عرض العيسمي خلال الأمسية، جذور الاستبداد في التاريخ السوري منذ مرحلة ما بعد الدولة العثمانية، مروراً بتجارب بناء الدولة بعد الاستقلال، وحتى تعثر قيام الدولة الوطنية الديمقراطية الحديثة. وأوضح العيسمي أن الاستبداد في سوريا لم يكن مجرد ظاهرة سياسية عابرة، بل بنية متجذرة في الاجتماع السوري حالت دون تشكّل هوية وطنية جامعة.

وأشار إلى أن الكنيسة في أوروبا مثلت نموذجاً للاستبداد في مرحلة من التاريخ، وأن فصل الدين عن الدولة كان بداية ولادة الدولة الحديثة، وهي التجربة التي لم تمر بها المنطقة العربية، مما جعل فكرة المواطنة الحقيقية بعيدة المنال. وأضاف: “لا يمكن أن توجد دولة مع الاستبداد، فالاستبداد لا يصنع دولة، بل يعيد إنتاج نفسه بأشكال مختلفة”.

وأوضح الكاتب أن غياب الهوية الوطنية السورية بعد الاستقلال، وتنازع التيارات القومية والماركسية والإسلامية، أدّيا إلى فشل مشروع الدولة الوطنية المحايدة، مؤكداً أن كتابه هذا يأتي استكمالاً لعمله السابق “ألم المخاض السوري”، الذي تناول جذور الأزمة الوطنية السورية.

نقاش الحضور ورؤية نزار الموسى

وفي مداخلته، تساءل الأستاذ نزار الموسى عن الكيفية التي يمكن بها معالجة فكرة الاستبداد، وهل استطاع العيسمي إيصال فكرته بوضوح. وأشار إلى أن الاستبداد عطّل الحياة السياسية وحوّل الدولة إلى “مزارع”، ومع ضعف المجتمع تزداد سطوته.

ورأى العيسمي أن تجاوز الاستبداد لا يمكن أن يتم إلا بإعادة إنتاج المجتمع لنفسه ووضع برنامج وطني جامع، قائلاً: “تاريخنا كله مستمد من الاستبداد، والمواطنة الحديثة يجب أن ترتكز على الأرض، لا على العقيدة أو القومية”. وأضاف أن القوى الإسلامية والقومية كانت سبباً في تعميق الانقسامات، وأن مفهوم الشعب يجب أن يشمل كل من يحمل الجنسية السورية بصرف النظر عن الانتماء الديني أو العرقي.

كما تطرّق الحوار إلى طبيعة النظام السوري الراهن، حيث ناقش العيسمي والموسى مع الحضور ما إذا كان هذا النظام يسير نحو إصلاح سياسي أو يواصل النهج الاستبدادي ذاته. وأكد العيسمي أن أي نظام لا يستند إلى خيارات شعبية حقيقية يظل استبدادياً، مضيفاً أن “الاستبداد لا يسقط إلا ببناء نقيضه الديمقراطي”.

لمحة عن الكاتب

الأستاذ بسام العيسمي باحث وأكاديمي ومحامي سوري، شغل عدة مناصب أكاديمية وإدارية. يقيم حالياً في النمسا، وله عدد من المؤلفات الفكرية والسياسية التي تناولت قضايا الدولة والمجتمع والهوية الوطنية. من أبرز كتبه السابقة: “ألم المخاض السوري” الصادر عام 2022.

مباشر لأحدث القصص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى