الحكومة النمساوية الائتلافية تحتفل بـ 100 يوم من الاستقرار وسط تحديات اقتصادية

احتفلت الحكومة الائتلافية ذات الألوان الأسود والأحمر والوردي في النمسا بمرور 100 يوم على توليها السلطة يوم الثلاثاء، حيث نجحت في إعادة الاستقرار إلى السياسة الداخلية وسط ظروف صعبة. ورغم التحديات الاقتصادية والميزانية المتعثرة، استطاعت هذه الحكومة الثلاثية – المكونة من حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، الحزب الاشتراكي النمساوي (SPÖ)، وحزب NEOS – تنفيذ إصلاحات مالية بسرعة وسلاسة غير متوقعة، مع بقاء العديد من نقاط الخلاف قائمة بين الأطراف.

وبحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA)، كانت هذه الحكومة الائتلافية، التي تضم ثلاثة شركاء أيديولوجيين مختلفين في العديد من المجالات، ليست نتيجة تفاهم أو توافق محب، بل جاءت بعد محاولتين، حيث توصلت الأحزاب إلى اتفاق بسبب عدم وجود بدائل أخرى، وكان من المتوقع أن يكون مجال عملها محدوداً نظراً للحاجة الملحة لتصحيح ميزانية الدولة دون الإضرار بالاقتصاد الضعيف الذي يشهد سنتها الثالثة من الركود.

على الفور، شرعت الحكومة في العمل بعد ثلاثة أيام فقط من تأديتها اليمين الدستورية في الثالث من مارس. فقد أقر البرلمان النمساوي (Nationalrat) حزمة من الإجراءات الكبرى لتقويم الميزانية، تضمنت زيادة رسوم البنوك وإلغاء إجازة التعليم (Bildungskarenz)، بالإضافة إلى فرض تجميد جزئي لزيادة الإيجارات، وهو مطلب أساسي للحزب الاشتراكي. وتبعتها إجراءات أخرى مثل التوقف عن منح حق لم شمل العائلات التي دفع بها حزب الشعب، بالإضافة إلى تدابير قدمها حزب NEOS في مجال التعليم مثل إنشاء صفوف توجيهية، وحظر استخدام الهواتف المحمولة، وتعزيز تعليم اللغة الألمانية.

تعتمد الحكومة على مبدأ “عيش ودع غيرك يعيش” في إدارة شؤونها، حيث تتولى كل حزب من الأحزاب الثلاثة تحديد الموضوعات الأسبوعية كنوع من “التحكم في الرسائل” بين الشركاء. وكان من اللافت والمفاجئ النجاح النسبي في إظهار الوحدة بين الأحزاب الثلاثة في العلن، بعد أن كانت المفاوضات الائتلافية الأولى قد انتهت بفشل وتبادلت خلالها الأطراف انتقادات حادة علنية.

برز في هذه الحكومة أسلوب براغماتي يتمثل في المستشار الاتحادي كريستيان ستوكر (Christian Stocker) من حزب الشعب، الذي تولى المنصب صدفة بعد فشل المحادثات الأولى، حيث كان من المقرر أن يقود حزبه تحالفاً مع حزب الحرية النمساوي (FPÖ). كما فاجأ الاقتصادي اليساري ماركوس مارتر باور (Markus Marterbauer) الجميع كوزير للمالية، حيث تحوّل من خصم صناعي متوقع إلى واحد من أكثر الوزراء شعبية في الحكومة خلال أسابيع قليلة.

رغم ذلك، لم تنجح الحكومة حتى الآن في إحداث حالة من التفاؤل أو الحماس الشعبي، إذ بقيت نسب التأييد للأحزاب الثلاثة ثابتة ومنخفضة نسبياً في استطلاعات الرأي. كما تعرضت حكومة NEOS لانتقادات بسبب اختيار الأمين العام جوزيف شيلهورن (Josef Schellhorn) سيارة فاخرة للخدمة، فيما لم تؤثر الاتهامات ضد رئيس كتلة حزب الشعب أو تحركات المستشار على المستوى الأوروبي في تقويض التوافق الائتلافي.

أما الخلافات التي لا تزال مؤجلة فهي حول مراقبة تطبيقات المراسلة الفورية (Messenger-Überwachung)، حيث اتفق الائتلاف على حل “متوافق مع الدستور”، لكن حزب NEOS يرى أن مشروع القانون المقدم من حزب الشعب لا يتوافق مع ذلك. كما تظل إصلاحات المساعدات الاجتماعية، وخفض النفقات، محور توترات محتملة في المستقبل، خاصة مع وجود أولويات حزبية كثيرة تحت بند “الميزانية المشروطة” التي قد تتطلب قرارات صعبة بشأن تمويلها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى