الحكومة الانتقالية السورية برئاسة أحمد الشرع.. قطيعة مع الماضي وبداية جديدة

مقال: وسيم محمد مطاوع

تمثل الحكومة الانتقالية السورية، في ظل رئاسة أحمد الشرع، تحولًا جذريًا عن النموذج السلطوي الذي كرسته حكومات نظام الأسد لعقود. فمنذ سقوط النظام، لم تعد هناك مناطق “محررة” وأخرى “محتلة”، بل تحررت سوريا بأكملها من سلطة الاستبداد، وأصبحت المهمة الحقيقية هي إعادة بناء الدولة على أسس جديدة تعكس إرادة الشعب، وتحقق العدالة والمساواة.

وسيم محمد مطاوع
سوري مقيم في فيينا

اعتمد نظام الأسد على التمييز المناطقي والطائفي لترسيخ حكمه، فكان ينظر إلى بعض المناطق على أنها معارضة بالفطرة، وأخرى على أنها موالية، مما خلق انقسامات مجتمعية عمّقت الأزمات داخل البلاد. أما في عهد أحمد الشرع، فلن يكون هناك تصنيف مناطقي، بل ستُعامل سوريا كوحدة واحدة، حيث يكون المعيار هو المواطنة، وليس الانتماء الطائفي أو المناطقي، مما يضع حدًا للسياسات التمييزية التي كانت تُمارس في الماضي.

نحو دولة قائمة على المحاسبة والشفافية

ستقوم حكومة أحمد الشرع على مبدأ المحاسبة والشفافية، حيث لن يكون هناك مجال لاستمرار مراكز القوى التي كانت تسيطر على الدولة في العهد السابق. لن تكون الأجهزة الأمنية أداة للقمع، بل ستعمل ضمن إطار القانون لحماية المواطنين، وليس إرهابهم. كما سيكون القضاء مستقلًا بشكل حقيقي، وسيكون القانون فوق الجميع، ولن يكون هناك شخص فوق المساءلة مهما كان منصبه، مما يضمن انتهاء حقبة الإفلات من العقاب التي ميزت حكم الأسد.

الاقتصاد: من الفساد إلى التنمية العادلة

لن تكون الحكومة الانتقالية استمرارًا لاقتصاد السلب والنهب الذي ترسخ خلال حكم النظام السابق، بل ستعتمد على إعادة إعمار قائمة على التنمية الحقيقية، مع التركيز على إعادة الحقوق لأصحابها، وتعويض المتضررين، وإرساء اقتصاد يعتمد على الإنتاج والتجارة العادلة بدلًا من الاحتكار والفساد الذي كان السمة الأبرز لاقتصاد النظام السابق. كما ستسعى الحكومة إلى إقامة شراكات دولية تحقق مصالح سوريا بعيدًا عن الاستغلال السياسي الذي كان يمارسه النظام للحصول على الدعم الخارجي مقابل التنازلات السياسية.

التحديات الكبرى: إعادة الإعمار وعودة المهجرين

من أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الانتقالية أن 75% من البنية التحتية في سوريا مدمرة بالكامل، ومدن وقرى بأكملها بحاجة إلى إعادة إعمار شاملة، وهو ما يتطلب جهودًا ضخمة وتخطيطًا استراتيجيًا يمتد لسنوات. إضافة إلى ذلك، هناك 12 مليون مهجر سوري داخل البلاد وخارجها يعيشون في ظروف صعبة، ما يجعل قضية عودتهم وإعادة توطينهم من أولويات الحكومة لضمان استقرار المجتمع وإعادة بناء النسيج الاجتماعي.

مكافحة الفساد: حجر الزاوية في إعادة الثقة

الفساد الذي استشرى في ظل نظام الأسد لا يزال يشكل أحد أكبر التحديات، حيث تحول إلى شبكة مترابطة من المصالح التي نخرت مؤسسات الدولة. يتطلب القضاء عليه جهودًا جبارة لإعادة بناء المؤسسات على أسس الشفافية والمحاسبة. سيكون القضاء على الفساد حجر الزاوية في إعادة الثقة بين الشعب والدولة، وضمان توزيع عادل للموارد بعيدًا عن المحسوبيات والمصالح الشخصية.

نحو نظام ديمقراطي حقيقي

لن تكون حكومة أحمد الشرع مجرد استمرار لحكومات الأسد بوجوه جديدة، بل ستكون قطيعة تامة مع الماضي الأسود، وبداية حقيقية لسوريا الجديدة، حيث يحكمها القانون وليس الطغيان. سيكون هناك نظام ديمقراطي يضمن مشاركة جميع السوريين في اتخاذ القرار، مع ضمان حقوق الأقليات دون تمييز، مما يحقق توازنًا اجتماعيًا وسياسيًا يضع سوريا على طريق الاستقرار.

الفرق الجوهري بين الحكومة الانتقالية وحكومات الأسد

يكمن الفرق الأساسي بين الحكومة الانتقالية وحكومات الأسد في أن الأولى تعكس إرادة الشعب وتعمل لخدمته، بينما كانت الثانية مجرد أداة لحماية سلطة فردية قائمة على القمع والفساد. وبينما اعتمد نظام الأسد على ترهيب المواطنين للبقاء في السلطة، فإن حكومة أحمد الشرع تستمد شرعيتها من إرادة الشعب، مما يجعلها قادرة على تحقيق التغيير الفعلي وإعادة بناء سوريا على أسس العدالة والحرية والكرامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى