الحكومة النمساوية الجديدة تؤكد استعدادها للتوافق في أول ظهور إعلامي
فيينا – INFOGRAT:
أدت أول حكومة ائتلافية ثلاثية في تاريخ النمسا اليمين الدستورية يوم الاثنين في Hofburg، حيث اجتمعت الأحزاب الثلاثة الحاكمة – حزب الشعب النمساوي (ÖVP)، والحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPÖ)، وحزب NEOS – لتشكيل تحالف جديد. وخلال أول مقابلة لهم مع قناة ORF، ناقش المستشار الفيدرالي كريستيان ستوكر (ÖVP)، ونائب المستشار أندرياس بابلر (SPÖ)، ووزيرة الخارجية بيآته ماينل-رايسينغر (NEOS)، الخطوط العريضة لبرنامجهم الحكومي المكون من 211 صفحة، مؤكدين على أهمية القدرة على التوصل إلى حلول وسط.
من ائتلاف “الضوء المروري” إلى تحالف الضرورة
حصل التحالف الثلاثي الجديد على ألقاب مثل “ائتلاف الحلوى” أو “Ömpel” (وهو دمج بين ÖVP وAmpel، أي “إشارة مرور”)، لكن القادة الثلاثة رفضوا إطلاق أي تسمية رسمية على الحكومة، مفضلين التركيز على “فعل الشيء الصحيح”، كما كرر ستوكر شعار البرنامج الحكومي، وقالت ماينل-رايسينغر: “ما قدمناه ليس مجرد حلول وسط، بل هو برنامج مليء بالحلول”.
أكد ستوكر أنه لم يكن يتوقع أن يصبح مستشارًا في رأس السنة الجديدة، لكنه كان مقتنعًا بإمكانية تشكيل الائتلاف. كما أوضح أن عودة المستشار السابق كارل نيهامر (ÖVP) لم تكن مطروحة، حيث قرر الأخير تغيير مساره المهني.
مواقف متباينة ولكن رؤية موحدة
على الرغم من فشل المفاوضات الأولى بين الأحزاب الثلاثة في يناير، أشار قادة الائتلاف إلى أن الظروف تغيرت الآن، فقد قالت ماينل-رايسينغر إن NEOS انسحب في البداية بسبب معطيات مختلفة، لكنها الآن رأت إمكانية تحقيق توافق.
وعن الانتقادات التي طالت بابلر بعد انهيار المحادثات الأولى، أوضح أنه يقبل جميع الآراء لكنه يركز الآن على المستقبل، مشيرًا إلى أن عملية التفاوض كانت ضرورية للوصول إلى الاتفاق الحالي، أما ستوكر، فأكد أنه لا يندم على المفاوضات التي أجراها مع حزب الحرية النمساوي (FPÖ)، مضيفًا: “أحيانًا يجب المرور بجميع فصول القصة حتى يكون السياق متكاملاً”.
التحديات الخارجية والحياد النمساوي
من بين القضايا الملحة التي تواجه الحكومة الجديدة، تأتي العلاقات الأوروبية مع الولايات المتحدة في ظل رئاسة دونالد ترامب، والحرب الروسية في أوكرانيا. وأقرت وزيرة الخارجية الجديدة، ماينل-رايسينغر، بأن منصبها يمثل تحديًا كبيرًا، لكنها تعتمد على كفاءة فريق وزارة الخارجية.
وأكد كل من ستوكر وبابلر التزام النمسا بسياسة الحياد، رغم بعض الأصوات داخل حزب NEOS التي تشكك في فاعليته، واستشهد ستوكر بالدور الذي تلعبه الاتحاد الأوروبي في توفير الحماية للنمسا، مشيرًا إلى ضرورة تعزيز الجيش النمساوي ورفع ميزانية الدفاع إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2032.
الميزانية والتدابير التقشفية
مع وجود عجز كبير في الميزانية، تعهدت الحكومة الجديدة بتجنب فرض إجراءات تقشف قاسية مع العمل على تحقيق التوازن المالي، وأكد ستوكر: “نهدف إلى تفادي إجراءات العجز، ولدينا خطط تشمل تنازلات من جميع الأحزاب”.
من بين التدابير المثيرة للجدل التي اتفق عليها الائتلاف:
- إلغاء مكافأة المناخ (Klimabonus).
- تقليص نظام الإجازة التعليمية.
- وضع ضوابط أكثر صرامة على الهجرة، لا سيما من خلال وقف لمّ شمل الأسر على الفور، رغم التساؤلات القانونية حول مدى توافق ذلك مع قوانين الاتحاد الأوروبي.
وفي هذا الصدد، أكد ستوكر: “نحن مضطرون لاتخاذ إجراءات واقعية، ولا يمكننا إيهام المواطنين بأن كل شيء على ما يرام بينما الواقع مختلف”.
حكومة تستمر لأربع سنوات؟
فيما يتعلق بمستقبل التحالف، شدد القادة الثلاثة على التزامهم بإكمال الدورة التشريعية، حيث صرّحت ماينل-رايسينغر بأن العديد من التدابير تم تصميمها لتستمر حتى بعد هذه الحكومة، في حين أضاف بابلر: “هدفنا هو التعاون لمدة خمس سنوات”.أما ستوكر، البالغ من العمر 65 عامًا، فأكد أنه لا ينوي التقاعد مبكرًا، مشيرًا إلى أن الائتلاف ذاته يدعم استمرار العمل في الشيخوخة، مما يعني أنه سيطبق ما ورد في البرنامج الحكومي على نفسه أيضًا.



