البرلمان النمساوي يبدأ مناقشة موازنة 2025/26 وسط انتقادات ومعركة سياسية
فيينا – INFOGRAT:
يستعد وزير المالية النمساوي ماركوس مارترباور (Markus Marterbauer) اليوم الثلاثاء لإلقاء أول خطاب موازنة له أمام البرلمان النمساوي (Nationalrat)، وذلك في جلسة مرتقبة تكشف خلالها الحكومة النقاط الأساسية لمشروع الموازنة العامة الثنائية للفترة 2025/26، في ظل أجواء مشحونة بسبب خطط التقشف المثيرة للجدل.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، من المقرر أن تبدأ الجلسة بعرض مارترباور للموازنة، على أن تتبعها مناقشات أعضاء البرلمان يوم الأربعاء، وفقًا للجدول التشريعي المعتمد.
تفاصيل الموازنة وصياغتها النهائية
حتى اللحظات الأخيرة، ظلت بعض التفاصيل المتعلقة بالموازنة غير معلنة، وهو ما يعود إلى العُرف البرلماني القاضي بإعطاء النواب الوقت الكافي لدراسة النص الكامل لقانون المالية الاتحادي الذي أعدّته الحكومة. الإطار العام للموازنة الثنائية لعامي 2025 و2026 معروف بشكل مبدئي، استنادًا إلى الاتفاق الحكومي بين أحزاب “ÖVP” (حزب الشعب النمساوي) و”SPÖ” (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) و”NEOS”.
وقد نُصّ في هذا الاتفاق على “حزمة تدابير تزيد قيمتها عن 6,3 مليارات يورو للعام 2025، و8,7 مليارات يورو للعام 2026”.
نسبة العجز تتجاوز الحدود الأوروبية
تظل نسبة العجز المالي بعيدة عن الحد الأقصى المسموح به من قبل الاتحاد الأوروبي، والمحدد بثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي (Bruttoinlandsprodukt – BIP). فقد ذكّرت المراسلات البرلمانية يوم الإثنين بأن وزارة المالية تتوقع لعجز هذا العام أن يبلغ 4,5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، متجاوزًا السقف الأوروبي.
“جهد وطني لتقليص العجز”
وأفادت وزارة المالية، في بيان صدر مطلع شهر مايو، أن الهدف يتمثل في “تنفيذ مسار لإصلاح الميزانية وخفض العجز العام المرتفع من خلال جهد وطني مشترك”. وأشار الوزير مارترباور إلى أن الوضع المالي الراهن “خطير”، مشددًا على أهمية عدم الإضرار بالاقتصاد الوطني وسوق العمل، متعهدًا باتخاذ “إجراءات تخفيفية موجّهة” لتقليل العبء عن المتضررين.
تعليق زيادات بعض الإعانات
في سياق تدابير التقشف، أُعلن مؤخرًا عن تعليق التعديلات الدورية (Valorisierungen) في “مخصصات إعالة الأطفال” (Kinderabsetzbetrag) لمدة عامين، وهو ما يمثل إجراءً استثنائيًا فرضته ضغوط التمويل العام.
وقد صرّح المستشار النمساوي كريستيان شتوكر (Christian Stocker، ÖVP) بأن “الظروف المالية الحالية تفرض اتخاذ خطوات صعبة قد يفضل المرء تجنّبها”. ومع ذلك، أعلنت الحكومة، خلال عطلة نهاية الأسبوع، أنها ستحافظ على تعديل بدل الرعاية (Pflegegeld) بما يتماشى مع التضخم، رغم سياسة التقشف.
هجوم من حزب FPÖ
وقبيل إلقاء مارترباور خطابه، وجّه حزب الحرية النمساوي (FPÖ) انتقادات لاذعة للإجراءات المُتداولة. وصرّح الأمين العام للحزب، كريستيان هافينيكر (Christian Hafenecker)، بأن الاقتطاعات في مجالات الدعم الأسري والمعاشات والرعاية الصحية والاجتماعية تمثل “فشلًا ذريعًا” للحكومة، واصفًا مشروع الموازنة بأنه “عمود عذاب مارترباور” بحق الشعب النمساوي.
كما أعلن هافينيكر عن نية حزبه تقديم لائحة اتهام وزارية ضد وزير المالية السابق ماغنوس برونر (Magnus Brunner، ÖVP)، متهمًا إياه بـ”خداع الناخبين” قبل الانتخابات البرلمانية، حيث صوّر الموازنة وكأنها مستقرة، بينما تبيّن لاحقًا أنها تخفي “كارثة مالية كبرى”. وقد أُرسل برونر مؤخرًا إلى بروكسل، في خطوة اعتبرتها المعارضة “ترقية مُقنّعة”.
مدة الخطاب المنتظر
لم تُحدد بعد مدة خطاب مارترباور المنتظر. وعلى سبيل المقارنة، فقد تحدث وزير المالية السابق ماغنوس برونر لنحو ساعة ونصف خلال عرض موازنته في أكتوبر 2023، بينما اختصر الوزير الأسبق غيرنوت بلومل (Gernot Blümel، ÖVP) خطابه في ذروة أزمة كورونا عام 2020 إلى نصف ساعة فقط.
الجدول الزمني لإقرار الموازنة
تمر الموازنة عبر مراحل تشريعية عدة قبل إقرارها النهائي. وستبدأ هذه العملية بجلسة استماع لخبراء ماليين، كما هو معتاد، في يونيو المقبل، يليها مناقشة تفصيلية لأبواب الموازنة داخل البرلمان. ومن المقرر أن يتم التصويت على قانون الموازنة المصاحب في 16 يونيو، فيما يُنتظر أن يُصادق البرلمان على الموازنة الثنائية والإطار المالي حتى عام 2029 بعد يومين من ذلك.



