التأمين الصحي في النمسا ÖGK يسعى لتقليص فترات الانتظار عبر تحفيز المرضى لزيارة أطباء الأسرة أولًا
فيينا – INFOGRAT:
ركّزت النمسا جهودها في إصلاح نظامها الصحي على مسألة توجيه المرضى (Patientenlenkung)، باعتبارها رافعة مركزية للتغلب على معضلات مثل فترات الانتظار الطويلة لدى الأطباء المتخصصين وفي العيادات الخارجية، رغم أن العديد من المرضى سيكونون في وضع أفضل إذا تلقوا الرعاية في مراحل أبكر من النظام الطبي.
وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، صرّح Andreas Huss، رئيس مجلس إدارة صندوق التأمين الصحي النمساوي (Österreichische Gesundheitskasse – ÖGK)، أن الهدف هو تشجيع المرضى على التوجه أولًا إلى الأطباء العامين بدلًا من مراجعة الأطباء المتخصصين أو العيادات الخارجية مباشرة، وأوضح أن هذا التغيير سيتم عبر أنظمة تحفيزية وليس عبر فرض إحالات ملزمة كما كان الأمر في السابق، وقال: “لا أريد الحديث عن عقوبات، بل عن أنظمة تحفيز”.
من بين هذه الحوافز المقترحة، إعفاء المريض من رسم بطاقة التأمين الصحي الإلكترونية (E-Card-Gebühr) في حال توجهه أولًا إلى طبيب الأسرة، كما طُرح خيار خفض رسوم صرف الوصفات الطبية (Rezeptgebühr).
تجارب أولية في ثلاث ولايات
من المقرر أن تبدأ تجارب على نماذج مختلفة لتوجيه المرضى في ثلاث ولايات تجريبية – يُرجّح أن تكون Steiermark، وOberösterreich، وSalzburg – إما خلال هذا العام أو بحلول عام 2026، وسيسبق تنفيذ هذه النماذج مشاورات مع حكومات الولايات وغرف الأطباء.
وأضاف Huss: “نحن عازمون بشدة على تجربة هذه الإجراءات على الأقل”، مشيرًا إلى أن النماذج المستوحاة من الدول الاسكندنافية وهولندا، سبق أن أدرجت في اتفاقية التوازن المالي (Finanzausgleich)، وكذلك ضمن البرنامج الحكومي المشترك بين أحزاب ÖVP وSPÖ وNEOS، وأكد أن المشروع لا يهدف إلى التقشف ولا يتعلق بعجز ميزانية ÖGK.
التحفيز لا يوفر أموالًا… بل يُحسن التوزيع
وأشار Huss إلى أن الإجراءات الجديدة لن توفر أموالًا بالضرورة، بل قد تُسبب تكاليف إضافية، لكنها تهدف إلى تحسين استغلال الموارد، المستشفيات بشكل خاص تشعر بالضغط وتدعم اعتماد مثل هذه الاستراتيجيات. ومن النتائج المتوقعة أن يؤدي توجيه المرضى إلى الرعاية الأولية إلى تقليص فترات الانتظار للحصول على مواعيد مع الأطباء المتخصصين.
تحليل بيانات: 60% من الحالات تبدأ من الرعاية الأولية
كشفت ÖGK عن نتائج تحليل لزيارات طبية لحوالي 50,000 مريض، أظهرت أن 60% توجهوا أولًا إلى الرعاية الأولية – أي إلى أطباء الأسرة أو أطباء النساء أو الأطفال، فقط ثلث هؤلاء احتاج لاحقًا إلى رعاية ثانوية (أطباء متخصصين أو عيادات خارجية في المستشفيات)، بالمقابل، 40% من المرضى توجهوا مباشرة إلى الرعاية الثانوية دون المرور بالرعاية الأولية.
دعم من غرفة الأطباء… وتحفظات أيضًا
نائب رئيس Ärztekammer (غرفة الأطباء)، Harald Mayer، أيّد الخطة مؤكدًا أنه كان يطالب بها منذ وقت طويل، ودعا لتوسيعها لتشمل العيادات الخارجية في المستشفيات وليس فقط العيادات التخصصية.
لكن من جهة أخرى، عبّر Edgar Wutscher، نائب رئيس الغرفة ورئيس اتحاد الأطباء الممارسين، عن استيائه من الإعلان عن الإجراءات عبر وسائل الإعلام، معتبرًا أن هناك تفاصيل لا تزال بحاجة إلى توضيح.
كذلك، انتقد حزب الحرية (FPÖ) الخطط، إذ أشار المتحدث الصحي Gerhard Kaniak إلى أن فرض إحالة إجبارية – رغم عدم وجود خطة لذلك حاليًا – “فكرة قديمة” تفترض وجود عدد كافٍ من أطباء الأسرة، وهو ما لا يتحقق حاليًا.
توسيع وحدات الرعاية الأولية (PVE)
دور كبير سيُعطى مستقبلًا لـ وحدات الرعاية الأولية (Primärversorgungseinheiten – PVE). ووفقًا لمؤتمر صحفي عقده اتحاد شركات التأمين الصحي (Dachverband der Sozialversicherungsträger)، فقد تم تأسيس 41 وحدة جديدة وتوسيع 7 قائمة خلال عام 2023، ما رفع العدد من 56 إلى 97. الهدف لعام 2024 هو الوصول إلى 120 وحدة، في حين تهدف ÖGK إلى بلوغ 300 وحدة بحلول عام 2030.
1450: الخط الساخن كأداة مركزية
كما أعلنت ÖGK عن خطط لإطلاق نظام إلكتروني للإحالة إلى فحوصات التصوير المقطعي (CT) والرنين المغناطيسي (MR)، مع أخذ الأولوية في الاعتبار – مثلاً تقديم الحالات التي يُشتبه في إصابتها بالسرطان.
وكان رئيس ÖGK، قد أعلن عن إنشاء خدمة طب عن بعد عبر الخط الساخن 1450، لتكون دليلًا للمرضى في النظام الصحي. ويأتي ذلك عقب إعلان Peter Hacker، عضو مجلس مدينة فيينا عن حزب SPÖ، عن خطط لإدارة مواعيد العيادات الخارجية عبر الرقم 1450.
خطط التوفير لمواجهة العجز
وسط عجز مالي يتجاوز 900 مليون يورو هذا العام، أوضح Hacker، يوم الأربعاء الخطوط العريضة لخطة توفير تهدف لتحقيق “صفر” في العجز العام المقبل. سيتم خفض عدد التوظيفات في الإدارة، عبر عدم تعويض نصف حالات التقاعد. كما يجري التفاوض مع الأطباء الشركاء لتحديد الخدمات الطبية التي يمكن الاستغناء عنها – مثال ذلك إيقاف تمويل تحاليل فيتامين D.
تغييرات محتملة في تمويل المستشفيات
Hacker، أشار إلى أن ثلث الاشتراكات تُحوّل إلى صناديق المستشفيات الإقليمية (Spitalsfonds)، ويطالب بأن تشارك الولايات بنسبة 50% في تطوير القطاع التخصصي. كما أشار إلى احتمال تعديل بعض التكاليف الخارجة عن سيطرة ÖGK، مثل إمكانية رفع مساهمات التأمين الصحي على المتقاعدين، لكنه أكد أن القرار النهائي بهذا الشأن سيكون بيد البرلمان.



