الحكومة النمساوية تتفق على إنشاء نيابة عامة فيدرالية بقيادة ثلاثية مستقلة
فيينا – INFOGRAT:
توصلت الحكومة النمساوية إلى اتفاق حول إنشاء نيابة عامة فيدرالية، بعد مفاوضات مطوّلة بين أحزاب ÖVP وSPÖ وNEOS، وذلك خلال جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت يوم الأربعاء في فيينا، وسيتم تشكيل هذه الهيئة من لجنة ثلاثية متساوية الصلاحيات تُنتخب لمدة ست سنوات، على أن يُعرض مشروع القانون الخاص بها في الخريف، بحسب وكالة الأنباء النمساوية (APA).
قررت الحكومة النمساوية، المكوّنة من أحزاب ÖVP (حزب الشعب النمساوي)، SPÖ (الحزب الاشتراكي الديمقراطي) وNEOS، إنشاء “Bundesstaatsanwaltschaft” (النيابة العامة الفيدرالية)، وهي هيئة جديدة ستتولى مستقبلاً الإشراف الأعلى على النيابات العامة بدلاً من وزير أو وزيرة العدل، كما هو معمول به حالياً.
وقالت وزيرة العدل Anna Sporrer (عن SPÖ) خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماع مجلس الوزراء: «من المرجح أن أكون آخر وزيرة عدل لها سلطة إصدار التعليمات، وهذا أمر جيد».
سيتم تشكيل القيادة العليا للنيابة الفيدرالية من لجنة مكونة من ثلاثة أعضاء متساوين في الصلاحيات، يتم انتخابهم من قبل البرلمان الاتحادي (Nationalrat) بناءً على اقتراح من لجنة مختصة تُنشأ في وزارة العدل. وبعد ذلك، يعيّن رئيس الجمهورية أعضاء اللجنة بناءً على ترشيح الحكومة الاتحادية.
تفاصيل الإشراف البرلماني لا تزال غير واضحة
حتى الآن، لا تزال الآلية التي سيتم من خلالها مراقبة عمل النيابة الفيدرالية من قبل البرلمان غير محددة بدقة. إلا أنه تم التأكيد على أن هذه المراقبة لن تشمل التحقيقات الجارية، للحفاظ على استقلال القضاء وسرية الإجراءات.
وصفت رئيسة حزب NEOS، Beate Meinl-Reisinger، وسكرتير الدولة Alexander Pröll (من حزب ÖVP) الخطوة بأنها “علامة فارقة في سيادة القانون” بعد سنوات من النقاشات والمفاوضات. وكشفت مصادر حكومية أن الوصول إلى هذا الاتفاق تم بعد مداولات استمرت حتى ساعات متأخرة من الليل عشية انعقاد مجلس الوزراء. ورغم ذلك، لا تزال هناك العديد من التفاصيل التي تحتاج إلى بلورة خلال الأشهر المقبلة.
عرض المشروع على مرحلة “Begutachtung” في الخريف
أعلنت وزيرة العدل Sporrer أن مشروع القانون سيتم تقديمه في الخريف لمرحلة Begutachtung (المراجعة الرسمية)، حيث ستتم دعوة البرلمان وخبراء في القانون للمساهمة في صياغته. وأكدت أن العملية ستتم بحذر وانفتاح، لكن لم تؤكد ما إذا كان من الممكن اعتماد القانون قبل نهاية العام.
ولضمان تمرير القانون، تسعى الحكومة إلى كسب تأييد حزب Grünen (الخضر) وحزب FPÖ (حزب الحرية). وتشير التقديرات إلى أن فرص الدعم من الخضر أكبر، لاسيما أن وزيرة العدل السابقة Alma Zadic (عن حزب الخضر) كانت قد دفعت في الحكومة السابقة باتجاه إنشاء نيابة عامة مستقلة، لكنها لم تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع حزب ÖVP آنذاك، رغم وجود مسودة مقدمة من مجلس الوزراء في تلك الفترة.
اعتراضات من القضاء الأعلى
عبّر رئيس المحكمة العليا (OGH)، Georg Kodek، عن تحفظه تجاه فكرة اللجنة الثلاثية، وقال إن الادعاء بأنها ستكون أقل عرضة للتأثير مقارنة بشخص واحد ليس مبرراً مقنعاً. واعتبر Kodek أن تبني نموذج قيادة جماعية هو “قرار متسرع” و”مؤسف”، مشيراً إلى أن هذه الصيغة تكاد تكون فريدة على الصعيد الدولي.
كما أعربت Margit Wachberger، رئيسة النيابة العامة العليا (Generalprokuratur)، عن تحفظات مشابهة. وقالت في حديث إذاعي إن إنشاء لجنة ثلاثية مستقلة يعني عملياً فصلها عن إدارة المؤسسة. وأضافت أنه لو تم إنشاء النيابة الفيدرالية داخل إطار النيابة العامة العليا، لكانت هي المسؤولة تنظيمياً، في حين تتخذ اللجنة الثلاثية القرارات الموضوعية.
وأوضحت Wachberger أن الهيكل الحالي للسلطة القضائية في النمسا يعتمد على مبدأ التنظيم الأحادي (monokratisch)، حيث لكل نيابة أو محكمة رئيس واحد، ما يضمن كفاءة إدارية واقتصاداً في النفقات.
نقاط إيجابية في المشروع
ورغم التحفظات، أكدت Wachberger وجود عناصر إيجابية في مشروع الحكومة، منها إنشاء هيئة مستقلة وخالية من التوجيهات السياسية، وتكليف خبراء ذوي خبرة طويلة باتخاذ القرارات الرئيسية.



