الجالية السورية في النمسا تتجاوز 100 ألف وتتصدّر تجنيس الأجانب لعام 2024 بعد تضاعفها تسع مرات خلال عقد
سجّلت النمسا منذ عام 2015 أكثر من 125,000 طلب لجوء من سوريين، بينما بلغ عدد أفراد الجالية السورية المقيمة على أراضيها مع بداية عام 2025 نحو 105,000 شخص، لتصبح بذلك من أبرز المجموعات اللاجئة في البلاد خلال العقد الأخير، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
لم تشهد النمسا خلال السنوات العشر الماضية تأثيرًا من أي مجموعة لاجئين يماثل تأثير اللاجئين السوريين. فمنذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، غادر عشرات الآلاف من السوريين بلادهم ولجأوا إلى النمسا، حيث باتوا يشكّلون اليوم جالية كبيرة وبارزة.
ووفق تقرير صادر عن ديوان المحاسبة النمساوي، فإن عدد طلبات اللجوء المقدمة من السوريين في عام 2015 وحده بلغ 24,547 طلبًا، أي ما يفوق مجموع الطلبات المسجّلة في الفترة ما بين عامي 2002 و2012. تجدر الإشارة إلى أن عدد طلبات اللجوء من السوريين كان شبه معدوم قبل عام 2014، حيث لم يتجاوز 77 طلبًا في عام 2005 و194 طلبًا في عام 2010، ليشهد قفزة كبيرة في عام 2014 بواقع أكثر من 7,700 طلب.
منذ ذلك الحين، تطورت الجالية السورية بشكل ملحوظ، إذ ارتفع عدد المواطنين السوريين المقيمين في النمسا من أقل من 11,300 شخص في عام 2015 إلى نحو 105,000 شخص مطلع عام 2025، ليحتلوا بذلك المرتبة السابعة في قائمة الجنسيات الأجنبية، التي تتصدرها الجالية الألمانية.
كما أظهرت بيانات Statistik Austria أن متوسط أعمار السوريين في النمسا يبلغ نحو 25.5 عامًا، ما يجعلهم من الفئات السكانية الأصغر سنًا في البلاد. ويُعزى ذلك جزئيًا إلى ارتفاع معدل الولادات، حيث يبلغ متوسط عدد الأطفال لكل امرأة سورية أو أفغانية أو عراقية 3.3، مقارنة بـ1.2 فقط لدى النمساويات.
السوريون يتصدرون عمليات التجنيس
أصبح العديد من السوريين المقيمين في النمسا مواطنين نمساويين بعد حصولهم على الجنسية. ففي عام 2024، تصدّر السوريون قائمة الجنسيات المجنّسة بواقع 2,241 حالة تجنيس، وهو العدد الأعلى بين جميع الجنسيات.
رغم ذلك، سعت الحكومات النمساوية المتعاقبة إلى الحد من حركة اللجوء، مشيرة إلى محدودية الموارد اللازمة لعمليات الدمج. وقد تم تبنّي العديد من التعديلات القانونية على قوانين اللجوء خلال السنوات الماضية، معظمها تضمّن إجراءات تقييدية.
خلال عام 2015، بلغ عدد طلبات اللجوء في النمسا 88,340 طلبًا، وهو رقم غير مسبوق، ما دفع الحكومة إلى اتخاذ إجراءات طارئة لتوفير أماكن إيواء، بما في ذلك فرض سلطة التدخل الاتحادي لتجاوز اعتراضات بعض البلديات. وفي عام 2022، واجهت البلاد وضعًا مشابهًا، ما اضطر السلطات إلى إقامة خيام طوارئ نتيجة نقص المساكن.
تدابير أمنية وتشريعية
واصلت الحكومة النمساوية تطبيق إجراءات إضافية، منها عمليات تفتيش حدودية، ونشر عناصر أمن نمساويين على “طريق البلقان”، وتسريع إجراءات البت بطلبات اللجوء ذات الفرص الضعيفة، وتمديد فترات الاحتجاز الترحيل، وفرض عقوبات أشد على مخالفات إجراءات اللجوء. وقد شملت الإجراءات الرمزية إقامة سياج حدودي في منطقة Spielfeld، وتحويل مراكز الاستقبال الأولى إلى “مراكز مغادرة” في عهد وزير الداخلية السابق Herbert Kickl (حزب FPÖ). ومن أبرز قراراته أيضًا إنشاء وكالة اتحادية مختصة برعاية اللاجئين بعد إعادة ملف الرعاية إلى الدولة.
تأثير سقوط النظام السوري
كان لسقوط نظام بشار الأسد في سوريا عام 2024 أثر كبير في تراجع أعداد طلبات اللجوء من السوريين. فقد أتاحت هذه المتغيرات للنمسا وغيرها من الدول الأوروبية تعليق النظر في ملفات اللجوء الخاصة بالسوريين، باستثناء الحالات ذات الأبعاد الإنسانية الخاصة، وخلال النصف الأول من عام 2025، تم منح اللجوء لـ172 سوريًا فقط.
قيود على لمّ الشمل
تُعتبر آخر الإجراءات الحكومية تعليق معالجة طلبات لمّ شمل العائلات لمدة ستة أشهر على الأقل، رغم استمرار قبول الطلبات. وكانت الحكومة قد فرضت منذ عام 2016 قيودًا على هذه الفئة، إذ يتعيّن على الحاصلين على حماية ثانوية الانتظار ثلاث سنوات قبل تقديم طلبات لمّ شمل، وهي قاعدة تؤثر أساسًا على الجالية الأفغانية التي تُعد ثاني أكبر مجموعة لاجئين من خارج أوروبا، ويبلغ عدد أفرادها حاليًا نحو 50,800 شخص. وعلى الرغم من أن وتيرة نموها كانت أبطأ مقارنة بالجالية السورية، فإن عدد أفرادها تضاعف ثلاث مرات منذ عام 2015، مقابل تضاعف عدد السوريين تسع مرات خلال الفترة ذاتها.



